التطمينات الأمنية لا تحجب خطر الإرهاب في تونس

ضبابية المشهد السياسي بكل عناصره وخطاباته "العنيفة" ساهمت بطريقة أو بأخرى في إرساء “حواضن” للإرهاب فكرا وانتماء.
الأربعاء 2020/11/18
الجهود الأمنية لوحدها لا تكفي

تونس – عززت تونس من إجراءاتها الرامية إلى التصدي للإرهاب الذي يتربّص بالبلاد وذلك في وقت يغيب فيه الاستقرار السياسي وتطغى على المشهد المناكفات السياسية، ما يُفاقم المخاوف من انتعاش هذه الظاهرة.

وأعلنت السلطات التونسية، الاثنين، عن نجاحها في تفكيك 33 خلية تكفيرية واعتقال 1020 شخصا بتهمة الاشتباه في انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية منذ بداية العام الحالي.

وقال وزير الداخلية توفيق شرف الدين “لقد أحلنا منذ بداية العام 876 شخصا على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ونفذنا 48 عملية أمنية استباقية تم خلالها القضاء على 9 عناصر”.

معز علي: لا توجد سياسة تقي الشباب من الالتحاق بالجماعات الإرهابية في تونس
معز علي: لا توجد سياسة تقي الشباب من الالتحاق بالجماعات الإرهابية في تونس

وتابع الوزير، خلال جلسة استماع أمام لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، “تمكنت الوحدات الأمنية منذ بداية السنة وبدعم من المؤسسة العسكرية من الكشف عن 33 خلية تكفيرية واعتقال 1020 شخصا بتهمة الاشتباه في انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية، في مختلف أنحاء البلاد (..) إلى جانب الكشف عن مخبأ لصنع المتفجرات في المرتفعات الغربية على الحدود مع الجزائر”.

وأشار إلى أن التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة غيّرت خلال سنة 2020 من استراتيجياتها مستغلة انشغال الدولة وتركيزها على مجابهة وباء كورونا.

وتعاني تونس منذ العام 2012 من تنامي نشاط الجماعات الإرهابية في الجبال الغربية وداخل المدن.

وأمام ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية، أرست السلطات التونسية الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب في العام 2016، لوضع المخططات الاستراتيجية والتنسيق اللوجيستي والاستشاري مع الوزارات، غير أن التأخير في إنجاز هذه الاستراتيجية بسبب غياب الاستقرار السياسي وتتالي الحكومات حال دون تنفيذها.

ويرى مراقبون أن ضبابية المشهد السياسي بكل عناصره وخطاباته “العنيفة” ساهمت بطريقة أو بأخرى في إرساء “حواضن” للإرهاب فكرا وانتماء. ومنذ العام 2011 تعاقبت تسع حكومات على السلطة ولم يدم بعضها إلا لشهور قليلة بسبب التجاذبات والصراعات.

وأفاد الأكاديمي والباحث في الجماعات الإسلامية علية العلاني “بخصوص الحصيلة التي أعلن عنها وزير الداخلية نقدم خمس ملاحظات أساسية، تتمثل في أن هذه الحصيلة مرتبطة بالوضع السياسي والاجتماعي. فبخصوص الوضع السياسي تحدث وزير الداخلية عن تجاذبات سياسية بين بعض الأحزاب التي ساعدت على تنامي ظاهرة التطرف العنيف”، مشيرا إلى عدم جدية البرلمان في “احتواء الظاهرة الإرهابية عبر تهميش عمل لجنة التسفير إلى بؤر التوتر وعدم تقديم أعمالها إلى حدّ الآن، فضلا عن انفلاتات البرلمان بين نواب يدافعون عن الفكر التكفيري”.

وتابع العلاني في تصريح لـ”العرب” “ساهم تردي الوضع الاجتماعي (خاصة ارتفاع نسبة البطالة وتردي الخدمات) في تجنيد بعض المهمّشين إلى هذه الخلايا الإرهابية، بالإضافة إلى تواصل احتقان الوضع الإقليمي خاصة مع الجارة ليبيا. وتنقل الإرهاب من الجبال إلى المدن، ونذكّر في هذا الصدد بعملية مارس الإرهابية قرب السفارة الأميركية، والعملية الإرهابية بأكودة في ولاية سوسة الساحلية في سبتمبر الماضي”.

وأشار الباحث التونسي إلى “غياب استراتيجية دينية ناجعة للسلطة في مسألة التعامل مع ظاهرة التطرف العنيف، حيث لا توجد مراكز وقاية ولا مراكز تأهيل للمتطرفين”.

ويجمع الخبراء والمختصون على ضرورة تضافر جهود الدولة عبر مقاربة شاملة في أبعادها التربوية والاقتصادية والاجتماعية حتى يتسنى لها محاربة “أخطبوط” الإرهاب المستغل للثغرات التي يتركها الساسة، حيث لا يمكن للنجاحات الأمنية وحدها أن تكون ناجعة في مواجهة هذه الجماعات المتطرفة.

Thumbnail

وقال معز علي، رئيس جمعية اتحاد التونسيين المستقلين من أجل الحرية في تصريح لـ”العرب”، “إن تونس تقدمت أمنيا في مقاومة الإرهاب.. وتفكيك 33 خلية يعني وجود عمل أمني، لكن المقاربة الأمنية لا تكفي لمكافحة الإرهاب”.

وأضاف علي “إلى اليوم لا توجد سياسة تقي الشباب من الالتحاق بالجماعات الإرهابية، ويقع اقتناء الأشخاص في المساجد ثم يلتحقون بالجماعات.. لا بد من تحويرات وبرامج دقيقة في التعليم والتربية لتجفيف منابع التجنيد”.

وأشار إلى أن “الخطاب السياسي العنيف أثر على المجتمع والدولة لا تستجيب للانتظارات الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن الانتظارات الصحية بسبب تداعيات كورونا، وهي كلها أسباب قد تدفع الأشخاص نحو اختيار طريق الإرهاب”.

وتزداد المخاوف التونسية من عودة الآلاف من المقاتلين الذين التحقوا بين 2011 و2015 بالجماعات الإرهابية في سوريا وليبيا والعراق، ولاسيما بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” خاصة بعد أن دفعت تركيا بالمئات من هؤلاء نحو الحرب في ليبيا.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد كشف في أغسطس الماضي عن “وصول 10 آلاف مقاتل إلى ليبيا، بينهم 2500 من حاملي الجنسية التونسية”.

وسبق أن أثار ملف المقاتلين التونسيين في سوريا والعراق وليبيا، وطريقة التعامل مع عودتهم، جدلا واسعا، ويكشف تقرير فريق خبراء الأمم المتّحدة حول استخدام المرتزقة، المنشور في يوليو 2015، عن وجود أكثر من 5000 تونسي في ساحات الحرب المختلفة.

4