كورونا ذريعة النظام الجزائري للتضييق على قوى المعارضة

الجزائر - دشنت السلطة في الجزائر فصلا جديدا من فصول القمع والتضييق على الحريات السياسية تحت ستار التوقي من فايروس كورونا وهي الذريعة التي باتت أكثر استخداما لتبرير استكمال مسلسل تطويق حالة "التحرر" التي أعقبت استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة كرها تحت وطأة احتجاجات شعبية.
ومنعت السلطات الجزائرية أحد أحزاب المعارضة من عقد مجلسه الوطني في إحدى فنادق العاصمة، إلا أنه تجاهل القرار وعقد اجتماعه في الوقت الذي سلطت فيه هذه التطورات الضوء على ما تدبره النواة الصلبة للنظام الجزائري من خطط لتحجيم موقع ودور خصومها، لاسيما مع توجهها لاجراء انتخابات قبل موفى العام الجاري.
وتجمع كل المؤشرات ميدانيا وسياسيا على أن لا شيء تغير في الجزائر باستثناء وجوه قديمة تجددت أو تبدلت ظاهرا دون أن تتبدل سلوكا وممارسة.
وبعد عقدين من حكم الفرد الواحد وبعد انتخابات رئاسية نُظر إليها في مظهرها وتوقيتها على أنها تجسيم لانتقال ديمقراطي، بدا واضحا أن الأمر لم يخرج من سياق إعادة إنتاج نفس المنظومة.
وعقد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) الذي يمثل أحد أحزاب المعارضة الرئيسية في الجزائر، مجلسه الوطني الجمعة رغم رفض السلطات منحه ترخيصا لتنظيمه في قاعة فندق بالعاصمة الجزائرية.
وانعقد اجتماع الهيئات المسيّرة للحزب في مقرة الوطني، وهو أمر لا يحتاج إلى ترخيص، وفق ما أفادت مصادر صحفية.
وندد الحزب في بيان بقرار المنع الذي أعلنته السلطات الأربعاء دون أن تشرح أسبابه، متحدثا عن "سابقة" منذ تأسيس الحزب العلماني عام 1989.
واعتبر أن "السلطة تقدم إشارات على أنها تبنت السياسة الأسوأ" عبر "عرقلة أي نقاش في المجتمع، بما في ذلك داخل الأطر التنظيمية للحزب".
وردت سلطات ولاية الجزائر على بيان 'الأرسيدي' ، مبررة رفض منحه ترخيصا لتوقع مشاركة نحو 250 ناشطا في الاجتماع "على مستوى قاعة لا يمكن أن تستوعب أكثر من 200 شخص أخذا بعين الاعتبار التدابير الاحترازية الواجب اتخاذها للوقاية من تفشي فايروس كورونا".
وأوضحت ولاية العاصمة أن مصالحها "مستمرة في استقبال ودراسة أي طلب اجتماع عمومي، شريطة التقيّد بالتدابير الوقائية الصحية اللازمة".
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن وزارة العدل طلبت الخميس رفع الحصانة البرلمانية عن نائبين معارضين، أحدهما محسن بلعباس زعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية. ولم يصدر أي توضيح حول أسباب هذا الطلب.
من جهتها قالت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان الخميس إن "انتهاكات الحقوق العامة متواصلة، يكشف النظام ويؤكد توجهه السلطوي والمعادي للحريات".
وأضافت "مع تعبيرنا عن تضامننا مع التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ندين هذه الهجمات المتكررة على المكاسب الديمقراطية" وحثّت "السلطات على احترام الحريات".
ومنعت السلطات الجزائرية كل التجمعات العامة بما فيها التظاهرات السياسية منذ منتصف مارس في إطار مكافحة وباء كوفيد-19. لكن منظمات حقوقية تتهم السلطات بتوظيف الأزمة الصحية من أجل التضييق على الحريات وتصعيد القمع ضد الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في فبراير 2019 ويطالب بـ"تغيير النظام".
وسبق أن منعت السلطات حركة مجتمع السلم (حمس) الحزب الإسلامي الرئيسي (اخواني) في البلاد من الاجتماع خارج مقرها. وستنظم الحركة مجلسها الوطني السبت في مقرها الوطني.
ولم يكن قرار منع حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية من عقد اجتماعه في إحدى فنادق العاصمة استثناء في خضم قرارات ذات طابع قمعي اتخذتها السلطة الحاكمة متعللة بتدابير الوقاية من فايروس كورونا.
وتقول منظمات حقوقية محلية ودولية إن وتيرة القمع في الجزائر زادت بشكل ملحوظ منذ ظهور فايروس كورونا وأن السلطات قامت خلال الأشهر القليلة الماضية باعتقال العديد من نشاط الحراك الشعبي.
كما مثل البعض من هؤلاء أمام القضاء بتهم تقول مصادر من المعارضة ومن الحراك إنها كيدية المراد منها وأد الاحتجاجات التي خفت نسبيا بسبب تدابير الوقاية من فايروس كورونا.