الجزائريون ينافسون التونسيين في رحلات قوارب الموت

الجزائر- يخاطر شباب من دول مغاربية كتونس والمغرب والجزائر بالهجرة عبر طرق غير شرعية إلى دول أوروبية والمجازفة بأرواحهم في سبيل التخلص من واقع اقتصادي واجتماعي مرير قبل أن تتحطم أحلامهم على صخرة الواقع بخسارة أرواح الكثيرين ممن قضوا غرقا أو تمت إعادتهم إلى أوطانهم.
واعتاد الجزائريون على أخبار توقيف أو غرق أو وصول مهاجرين إلى السواحل الأوروبية في ظل تزايد وتيرة أعدادهم خلال الاسابيع الأخيرة. وأعلنت السلطات الثلاثاء أن حراس السواحل للجيش الجزائري عثرت على جثث عشرة غرقى واعترضوا 485 مهاجرا كانوا على متن قوارب قبالة الساحل متجهة إلى أوروبا.
وتعكس الأرقام المهولة لأعداد المهاجرين غير الشرعيين الجزائريين مدى الواقع المعيشي الصعب الذين يعايشونه وتعدّدت دوافع "المغامرين" بدءا من البطالة وتدهور مستوى المعيشة والبحث عن الحرية وفي بعض الأحيان مجرد صعوبة إيجاد مسكن لمغادرة البيت العائلي.
ولم يردع انتشار وباء كوفيد- 19 الحالمين بالهجرة السرية من التراجع عن قرارهم بل زاد عدد المهاجرين انطلاقا من الجزائر كما من تونس، ليدخل شبابها المحبط في منافسة مع آلاف التونسيين والمغاربة على رحلات قوارب الموت.
وبحسب آخر أرقام الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود فإن 5225 جزائري أبحروا عبر سواحل غرب المتوسط و865 عبر سواحل الوسط خلال الثمانية أشهر الأولى من 2020 لكن هذه الأرقام أقل بكثير من الواقع بحسب مختصين في الهجرة غير القانونية.
ورغم تنصيص قانون العقوبات على السجن ستة أشهر لكل يحاول مغادرة الجزائر بصفة غير شرعية، لكن ذلك لم يكبح جماح الحالمين بعبور البحر بل تضاعفت أعدادهم بحثا عن أفق أرحب ، ليشكل عدد المهاجرين غير الشرعيين القادمين من الجزائر خلال العالم الجاري أكبر عدد من الوافدين إلى إسبانيا خارج الأطر القانونية المنظمة لتدفق الهجرة في البلاد.
وبحسب السلطات الاسبانية فإن 800 جزائري وصلوا السواحل الاسبانية خلال آخر أسبوع من شهر يوليو في مؤشر على تزايد وتيرة الهجرة السرية ليتصدر الجزائريون القائمة بحوالي 2000 مهاجر غير نظامي يليهم المغاربة بحوالي 900 فيما لم يتجاوز عدد التونسيين 240 مهاجرا.
ولئن ألقت العديد من الدراسات الضوء على معضلة الهجرة السرية التي ينساق إليها الشباب بشكل عام ولكنها تبقى ترتبط بعوامل سياسية قضت على أحلام الشباب بالتغيير وتراجع الثقة بالمسؤولين وهو ما ولد حالة احباط واسعة ناهيك عن عوامل اجتماعية تركت أثارا سلبية ومن أبرزها انتشار أزمة البطالة والسكن وتدهور القدرة الشرائية وانتشار ظاهرة العنف الأسري.
وتضغط أوروبا وإيطاليا على تونس بورقة المساعدات والدعم المادي لمجابهة أزمتها الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة مقابل وقف نزيف الهجرة غير النظامية على الحدود البحرية.
وحسب الإحصائيات الأخيرة ارتفع عدد المهاجرين الوافدين إلى إيطاليا بنسبة تناهز 150 في المئة خلال الأشهر الـ12 الأخيرة، معظمهم من تونس، وفق ما أعلنت وزيرة الداخلية الإيطالية السبت.
وبين الأول من أغسطس 2019 و31 يوليو 2020، وصل 21618 مهاجرا إلى السواحل الإيطالية، بزيادة قدرها 148.7 في المئة مقارنة بعدد المهاجرين العام الماضي (8691)، وفق معطيات قدمتها لامورغيزي السبت في ميلانو.
ودفع ارتفاع نسق عمليات الهجرة غير الشرعية على السواحل التونسية باتجاه أوروبا، إيطاليا إلى إرسال مسؤوليها إلى تونس لتنسيق الجهود في مسعى لوقف هذا النزيف.