أمير الكويت يستأنس بخبرة صباح الخالد لإدارة الأزمة وتطويق الصراعات

انطلاق مبكر للمناكفات السياسية حول عودة مرزوق الغانم لرئاسة البرلمان.
الأربعاء 2020/12/09
الاقتصاد أولا

إعادة تكليف رئيس الوزراء الكويتي المستقيل الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح بتشكيل الحكومة الجديدة هي من قبيل اختصار الوقت في معالجة الأزمة الاقتصادية والصحية التي يعرف الرئيس المكلّف تفاصيلها والحلول المقترحة لها. لكنّها أيضا محاولة للاستثمار في خبرة الشيخ صباح الخالد في إدارة العلاقة المعقّدة بين الحكومة والبرلمان والتي ظهرت بوادرها سريعا من خلال تهديد أحد النواب باستجواب مرشّح لمنصب وزاري في حال حصوله على ذلك المنصب.

الكويت - أعاد أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الثلاثاء، تكليف الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح بتشكيل الحكومة الجديدة، ليكون بذلك قد اختار الحفاظ على خيط واصل بين الحكومتين المستقيلة والقادمة حرصا على الاستمرارية في العمل الحكومي الذي ستنصبّ الجهود من خلاله، وبشكل رئيسي، على معالجة الأزمة المالية والصحية، التي يلمّ رئيس الحكومة المعاد تكليفه بتفاصيلها.

وجاءت إعادة التكليف إثر انتخاب برلمان جديد لا يبدو أن تركيبته التي تضمّ عددا كبيرا من المعارضين ستحقّق الوفاق المنشود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ما سيجعل “إدارة الصراع” بين مجلس الوزراء ومجلس الأمّة ضمن مهام الشيخ صباح الخالد ذي الخبرة السابقة في تطويق الصراعات وإيجاد حلول توافقية لها.

فقد كان الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قد اختاره في نوفمبر 2019 لقيادة الحكومة لتجاوز أزمة حادّة كانت قد نتجت عن خلافات داخل حكومة الشيخ جابر المبارك الصباح وأفضت إلى تقديمه استقالته.

وقد نجح الشيخ صباح الخالد بالفعل في الوصول بحكومته إلى نهاية مدّتها القانونية رغم اشتباكها في أكثر من مرّة مع البرلمان الذي تمكّن بدوره من إكمال فترته وصولا إلى الانتخابات التي جرت في الخامس من ديسمبر الجاري.

ويبلغ رئيس الوزراء الكويتي المكلّف سبعة وستين عاما ودخل العمل الحكومي من بوابة الدبلوماسية حيث شغل منصب ملحق دبلوماسي في وزارة الخارجية، ليتولّى لاحقا منصب وزير للشؤون الاجتماعية والعمل، ثم منصب وزير للإعلام، فنائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للخارجية وهو المنصب الذي استمر فيه حتى استقالة الحكومة الخميس الماضي.

وجاء في مرسوم أميري نشرته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية كونا القول “يُعين سمو الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح رئيسا لمجلس الوزراء، ويُكلف بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة وعرض أسمائهم علينا لإصدار مرسوم تعيينهم”.

وكان أمير البلاد قد قَبل استقالة الشيخ صباح الخالد التي قدمها الأحد، في خطوة دستورية بعد تشكيل مجلس الأمّة الجديد.

ووفق المادة الـ57 من الدستور الكويتي يعاد تشكيل الوزارة عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الأمة.

وأظهرت الانتخابات البرلمانية، التي جرت في الكويت السبت الماضي، دخول 31 وجها جديدا للبرلمان بنسبة تغيير بلغت 62 في المئة، مع غياب تام للمرأة.

تمكّن المعارضة من تشكيل كتلة وازنة في البرلمان الجديد سيجعل الحكومة رهن مزاجية النواب وحساباتهم

ومكّنت الانتخابات عددا هامّا من ذوي المواقف المعارضة من إسلاميين وغيرهم من الوصول إلى قبّة البرلمان، التي ينتظر أن تشهد خلال الفترة القادمة سجالات حادّة بين النواب وأعضاء الحكومة، خصوصا في ظل الأزمة المالية التي يحمّل معارضون السلطة التنفيذية مسؤوليتها ويتهمونها بهدر المال العام وبعدم الجدية في التعاطي مع ظاهرة الفساد.

ويواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزا يبلغ 46 مليار دولار هذا العام بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط. ومن المتوقع أن تعطي الحكومة أولوية لتمرير قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 20 مليار دينار (65.7 مليار دولار) على مدى 20 عاما والذي رفضه البرلمان السابق.

وسبق أن عطلت البرلمانات المتعاقبة خططا حكومية كانت تهدف إلى إصلاح الاقتصاد وتقليل الدعم الحكومي والحد من اعتماد المواطنين عليه، وذلك بدفع من المواقف الشعبوية للنواب المحكومين دائما بالحسابات الانتخابية.

ويمكن للمعارضين تشكيل تحالفات وازنة لتمرير مشاريع مشتركة تدور بشكل عام حول تغيير القانون الانتخابي بإلغاء نظام الصوت الواحد والعودة إلى نظام تعدّد الأصوات لنفس الناخب، وإصدار عفو شامل عن مدانين في قضايا يصفها البعض بالسياسية مثل قضية اقتحام مقر البرلمان والتعرض للذات الأميرية، وإلغاء القوانين التي توصف بالمقيّدة للحرّيات.

وفي نموذج مبكّر عن إمكانية تجمّع المعارضين تمّ الشروع بشكل فوري في عملية قطع الطريق على عودة رئيس مجلس الأمّة السابق مرزوق الغانم، المحسوب ضمن معسكر الموالاة للسلطة، إلى رئاسة البرلمان بعد أن حقّق نتيجة انتخابية ترشّحه لذلك حيث تحصّل على النسبة الأكبر من الأصوات باحتساب مجموع الدوائر الانتخابية الخمس.

ويرغب معارضون في الدفع بالنائب بدر الحميدي لتبوّؤ المنصب الذي أعلن بالفعل ترشّحه إليه. ولهذا الغرض قام النائب الإسلامي عن تجمّع ثوابت الأمّة بدر الداهوم بجمع 36 نائبا في اجتماع تشاوري هدفه المعلن مناقشة استبعاد الغانم.

وفي حال شكّل هؤلاء النواب لاحقا كتلة دائمة معارضة للحكومة فإن ذلك سيضع الشيخ صباح الخالد في مواقف صعبة، وسيخضعه لضغوط شديدة من قبل البرلمان تمنعه من تمرير إصلاحات ضرورية للاقتصاد، قد تكون غير شعبية مثل تقليص الدعم الحكومي.

وقال الداهوم إثر الاجتماع إنّ المشاركين فيه اتفقوا على استبعاد الغانم من رئاسة مجلس الأمة والدعوة إلى اجتماع آخر لاختيار مرشح للرئاسة، والتنسيق بشأن باقي المناصب.

كما توعّد الداهوم باستجوابٍ برلمانيٍ عاجل لوزير الداخلية في حكومة الشيخ صباح الخالد المستقيلة، أنس الصالح في حال إعادة تعيينه، قائلا في تغريدة على تويتر “الحكومة التي تقبل توزير من عليه غضب شعبي ومخالفات جسيمة.. هي التي تبحث عن التأزيم”.

3