الانتخابات المبكرة تعود إلى الواجهة في لبنان مع جمود المبادرة الفرنسية

بيروت – عاد مطلب إجراء انتخابات نيابية مبكرة ليفرض نفسه بإلحاح على الساحة السياسية في لبنان، بعد فشل جهود تشكيل حكومة جديدة، وجمود المبادرة الفرنسية التي يقول البعض إنها أصبحت بحكم المنتهية وإن تداعى أقطاب السلطة معلنين تمسكهم بها.
وانتهى تشكيل حكومة جديدة إلى العودة إلى النقطة الصفر، بعد اعتذار رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، وليس هناك أي مؤشرات في الأفق على قرب بدء استشارات نيابية لاختيار شخصية بديلة، في غياب أسماء يمكن التوافق عليها بين الفرقاء.
وتلفت أوساط سياسية إلى أن إطلالة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الثلاثاء وإعلانه صراحة أن لا حكومة جديدة دون مشاركة حزبه، كانت بمثابة المقص الذي قطع آخر أمل لإنعاش المبادرة الفرنسية التي تدعو إلى حكومة كفاءات تتولى إصلاحات يطالب بها المجتمع الدولي كشرط لدعم لبنان في أزمته المالية المتفاقمة.
ويواجه لبنان أزمة مالية غير مسبوقة منذ الحرب الأهلية تفاقمت مع انفجار مرفأ بيروت المروع في 4 من أغسطس، والذي مقتل 200 شخص فضلا عن دمار واسع في البنية التحتية.
واضطرت حكومة حسان دياب بعد الانفجار إلى تقديم استقالتها تحت ضغط شعبي يحملها مسؤولية ما آل إليه الوضع في البلد.
وتقول الأوساط السياسية إن الحديث عن تشكيل حكومة جديدة بات صعبا على الأقل على مدى الأسابيع القريبة، وأن إعادة تعويم حكومة حسان دياب مسألة مرفوضة كليا، وحتى وزراؤها لا يبدون متحمسين لهكذا خطوة، وبالتالي فإن الخيار الذي قد يكون واقعيا بالنسبة للبعض هو السير في انتخابات نيابية مبكرة تعيد تشكيل المشهد السياسي.
ويسعى المتبنون لهذا الخيار إلى جذب البطريرك الماروني مارة بشارة بطرس الراعي لتبنيه والدفع باتجاه تنفيذه، وسط معلومات على أن الأخير لا يبدو ممانعا لاسيما مع فقدانه الأمل في تشكيل حكومة على المدى القريب.
والتقى عدد من النواب المستقيلين من مجلس النواب عقب انفجار بيروت بالبطريرك الماروني محملين إياه جملة من الرسائل، في مقدمتها ضرورة إجراء انتخابات مبكرة، مع الدفع قدما باتجاه مبادرة الحياد التي سبق وطرحها الراعي للنأي بلبنان عن أزمات المنطقة بيد أنها لم تلق استجابة حقيقية في الداخل.
ومن النواب الذين التقوا البطريرك سامي الجميّل، ونديم الجميّل، وإلياس حنكش، وبولا يعقوبيان، وميشال معوض، وهنري حلو، ونعمة أفرام.
وعقب اللقاء قال أفرام لقد “بحثنا، كنواب مستقلين ومستقيلين، في خارطة الطريق نحو لبنان جديد يكون على قدر طموحات الشعب وطموحاتنا وكل من ينشد التغيير، مع الحرص على إبقاء شعلة الأمل مضاءة”.
وشدد على أن “المطلوب اليوم انتخابات مبكرة، لأنها وحدها تسمعنا صوت الشعب الحقيقي وتعيد المصداقية المفقودة بين الشعب والقادة السياسيين. وقد تداولنا مع البطريرك حول هذا الموضوع، وأتحفظ عن نقل موقف بكركي الذي سيتطور ويظهر في القريب العاجل”.
واعتبر أفرام أن “الوضع الدقيق، بعد عدم الأخذ بالمبادرة الفرنسية”، مؤكداً أن “البطريرك الراعي سيجري اجتماعات لاحقة وهو حريص على بقاء الأمل”.
من جهتها اعتبرت بولا يعقوبيان “أن هز هيكل المافيا يبدأ من المجلس النيابي لكي يتمكن في ما بعد من انتخاب مجلس فاعل يحافظ على نسيجه المجتمعي”.
وقالت “الراعي معنا بأنه لا يمكن أن تستمر الأمور بعد الرابع من أغسطس كما كانت عليه قبله”.
وكان حزب القوات اللبنانية أول من حض على انتخابات مبكرة عقب الانفجار الذي ضرب بيروت بيد أن دعواته لم تلق استجابة حتى من المقربين لاسيما مع طرح فرنسا لمبادرتها التي تقوم على تشكيل حكومة تتولى إصلاحات ومن ثمة إجراء الاستحقاق.
ورغم أن المبادرة الفرنسية دخلت “الكوما” على حد وصف أحد السياسيين، بيد أن خيار إجراء انتخابات نيابية مبكرة يبدو من الصعب تمريره، من قبل أقطاب السلطة أي الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل إلى جانب التيار الوطني الحر، لإدراكهما أن إجراء الاستحقاق لن يصب في صالحهما.