فرنسا تفتح أبواب الاعتراف الدولي بحق الأرمن في قره باغ

أنقرة غاضبة من مطالبة مجلس الشيوخ الفرنسي الاعتراف بـ"جمهورية قره باغ".
الجمعة 2020/11/27
باريس تنتصر للأرمن

أثارت دعوة مجلس الشيوخ الفرنسي حكومة بلاده إلى الاعتراف بـ”جمهورية ناغورني قره باغ” غضب تركيا المناوئة للأرمن، ما يفتح جبهة جديدة للخلافات الدبلوماسية المتصاعدة بين أنقرة وباريس. ولملف الأرمن حساسية شديدة لدى السلطات التركية التي تعارض توصيف فرنسا لما وقع للأقلية الأرمنية إبان حكم الإمبراطورية العثمانية بالإبادة الجماعية.

أنقرة -  دانت تركيا الخميس نصا صوت عليه مجلس الشيوخ الفرنسي الأربعاء يطالب بالاعتراف بـ”جمهورية ناغورني قره باغ”، المنطقة الانفصالية في أذربيجان التي يشكل الأرمن غالبية سكانها وشهدت نزاعا داميا في الخريف حقّقت فيه باكو انتصارات ميدانية كبيرة على حساب يريفان، فيما يرى مراقبون أن الخطوة الفرنسية تفتح أبواب الاعتراف الدولي بحق الأرمن في قره باغ.

وأعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان أن “القرار الذي صوت عليه مجلس الشيوخ الفرنسي مثال على الازدراء بمبادئ القانون الدولي لاعتبارات تتعلق بالسياسة الداخلية”.

و”جمهورية ناغورني قره باغ” المعلنة من طرف واحد منذ 30 عاما لا تحظى باعتراف دولي حتى من قبل روسيا حليفة أرمينيا، لكن تبني مجلس الشيوخ الفرنسي الاعتراف بحق الأرمن في الإقليم المتنازع عليه مع أذربيجان من شأنه أن يدخل قره باغ جدول الأعمال الدولي.

ووصف رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان قرار مجلس الشيوخ الفرنسي بأنه “تاريخي”، فيما انتقده الرئيس الأذري إلهام علييف حليف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وكانت فرنسا، التي يقيم على أراضيها نصف مليون أرمني، ضمن أوائل الدول التي صادقت برلماناتها على اعتبار المذابح التي ارتكبت في حق الأرمن خلال فترة حكم الإمبراطورية العثمانية، إبادة جماعية.

ولا تنكر تركيا الأحداث كليا، لكنّ ثمة اختلافا في الرواية إذ تقدر أعداد الضحايا ما بين 300 و500 ألف، وتقول إنهم سقطوا نتيجة حرب أهلية، كما ترفض استخدام لفظ “إبادة”.

ودائما ما كانت مذبحة الأرمن محل خلاف بين تركيا وفرنسا، التي تعتبر إنكار مذبحة الأرمن جريمة تستوجب عقوبة السجن لمدة سنة وغرامة قدرها 45 ألف يورو، وذلك بموجب قانون أقره البرلمان الفرنسي في ديسمبر 2011.

نيكول باشينيان: قرار مجلس الشيوخ الفرنسي بشأن قره باغ تاريخي

وفي قراره قال مجلس الشيوخ الفرنسي إنّه “يدين العدوان العسكري الأذري الذي نفّذ بدعم من السلطات التركية ومرتزقة أجانب، ويدعو إلى الانسحاب الفوري للقوات المسلّحة الأذرية من الأراضي التي خسر الأرمن السيطرة عليها منذ 27 سبتمبر في منطقة ناغورني قره باغ”.

كما يحضّ القرار الحكومة إلى السعي من أجل تأمين فوري “لحماية السكان من خلال نشر قوة فصل دولية” و”تقديم مساعدات إنسانية ضخمة إلى السكان المدنيين”.

وفي قراره يدعو مجلس الشيوخ أيضا الحكومة الفرنسية إلى “طلب إجراء تحقيق دولي في جرائم الحرب التي ارتكبت في ناغورني قره باغ” و”استخلاص جميع النتائج الدبلوماسية للدور الذي لعبته السلطات التركية” في النزاع. وأرسلت أنقرة بالفعل مرتزقة سوريين لدعم حليفتها باكو، في وقت وصفت فيه تقارير حقوقية دولية ما ارتكبته القوات الأذرية المدعومة من تركيا بحق المدنيين في قره باغ بجرائم حرب ودعت إلى محاسبة الجناة.

ورفضت تركيا هذه الاتهامات ووصفتها بأنها “ادعاءات لا أساس لها” وقالت إن دعوة مجلس الشيوخ لأذربيجان الانسحاب من الأراضي التي احتلتها “سخيفة ومنحازة ولا تمت بالواقع بصلة”.

وبعدما اعتبرت أن تصويت مجلس الشيوخ غير الملزم يعكس “الهاجس التركي” لفرنسا أكدت وزارة الخارجية التركية أن أنقرة مستعدة للعمل مع باريس لتسوية دائمة للنزاع.

وبعد توقيع اتفاق سلام في قره باغ برعاية روسية، تم بمقتضاه تنازل يرفيان عن بلدات لعدوتها باكو، دعت فرنسا إلى إشراف دولي لتطبيق وقف لإطلاق النار في الإقليم وسط مخاوف من استئثار روسيا وتركيا بالملف وإبرامهما اتفاقا لإبعاد القوى الغربية عن المحادثات المستقبلية. وتعقد روسيا منذ وقف إطلاق النار محادثات مع تركيا، وهي حليف رئيسي لأذربيجان ومنتقد شديد لمجموعة مينسك (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا) التي تشكلت لحل النزاع في قره باغ، الأمر الذي من شأنه أن يقود إلى نشر أنقرة قوات في الإقليم.

وجاء تصويت مجلس الشيوخ وسط توتر دبلوماسي بين فرنسا وتركيا خصوصا بسبب خلافات حول سوريا وليبيا وشرق المتوسط. وزاد التوتر مؤخرا عندما دعا أردوغان إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية متهما نظيره الفرنسي بأنه “يكره الإسلام” للدفاع عن الحق في نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد في إطار حرية التعبير ولخطابه عن “الإسلام المتطرف”.

 
5