"الحنين".. شعار الدورة الاستثنائية لأيام قرطاج السينمائية

أكثر من 120 فيلما من تونس ومصر وسوريا والسودان ودول أفريقية سيتم عرضها في أيام قرطاج السينمائية من بينها 34 فيلما طويلا و35 قصيرا.
الخميس 2020/12/10
إلغاء المسابقة الرسمية للمهرجان فرضته الجائحة

تنطلق أيام قرطاج السينمائية في دورتها الحادية والثلاثين في الـ18 من ديسمبر الجاري في نسخة “استثنائية” يسعى المنظمون من خلالها لتوجيه رسالة أمل للقطاع الثقافي في تونس الذي خنقته جائحة كوفيد – 19.

تونس- تحتضن تونس في الفترة الممتدة بين الثامن عشر من ديسمبر الجاري وحتى الثالث والعشرين منه الدورة الحادية والثلاثين من مهرجان أيام قرطاج السينمائية، بمشاركة أكثر من 120 فيلما محليا وأجنبيا، تحت شعار “دورة الحنين”.

وقال رضا الباهي مدير المهرجان السينمائي إن “قرار تنظيم الدورة الجديدة لا يأتي من باب العناد أو اللاوعي ولكن حبا للحياة، والثقافة التي أثبتت أنها أنجع حصن يقينا من الجهل والتعصب”.

وأشار الباهي إلى أن الدورة الجديدة “استثنائية في ظرف استثنائي” وتقام تحت شعار “احمي روحك (احمِ نفسك) واترك الباقي على أيام قرطاج السينمائية”.

وكان مقرّرا إطلاق المهرجان في السابع من نوفمبر الماضي، لكنه أرجئ بسبب فايروس كورونا المستجد الذي أرغم على تأجيل أو إلغاء أكثر من 700 حدث ثقافي آخر في البلاد.

وتخطّت تونس البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة عتبة مئة ألف إصابة بكوفيد – 19، فيما تجاوز عدد الوفيات 3500 منذ بدء الجائحة في مارس الماضي. وألقت الجائحة بثقلها على هذا الحدث السينمائي العربي الأفريقي الذي دأبت تونس على تنظيمه منذ 1966.

فقد أعلن المنظمون “إلغاء المسابقة الرسمية هذا العام”، المكرّسة عادة للمخرجين العرب والأفارقة وتضّم أفلاما روائية ووثائقية طويلة وقصيرة، تتنافس للفوز بجائزة التانيت الذهبي.

رضا الباهي: قرار تنظيم الدورة الجديدة لا يأتي من باب العناد، ولكن حبا للحياة
رضا الباهي: قرار تنظيم الدورة الجديدة لا يأتي من باب العناد، ولكن حبا للحياة

وتُتّخذ تدابير وقائية خلال المهرجان، ففي مجمع مدينة الثقافة وسط العاصمة حيث أبقى المنظمون على حفلي الافتتاح والاختتام، يتعيّن على المشاركين تفادي التوقف خلال المرور على السجادة الحمراء. كذلك، ستفرض تدابير وقائية مشدّدة تشمل التباعد الجسدي وفرض وضع الكمامة على الجميع.

ورغم أن الحدث متاح للجميع، فإن عدد الحاضرين سيكون محدودا خلال التظاهرة التي كانت تستقطب سنويا قبل الجائحة جمهورا غفيرا.

ويُفتتح المهرجان الذي يستمر ستة أيام، بستة أفلام قصيرة مستوحاة من أفلام تونسية طويلة تركت أثرها في المهرجان من 1966 وإلى 2019، من إنتاج المركز الوطني التونسي للسينما والصورة العام 2020.

وتتمثل هذه الأفلام في “المصباح المظلم في بلاد الطرنني” من إخراج طارق الخالدي، و”الوقت الذي يمر” من إخراج سنية الشامخي، و”على عتبات السيدة” من إخراج فوزي الشلي، و”ماندا” من إخراج هيفل بن يوسف، و”سوداء 2″ من إخراج الحبيب المستيري، و”السابع” من إخراج علاء الدين أبوطالب.

ودرج المنظمون على استقبال عدد كبير من نجوم السينما والعاملين في مجال الفن السابع وهواة الشاشة الكبيرة، يأتون إلى تونس العاصمة لحضور فعاليات المهرجان العريق الذي يستمر عشرة أيام.

ويُعرض في الحدث أكثر من 120 فيلما من تونس ومصر وسوريا والسودان ودول أفريقية، تشمل 34 فيلما طويلا، و35 قصيرا و14 فيلما مكرما، و20 من سينما المدارس و7 أفلام نوستالجيا وغيرها. وتقرّر تقديم مواعيد عروضها المسائية في 16 صالة بسبب حظر التجول.

وأعلنت السلطات التونسية، الأحد، تمديد حظر التجول الساري منذ أكتوبر الماضي للحد من تفشي الوباء حتى 30 ديسمبر الجاري في كل أنحاء البلاد.

ومن أبرز المحطات التي يشهدها المهرجان عرض فيلم “الرجل الذي باع ظهره” للتونسية كوثر بن هنية الذي سيمثل تونس للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، والذي يصوّر التلاقي العنيف بين عالمي اللاجئين والفن المعاصر.

وتروي بن هنية في عملها الجديد قصة سام علي الذي لم يولد “في الجهة المناسبة من العالم”، إذ هو شاب سوري اضطر بعد تعرّضه للتوقيف اعتباطيا إلى الهرب من بلده سوريا الغارق في الحرب، وأن يترك هناك الفتاة التي يحبها ليلجأ إلى لبنان.

ولكي يتمكّن سام (أّدى دوره الممثل يحيى مهايني) من السفر إلى بلجيكا ليعيش مع حبيبته فيها، يعقد صفقة مع فنان واسع الشهرة، تقضي بأن يقبل بوشم ظهره وأن يعرضه كلوحة أمام الجمهور ثم يباع في مزاد، ممّا يفقده روحه وحريته.

واستوحت بن هنية فيلمها من أعمال الفنان البلجيكي المعاصر ويم ديلفوي الذي رسم وشما على ظهر رجل وعرض العمل للبيع.

المهرجان يكرّم التونسيين سلمى بكار وعبداللطيف بن عمار، والمصري عبدالعزيز مخيون والموريتاني ميد هوندو

وعرض الفيلم وهو من بطولة الممثل الكندي من أصل سوري يحيى مهايني والممثلة الفرنسية ديا ليان كما شاركت فيه الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي، لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي قبل أن يحصد العديد من الجوائز لاحقا في مهرجانات مختلفة حول العالم.

ومن بين الأفلام التي ستعرض لأول مرّة يحضر فيلم “ليلة الملوك” لفليب لاكوت من ساحل العاج وفيلم “الهربة” للتونسي غازي الزغباني، علاوة على فيلم “200 متر” للمخرج الفلسطيني أمين نايفة.

ويحكي “200 متر” قصة عائلة فلسطينية فرّقها الجدار الذي أقامته إسرائيل، ليسكن الأب مصطفى في الجانب الفلسطيني، والأم والأبناء في الجانب الإسرائيلي، وفي أحد الأيام يدخل أحد الأبناء المستشفى وهو لا يبعد سوى 200 متر عن والده، إلاّ أن وجود الحاجز فرض تحديا كبيرا على الزوجين، حيث منع الأب من الوصول إليه، لتتحوّل رحلة الـ200 متر القصيرة جدا إلى معاناة كبيرة، أشبه بأوديسا مُفزعة. ومن هناك ينطلق الأب في رحلة مليئة بالأهوال والمخاطر ليصل إلى ابنه في أوديسا تتحوّل فيها مسافة المئتي متر إلى “ألفي كيلومتر”.

والفيلم الذي سيمثل بدوره الأردن في المنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي من بطولة علي سليمان ولنا زريق وغسان عباس ومعتز ملحيس وسامية قزموز بكري وآنا أونتربيرجر.

وتشمل أيام قرطاج السينمائية عرض أفلام في خمسة سجون تونسية بحضور نحو 12 ألف سجين، بتنظيم مشترك بين إدارة المهرجان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب ووزارة العدل التي تشرف على السجون في تونس. وقرّرت إدارة المهرجان تكريم السينمائية التونسية سلمى بكار، والمصري عبدالعزيز مخيون، والتونسي عبداللطيف بن عمار والموريتاني ميد هوندو.

16