الصقر الحر يفرد جناحيه في سماء العراق

غنم صيّادو الصقور شرقي العراق لأول مرة منذ سنوات بموسم صيد وفير، حيث توج بحث البعض منهم بضربة حظ يمكن أن تغيّر مسار حياته من خلال صيد “الحر” وهو أحد أنواع هذه الطيور النادرة التي يتجاوز سعرها 140 ألف دولار أميركي.
ديالى (العراق)- وقف أبومحمد المندلاوي على حافة واد عميق في أطراف بادية قزانية قرب الحدود العراقية – الإيرانية وهو يلوح بيده معبرا عن سعادته بعد نجاحه في صيد صقر يعد من الأنواع النادرة والذي يطلق عليه “الحر” ويصل سعره إلى الملايين من الدنانير.
ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، قال المندلاوي “أخيرا ابتسم الحظ لي بعد 6 سنوات عجاف ونجحت في اصطياد هذا الصقر الذي قد تصل قيمته الأولية إلى 25 ألف دولار وربما أكثر، لأن تحديد سعر الصقور النادرة يمر بخطوات متعددة من ناحية الفصيلة واللون والعمر وأمور أخرى”.
وأكد مازن الخزاعي، المسؤول الإداري لمنطقة قزانية (96 كم شرق مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى)، أن “موسم صيد الصقور البرية في بادية قزانية وبقية المناطق القريبة منها كان وفيرا هذا العام للمرة الأولى منذ سنوات طويلة”، لافتا إلى أن “العديد من الصيادين ظفروا بصيد صقور نادرة أحدها بيع بـ39 ألف دولار”.
وأضاف أن “بادية قزانية والمناطق الشرقية القريبة من الحدود العراقية – الإيرانية تعتبر أهم مناطق اصطياد الصقور في وسط العراق ويأتي إليها العشرات من الصيادين من مناطق متفرقة على شكل مجاميع لقضاء فترات تصل إلى 8 أسابيع أو أكثر في رحلة البحث البرية عن الصقور من خلال معرفة مسارات تدفقها وهي قادمة من آسيا وأوروبا في رحلات موسمية محددة من الناحية الزمنية”.
وأوضح إحسان علي، أحد تجار الصقور في ديالى أن “أسعار الصقور تعتمد على أطر كثيرة ومنها نوع الصقر ولونه وعمره ولكن في المجمل طائر الحر هو أغلاها ويصل سعره في بعض الأحيان إلى 140 ألف دولار أميركي في ظل وجود طلب واسع وكبير عليه في أسواق دول الخليج العربي”.
وأشار إلى أن “هناك سماسرة يشترون الصقور من الصيادين لبيعها إلى وسطاء آخرين وهكذا ترتفع الأسعار، لكن طائر الحر الأبيض يبقى هو الأعلى سعرا”، لافتا إلى أن هواية صيد الصقور في مناطق شرق ديالى ليس لها تاريخ محدد ولكن يمكن القول بأنها تمتد إلى عقود طويلة جدا.
وعرفت هواية صيد الصقور في العراق منذ العشرات من السنين، حيث يقوم الصيّادون باستخدام الصقور للصيد في المناطق الجنوبية والوسطى من البلاد، فيما اتخذها بعض الصيّادين مهنة يمارسونها في مواسم الصيد بحثا عن ضربة حظ يمكن أن تغير مسار حياتهم.
ويتدفق صوب محافظة ديالى أكثر من 20 نوعا من الصقور البرية أبرزها “الحر” وهي تأتي من أوروبا وآسيا وخاصة مناطق روسيا وجمهورياتها وهي تأخذ مسارات رحلة تمتد لآلاف الكيلومترات قبل أن تخترق الحدود العراقية.
ونجح بعض الصيادين في مناطق أخرى في اصطياد صقور نادرة أخرى خلال الموسم الراهن الذي انطلق مبكرا هذا العام وسط ظروف استثنائية للغاية فرضها تفشي فايروس كورونا، لكنه شارف على الانتهاء بسبب الأنواء.
وينطلق موسم صيد الصقور في سبتمبر وفي بعض الأحيان في بداية أكتوبر لينتهي مع بداية ديسمبر، إذا ما كانت الأوضاع المناخية جيدة تساعد على الحركة، لأن أغلب الوديان والتلال تكون مغمورة بمياه السيول.
موسم صيد الصقور البرية في بادية قزانية وبقية المناطق القريبة منها كان وفيرا هذا العام للمرة الأولى منذ سنوات طويلة
وأشار الخزاعي إلى أنه “بسبب الأنواء الجوية السيئة مع تقارير عن هطول أمطار غزيرة في المناطق الشرقية تم الإيعاز بإخلاء فوري لكل الصيادين ودعوتهم إلى عدم البقاء قرب الوديان والتلال المنخفضة في ظل وجود احتمالية كبيرة بتدفق سيول جارفة في الساعات الـ48 القادمة لأن بقاءهم يشكل خطرا على حياتهم”.
وأصدرت دائرة الأنواء الجوية، مؤخرا، تحذيرات متكررة من موجة أمطار غزيرة في مناطق شرق ديالى وخاصة الحدودية ومنها بادية قزانية ما قد يؤدي إلى تدفق سيول جارفة تغرق مناطق واسعة وخاصة الوديان العميقة.
ورغم أن صيد الصقور هواية بالأساس لكن من يمارسها ميدانيا هم أناس على خبرة وكفاءة عالية جدا في معرفة تضاريس الأرض والأجواء ومسار رحلة الصقور البرية القادمة من إيران وروسيا ومناطق أخرى، بحسب الخزاعي.