غوغل تلجأ للذكاء الاصطناعي لمعالجة إشكاليات الرهن العقاري

تمكنت غوغل من معالجة إشكاليات الرهن العقاري وتحسين تجربة المقترضين والمُقرضين، من خلال منصة “غوغل كلاود” التي ساعدت على تقليل زمن معالجة المستندات اللازمة للتقدم بطلب للحصول على قرض عقاري وتحسين الكفاءة التشغيلية، عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ونماذج التعلم الآلي في أتمتة عملية معالجة المستندات الخاصة بالقروض العقارية.
لندن – أطلق عملاق التكنولوجيا غوغل منصة “غوغل كلاود” لتسهيل السكن العقاري وتبسيط معالجة المستندات وجمع البيانات، حيث مكن توظيف ميزات الذكاء الاصطناعي من تسريع تقييم طلبات قروض السكن، وتحسين الكفاءة التشغيلية لصناعة الرهن العقاري في وقت يشهد فيه العالم تحولات نحو المنازل الذكية في ظل قوة تأثير التكنولوجيا على كافة المجالات.
مكن الذكاء الاصطناعي من تحسين تجربة المقترضين والمُقرضين، عبر تقليل زمن معالجة المستندات اللازمة للتقدم بطلب للحصول على قرض عقاري. حيث أعلنت منصة غوغل كلاود عن إطلاق خدمة جديدة تستهدف تحسين الكفاءة التشغيلية لصناعة الرهن العقاري، عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ونماذج التعلم الآلي في أتمتة عملية معالجة المستندات الخاصة بالقروض العقارية.
والرهن العقاري هو قرض يُمَكّن المُقترض من الحصول على النقود اللازمة لشراء منزل أو أي عقار آخر، على أن يبقى هذا العقار مرهونا للمُقرض، سواء كان بنكا أو مطور رهن عقاري، حتى سداد قيمة القرض. وتُعد صناعة الرهن العقاري أحد القطاعات المالية الرئيسية في الولايات المتحدة.
43 في المئة نسبة إيرادات غوغل من خلال تقديم خدمات متخصصة للشركات في مختلف القطاعات
ونقلت “أم.أي.تي ريفيو” أن الأداة الجديدة التي أطلق عليها اسم لندينغ دوكال تهدف إلى مساعدة شركات الرهن العقاري على تسريع تقييم طلبات قروض السكن، عن طريق أتمتة معالجة المستندات وتبسيط عملية جمع البيانات. وتتطلب هذه العملية عادة وقتا طويلا من أجل مراجعة المئات من الصفحات من مستندات المقترضين بشكل فردي، وتقييم ما إذا كان بإمكانهم الحصول على القرض أم لا. وتضيف هذه العملية اليدوية المعقدة في نهاية المطاف الآلاف من الدولارات إلى تكلفة القرض.
وتمتلك غوغل بالفعل أداة عامة تدعى “دوكيمنت أي”، ولديها القدرة على قراءة المستندات المعقدة وفهمها واستخراج البيانات منها، باستخدام كل من تقنية التعرف الضوئي على الحروف “ابتيكول كاريكتور” وتقنية فهم اللغة الطبيعية، إلا أن أداة غوغل كلاود الجديدة “لندينغ دوكال” هي أول أداة متخصصة حصرا في معالجة المستندات ذات الصلة بالرهن العقاري.
وتشير الشركة إلى أن الأداة الجديدة تعتمد على مجموعة من النماذج المتخصصة التي تركز على قراءة أنواع مختلفة من مستندات الرهن العقاري، مثل البيانات الضريبية ومستندات الدخل والأصول، كما يمكنها أتمتة العديد من مهام المراجعة الروتينية لهذه المستندات مع ضمان السرعة والدقة، بحيث يمكن لشركات الرهن العقاري أو الجهات المُقرضة التركيز بشكل أكبر على المهام ذات القيمة المضافة.
ويبين العرض التوضيحي الخاص بالأداة أنها قادرة على تحليل البيانات واستخراج المعلومات الأساسية، بما في ذلك رقم المِلَفّ الضريبي والتفاصيل الخاصة بصاحب العمل والعناوين وأرقام الضمان الاجتماعي.
تحسين تجربة المُقرض والمُقترض
تؤكد غوغل كلاود أن الهدف النهائي من هذه الخدمة هو تحسين تجربة الحصول على الرهن العقاري بالنسبة للمقترضين والمُقرضين، من خلال تقليل تعقيد معالجة الطلبات وتسريع وقت اتخاذ القرار.
ويقول راجيش بهات، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة الرهن العقاري الرقمي روستيفاي، إن “صناعة الرهن العقاري لا تزال في مرحلة مبكرة من التحول من العمليات اليدوية التقليدية إلى العمليات الآلية والممكّنة رقميا، ونعتقد أن التحول سيحدث بسرعة أكبر بكثير باستخدام قوة الذكاء الاصطناعي”. وقد دخلت روستيفاي في شراكة مع غوغل كلاود لاستخدام الأداة الجديدة على منصتها.
وتأتي هذه الأداة كجزء من العملية التي تستهدف زيادة إيراداتها عن طريق تقديم خدمات متخصصة واسعة النطاق للشركات العاملة في مختلف القطاعات، بما في ذلك تجارة التجزئة والاتصالات والألعاب الإلكترونية. وقد حققت هذه الإستراتيجية نتائج جيدة حتى الآن، حيث نمت إيرادات غوغل كلاود بأكثر من 43 في المئة خلال الربع الأخير من العام الجاري.
وخلال السنوات الأخيرة تزايدت الرهانات على التكنولوجيا لتحسين أداء المجال العقاري حيث لا يمكن إنكار الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في طبيعة المنازل التي نعيش فيها اليوم والبنية التحتية للمنازل.
ولم تعد التكنولوجيا تقتصر فقط على وجود أجهزة الكمبيوتر والإنترنت التي تتيح الوصول إلى الخيارات الهائلة من السلع والتجهيزات المنزلية المتاحة، والتي من المستحيل الاطلاع عليها جميعا والوصول إليها قبل عصر الإنترنت.
وتشمل مزايا التكنولوجيا الاطلاع على الآلاف من المنازل ومواصفاتها التفصيلية من أجل الحصول على أفضل عروض للمنازل قبل استئجارها أو شرائها، بل إن التكنولوجيا أصبحت تتيح للزبائن بناء منزل الأحلام أيضا.
اختيار منزل المستقبل
تتطلب العملية التقليدية لإيجاد وشراء منزل الكثير من الجهد الشاق، ليس فقط من قبل شركة العقارات ولكن تلك العملية تستهلك الكثير من وقت وجهد المشتري أيضا، والتي من الممكن أن تستغرق عدة أشهر.
وبسبب تلك العملية الشاقة يصاب الكثيرون بالتردد، لكن التطورات التكنولوجية المتسارعة بدأت في تغيير الأمور نحو الأفضل.
وبدلا من تبديد الوقت في زيارة مختلف الأحياء ومعاينة مختلف المنازل المعروضة للبيع، يمكن الآن للمشتري مشاهدة ذلك ومتابعة الخيارات عبر الإنترنت والتجول في المنازل المعروضة افتراضيا.
ولا تقتصر فوائد ذلك على الزبائن فقط، فهي تتيح للشركات العقارية أيضا الاستفادة من الإنترنت لتوسيع مجال نشر عروضهم وتقليل الوقت والجهد المخصصين للتسويق.
كما ستؤدي التكنولوجيا الحديثة إلى توسيع وتعميق دراسات الأسواق المحلية. ويدفع ذلك وكلاء الشركات العقارية بالنتيجة إلى تطوير منتجاتها للاستجابة وتقديم الخصائص الأفضل التي يطلبها المستهلكون.
كما توفر التكنولوجيا للوكالات والشركات والمطورين العقاريين فرصة معرفة المشتري والمستأجر بدقة كبيرة، الأمر الذي يساعدها في زيادة عوائدها وأرباحها.
ولا تمثل تلك الثورة في الوصول إلى الخيارات سوى السطح الخارجي لثورة التكنولوجيا في صناعة المنازل. ولا يزال الكثيرون يجهلون مستوى التطور المتاح داخل المنازل التي يجري بناؤها الآن وفي المستقبل.
فمع ظهور “المنزل الذكي” الذي يتيح للزبائن إمكانية التواصل مع الأجهزة المنزلية ويُتيح أيضا إمكانية التواصل بين مختلف الأجهزة، ظهر هناك تعريف جديد لطريقة عيشنا في المنازل، التي تتطور الآن يوما بعد يوم.
وأصبحت التطورات تمتد من المنازل المستقلة إلى الفنادق وحتى السكن الطلابي، حيث صارت تستفيد من القفزات التكنولوجية المتاحة في المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية لجعل الحياة أسهل في جميع أنحاء العالم.
كما تتيح التطبيقات التكنولوجية تسهيل القيام بالكثير من الإجراءات، مثل تسديد الفواتير ودفع الإيجار أو طلب خدمات الصيانة، التي كانت تستهلك الكثير من الجهد والوقت.
غوغل كلاود تستعين بتقنيات الذكاء الاصطناعي ونماذج التعلم الآلي في أتمتة معالجة المستندات الخاصة بالقروض العقارية
كما تساعد بعض التقنيات الجديدة المتقدمة مثل خاصية “الاتصالات قريبة المدى: أن.أف.سي”، وخاصية “تحديد الهوية بموجات الراديو: آر.أف.آي.دي” على ضمان السلامة الأمنية داخل المجمعات السكنية والجامعية.
لكن رغم ذلك هناك بعض السلبيات الناتجة عن التطورات التكنولوجية الجديدة. ففي المناطق المكتظة بالسكان مثل مدينة سان فرانسيسكو الأميركية، يلقي الكثيرون باللوم على انتشار التكنولوجيا الحديثة في الارتفاع الكبير في أسعار العقارات والإيجارات.
ويقولون إن وجود “وادي السيليكون” جنوب المدينة هو أحد الأسباب، لكن أنصار التكنولوجيا متفائلون بشأن مستقبل المنطقة. ويؤكدون أن الاكتشافات والتقنيات الحديثة سوف تؤدي إلى تحسين حياة المجتمع ككل.
كما زحفت التكنولوجيا إلى طرق وأساليب بناء المنازل. فبدلا من زيارة المواقع ومعاينتها بالعين، تستخدم شركات البناء تقنية الطائرات ذاتية القيادة لتحديد مدى إمكانية تنفيذ المشروع المستقبلي قبل وضع أقدامها على الأرض.
كما أن هذه التكنولوجيا تؤدي أيضا إلى تسهيل مراقبة مواقع العمل عن بعد والإشراف عليها، مما يوفر الكثير من الوقت الذي يستهلكه أصحاب ومديرو المشاريع في زيارة مواقع عمل متعددة في يوم واحد.
وأصبحت مواد البناء أيضا أقل خطورة وأكثر صداقة للبيئة. حيث تبتكر شركات البناء الآن هياكل تجريبية جديدة وتصاميم تهدف إلى الحد من حجم البصمة الكربونية الناجمة عن عمليات بناء المنازل.
وتمتد تلك المزايا التكنولوجية إلى مجال توفير الطاقة وتوليدها من المصادر المتجددة وصولا إلى إدارة النفايات، التي أصبحت شائعة بشكل متزايد في مجال صناعة المنازل.
المنزل الذكي
في سياق آخر وفي ظل عصر التكنولوجيا الحديثة وتطور استخدامات الذكاء الاصطناعي، أصبح العالم يتحدث عن مفهوم جديد للبنايات وهي البنايات الذكية التي تعتمد في إدارتها وتركيبتها على الإمكانيات التقنية المتطورة.
ومع النمو في التكنولوجيا والبنية التحتية، هناك تطورات سريعة في البنية التحتية المعرفة بالبرمجيات والحوسبة السحابية. وقد مكن هذا البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لتكون مرنة وغير ملموسة وحسب الطلب.
معظم المستخدمين تمكنوا خلال سنوات قليلة من التأقلم مع تكنولوجيا الهواتف الذكية الحديثة، التي أحدثت ثورة في حياتنا اليومية وأصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتهم ولا يمكن الاستغناء عنه.
ويتوقع الخبراء اليوم أن يتأقلم المستهلكون بدرجة مماثلة وسريعة مع المنازل الذكية الحالية والأجيال المقبلة من تلك المنازل التي بدأت تجتاح الأسواق هذه الأيام.
ويبدو من المؤكد أن تحدث المنازل الذكية ثورة عارمة في مستقبل حياتنا، ليس فقط في البلـدان المتقـدمة، بل وفي جميـع أنحاء العالم.
ومن ناحية أخرى، فإن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات ليست ذكية بعد بما يكفي لفهم العلاقة بين العناصر التقنية، والتعرف على اتجاهات البيانات واتخاذ القرارات المناسبة، لذلك يتدخل الذكاء الاصطناعي لسد هذا الفراغ، إذ يتيح الوصول إلى موارد الحوسبة وإدارتها لتدريب واختبار ونشر خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
ومن هذا المنطلق، تم ابتكار برنامج تكنولوجي جديد في الولايات المتحدة يمكن من التنبؤ بمختلف المشكلات التقنية التي قد تحدث في مرفق ما أو بناية ما يساعد مثلا في تجنب انقطاع الكهرباء أو المياه أو الإنترنت.
وتنكب شركة “إنسايت فايندر” الأميركية على تطوير منتجات للاستفادة من أبحاثها في مجال الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بمشكلات المرافق والبنية التحتية مثل إمدادات الكهرباء والمياه وحلها آليا.
وتسعى شركة “إنسايت فايندر” الناشئة لنقل التعلم الآلي إلى مراقبة النظام في البنايات والمرافق وغيرها من البنى التحتية لتحديد المشكلات الشائعة وحلها تلقائيا.
وفي الوقت الراهن، تتثبت الشركة من البرنامج بشكل مباشر لمجموعة محددة من زبائنها الحاليين لكنها تخطط لأن يكون في متناول المزيد من الزبائن في وقت لاحق من العام الحالي.
وتأسست شركة “إنسايت فايندر” بفضل منح تحصلت عليها من المؤسسة الوطنية (الأميركية) للعلوم لإنشاء أداة ذكاء اصطناعية يمكنها اكتشاف مشكلات البنية التحتية في وقت مبكر.
ويستخدم المنتج، الذي يحمل الاسم نفسه لشركة “إنسايت فايندر”، الذكاء الاصطناعي لتحديد مشكلات تكنولوجيا المعلومات بشكل مسبق باستخدام تقنيات تحليل البيانات التي طورتها هيلين جو.
ويحدد برنامج “إنسايت فايندر” المشكلات من خلال تحليل الأنواع المختلفة من البيانات الناتجة عن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات الخاصة بالشركة. ويتم تحليل كل المؤشرات المتوفرة والتي يمكن أن تعبر عن التقلبات في أداء الخادم والسجلات العامة أو سجلات أحداث معينة مثل تعطل الأجهزة أو تعطل التطبيق.