أيام قرطاج السينمائية "نقطة ضوء" لقطاع ثقافي استنزفته كورونا

تونس – يسعى منظمو أيام قرطاج السينمائية إلى توجيه رسالة أمل للقطاع الثقافي في تونس الذي خنقته جائحة كورونا من خلال رسم فلسفة جديدة للدورة الحادية والثلاثين التي تنطلق في 18 ديسمبر، في نسخة "استثنائية".
وقال رضا الباهي مدير المهرجان السينمائي خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن "قرار تنظيم الدورة الجديدة لا يأتي من باب التعنت أو اللاوعي ولكن حبا للحياة والثقافة التي أثبتت أنها أنجع حصن يقينا من الجهل والتعصب".
وأشار الباهي إلى أن الدورة الجديدة "استثنائية في ظرف استثنائي" وتقام تحت شعار "احمي روحك (احم نفسك) واترك الباقي على أيام قرطاج السينمائية".
وكان مقررا إطلاق المهرجان في السابع من نوفمبر، لكنه أرجئ بسبب فايروس كورونا المستجد الذي أرغم على تأجيل أو إلغاء أكثر من 700 حدث ثقافي آخر في البلاد، بحسب السلطات التونسية.
وتخطّت تونس البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة عتبة مئة ألف إصابة بكوفيد - 19، فيما تجاوز عدد الوفيات 3500 منذ بدء الجائحة في مارس. وألقت الجائحة بثقلها على هذا الحدث السينمائي العربي الأفريقي الذي دأبت تونس على تنظيمه منذ 1966.
وأعلن المنظمون "إلغاء المسابقة الرسمية هذا العام"، المكرسة عادة للمخرجين العرب والأفارقة وتضّم أفلاما روائية ووثائقية طويلة وقصيرة، تتنافس للفوز بجائزة التانيت الذهبي.
وستُتخذ تدابير وقائية خلال المهرجان، ففي مجمع مدينة الثقافة وسط العاصمة حيث أبقى المنظمون على حفلي الافتتاح والاختتام، يتعيّن على المشاركين تفادي التوقف خلال المرور على السجادة الحمراء. كذلك، ستفرض تدابير وقائية مشددة تشمل التباعد الجسدي وفرض وضع الكمامة على الجميع.
ورغم أن الحدث متاح للجميع، فإن عدد الحاضرين سيكون محدودا خلال التظاهرة التي كانت تستقطب سنويا قبل الجائحة جمهورا غفيرا.
ويُفتتح المهرجان الذي يستمر ستة أيام، بستة أفلام قصيرة مستوحاة من أفلام تونسية طويلة، من إنتاج المركز الوطني التونسي للسينما والصورة العام 2020 اعتبرها المنظمون "احتفاء بأفلام طويلة تركت أثرا عميقا في تاريخ المهرجان".
وحفل الافتتاح سيشهد تكريما خاصا للممثل المصري القدير عبدالعزيز مخيون لعطائه اللا محدود للسينما من خلال عدد من الأعمال السينمائية التي كتبت تاريخ أيام قرطاج السينمائية.
ودرج المنظمون على استقبال عدد كبير من نجوم السينما والعاملين في مجال الفن السابع وهواة الشاشة الكبيرة، الذين يقدمون إلى تونس العاصمة لحضور فعاليات المهرجان العريق الذي يستمر عشرة أيام.
ويُعرض في الحدث الذي يستمر حتى 23 ديسمبر، حوالي 120 فيلما من بلدان عدة بينها تونس ومصر وسوريا والسودان ودول أفريقية. وتقرر تقديم مواعيد عروضها المسائية في 16 صالة بسبب حظر التجول.
وأعلنت السلطات التونسية الأحد تمديد حظر التجول الساري منذ أكتوبر للحد من تفشي الوباء حتى 30 ديسمبر في كل أنحاء البلاد.
ومن أبرز المحطات التي يشهدها المهرجان عرض فيلم "الرجل الذي باع ظهره" للتونسية كوثر بن هنية المرشح لجائزة الأوسكار، والذي يصوّر التلاقي العنيف بين عالمي اللاجئين والفن المعاصر.
ومن بين الأفلام التي ستعرض لأول مرّة "200 متر" للمخرج الفلسطيني أمين نايفة و"ليلة الملوك" لفليب لاكوت من ساحل العاج و"الهربة" للتونسي غازي الزغباني.
وتشمل أيام قرطاج السينمائية عرض أفلام في خمسة سجون تونسية بحضور نحو 12 ألف سجين، بتنظيم مشترك بين إدارة المهرجان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب ووزارة العدل التي تشرف على السجون في تونس. واستحدث المهرجان إذاعة خاصة لتغطية فعالياته، في سابقة على صعيد هذا الحدث.
وفي ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها تونس على جميع الأصعدة تتيح السينما لعشاقها فسحة من الزمن للعودة إلى الوراء من خلال عدد من الأفلام في أقسام مختلفة، منها مختارات الأفلام الروائية الطويلة أو القصيرة ونوستالجيا والتانيت التونسي ورؤى، إلى جانب أقسام أخرى ستحجز أماكنها في الذاكرة السينمائية.
وستسند الأيام السينمائية في اختتام الدورة تانيتا خاصا بالشاذلي القليبي تقديرا واعترافا بما قدمه للثقافة التونسية والعربية وهو المناضل من أجل تأسيس الفكر الحر والمدافع عن المبدعين وإنتاجاتهم.