الشائعات والمال الأسود يفسدان انتخابات الأردن

الانتخابات النيابية في الأردن كانت استثنائية بكل المقاييس ليس فقط لجهة الظرفية التي جرت فيها في ظل تفشي جائحة كورونا، بل وأيضا لما شابها من فوضى وحرب شائعات وانتشار للمال الفاسد، يخشى من تأثيرها على نتائج الاقتراع.
عمان – أسدل الستار الثلاثاء على الانتخابات النيابية في الأردن التي شهدت حالة من الفوضى في العديد من المناطق، واستشراء ظاهرة شراء الأصوات لاسيما في الساعات الأخيرة من التصويت، رغم الجهود الحكومية التي بذلت لإنجاح الاستحقاق.
وشهدت الانتخابات عزوفا للناخبين كان متوقعا نتيجة تفشي فايروس كورونا، ويأسا من أي تغيير في حضرة قانون انتخابي مفصل على مقاس العشائر، ما اضطر إلى تمديد التصويت لساعتين.
وقال متابعون إن انتخابات الثلاثاء كانت استثنائية بكل المقاييس وليس فقط لجهة الظرفية التي جرت فيها وهي تفشي فايروس كورونا حيث سجلت المملكة أعلى نسبة من حيث الإصابات والوفيات، بوفاة 91 شخصا، وإصابة 5.996 بالفايروس.
وجرى تسجيل العديد من التجاوزات والخروقات خصوصا في علاقة بشراء الأصوات حتى أن تجمعات بأكملها لأنصار مرشحين احتشدت أمام مراكز اقتراع وعمدت إلى توزيع أموال على ناخبين للتصويت لمرشحهم.
وأكد الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب جهاد المومني أن هناك فيديوهات تم تصويرها وإحالتها على الادعاء العام تتحدث عن مال أسود، مشيرا في الآن ذاته إلى وجود فيديوهات قديمة جرى تداولها حول هذا الموضوع.
وأقر المومني بوجود مراكز تجمهر فيها أنصار مرشحين لشراء أصوات الناخبين المتوافدين، وقد تم التواصل مع الأمن العام وملاحقة أشخاص بتهمة المال الفاسد، وتمت إحالة خمس قضايا في علاقة بمال فاسد يوم الانتخاب فقط.
وإلى جانب انتشار المال الأسود سجّل تفشي الشائعات بشكل ملفت، ما أدخل ارتباكا على العملية الانتخابية في العديد من المناطق كالترويج لوقف التصويت في عدد من المراكز بسبب انتشار فايروس كورونا.
كما تم رصد قيام مصابين بالفايروس بالذهاب إلى مراكز الاقتراع وتم اعتقال عدد منهم. وقال المومني في وقت سابق إنه تمت إحالة مريض بكورونا على الادعاء العام بعد دخوله إلى مركز انتخاب في إربد (نحو 89 كلم شمال عمان).
ودُعي أربعة ملايين و640 ألف ناخب، من أصل عشرة ملايين عدد سكان البلاد إلى التصويت. وتنافس 1674 مرشحا بينهم 360 سيدة على مقاعد مجلس النواب الـ130 والتي خصص 15 مقعدا منها للنساء.
وأعرب رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة في تصريحات للصحافيين بعد الإدلاء بصوته في بلدة إيدون في محافظة إربد عن أمله في أن “يمارس كل مواطن هذا الحق ويحافظ على إجراءات السلامة العامة”، متمنيا أن “تنتج هذه التجربة مجلسا نيابيا يلبي تطلعات مواطنينا”.
ويشارك في الانتخابات حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، وأبرز أحزاب المعارضة في البلاد، ومرشحون يمثلون عشائر أردنية كبرى، ومستقلون، وعدد من اليساريين، بالإضافة إلى عدد كبير من رجال الأعمال الأغنياء.
وقال مراد العضايلة، أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، إن الإقبال على الانتخابات النيابية كان “ضعيفا جدا”، عازيا ذلك إلى “الخوف من فايروس كورونا، وعدم الثقة المتراكمة في العملية الانتخابية”.
وأشار العضايلة إلى رصدهم لعدد من الخروقات، سيتم الإعلان عنها لاحقا، مكتفيا بالحديث عن أبرزها، وهي “عدم وجود قوائمهم في بعض دفاتر الانتخاب”.
وأمام أحد مراكز الاقتراع في عمان الغربية، وقف الثلاثيني علاء شموط الموظف في شركة الكهرباء بعدما أدلى بصوته، مصرحا بأن “علينا أن ننتخب فهذا واجب، يجب أن اختار أنا بنفسي من يمثلني في البرلمان”.
وأضاف “نأمل في أن يصل للمجلس مرشحون قادرون على تغيير الوضع الحالي من صعوبات معيشية وأزمة اقتصادية خصوصا مع كورونا”.

وبحسب الخبراء، سيكون العام 2021 سنة صعبة على الأردنيين. وتأثر اقتصاد الأردن بشدة جراء النزاعات في العراق وسوريا، واستضافته مئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين يشكلون عبئا على كاهل المملكة المحدودة الموارد.
وفاقمت جائحة كوفيد – 19 الأوضاع الاقتصادية. ففي القطاع السياحي وحده، خسر الأردن نحو ثلاثة مليارات دولار من العائدات خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بسبب الإغلاقات وباتت الآلاف من الوظائف مهددة.
أما أسيل اللوزي (35 عاما) التي كانت تقف أمام مركز اقتراع في منطقة تلاع العلي غربي عمان، فقالت “أدليت بصوتي لأن المقاطعة لن تجدي نفعا وليست حلا”.
وأضافت الشابة، ذات الشعر الطويل والتي وضعت كمامة سوداء ونظارات شمسية، “آمل أن يعمل المرشح الذي سأختاره على حل المشكلات الحالية وخصوصا التعليم الذي بدأ يتراجع بسبب التعليم عن بعد” الذي يثير استياء الكثير من أولياء أمور الطلاب.
وكان السلطات أغلقت المدارس والجامعات لتصبح الدراسة فيها عن بعد، كما أغلقت دور السينما ومراكز الترفيه والتدريب والمراكز الثقافية والمسابح. كذلك فرضت السلطات حظرا ليليا يوميا شاملا يبدأ من الساعة العاشرة مساء إلى غاية السادسة صباحا بسبب تفشي فايروس كورونا.
وفي مخيم البقعة أكبر المخيمات الفلسطينية العشرة في الأردن ويقيم فيه اليوم 119 ألف فلسطيني على بعد 20 كلم شمال عمان، تقول السبعينية جازي مطلق “إن شاء الله سأنتخب رجلا صالحا يحافظ على الوطن وليس ذاك الذي يجلس على الكرسي وينسى كل الذين وراءه”.
وبحسب إحصاءات رسمية، تبلغ نسبة الفقر في الأردن 15.7 في المئة. وتوقع البنك الدولي أن ترتفع هذه النسبة 11 نقطة بسبب أزمة كورونا.
ويناهز دين الأردن العام 45 مليار دولار بما يتجاوز 107 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. ووصلت نسبة البطالة إلى 23 في المئة منتصف العام الحالي. ويعتمد الأردن بشكل كبير على المساعدات الخارجية، لاسيما صندوق النقد الدولي.
ولا يتوقع متابعون أن يشهد مجلس النواب المقبل أي تغيير لاسيما في ظل قانون انتخابي يحد من مشاركة الأحزاب السياسية لفائدة العشائر.
