لبنانيون عائدون من قوارب الموت: هذا البلد للسياسيين وليس لنا

شباب محبط يصر على تكرار محاولات الوصول إلى قبرص هربا من "جهنم".
الثلاثاء 2020/09/22
قوارب لم ترس على شواطئ الوطن الجديد

بيروت - ازدادت الهجرة غير الشرعية في لبنان بوتيرة سريعة بالتزامن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي بلغت ذروتها بانفجار مرفأ بيروت قبل أكثر من شهر.

ومؤخرا أعادت السلطات القبرصية، 115 مهاجرا غير نظامي على متن 6 قوارب وصلوا إليها من لبنان،  وأعلنت قبرص، الاثنين، أنها سترسل وفدا إلى بيروت لبحث سبل منع قوارب محمّلة بطالبي لجوء من الإبحار نحو شواطئها من السواحل اللبنانية.

غداة ذلك، كشف الجيش اللبناني عن إحباط عملية تهريب أشخاص إلى قبرص الرومية، وقال بيان "تمكنت القوات البحرية من إحباط عملية تهريب أشخاص عبر البحر إلى قبرص بطريقة غير شرعية".

وزاد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس من تدهور الأوضاع الاجتماعية  في بلد يعاني منذ أشهر، أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، واستقطابا سياسيا حادا، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية فضلا عن الانقسامات الطائفية والسياسية في الداخل.

ورفع انفجار المرفأ من إحباط وغضب الشباب في لبنان، الذي يشهد منذ 17 أكتوبر 2019 احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.

وقال أحد الشباب العائدين من قوارب الهجرة التي لم ترس على شواطئ الوطن الجديد، مفضلا عدم ذكر اسمه، "الفقر هو السبب الرئيسي للتفكير في الهجرة غير النظامية. أعمل 14 ساعة يوميا مقابل 20 ألف ليرة (نحو 13 دولارا) وهي غير كافية".

وأضاف "أنا وأقراني لا نريد سوى الخروج من هذا البلد، وسنعاود محاولات الخروج مجددا على الفلوكة (قارب صغير) هذا البلد ليس لنا وإنما للسياسيين وحدهم". فيما قال مهاجر آخر "أستطيع توفير المأكل والمشرب، ولكني قررت الهجرة لتوفير مستقبل أفضل لأبنائي، فلا مستقبل لهم هنا في لبنان".

ويروي أحد الشباب العائدين من قوارب الهجرة حجم المعاناة والشقاء التي استمرت نحو 80 ساعة ذهابا وإيابا في عرض البحر، قائلا "وصلنا قبرص ومكثنا هناك 5 أيام، وبعد ذلك قالوا لنا إنهم سيخضعون الجميع لفحوص طبية، لكننا فوجئنا بأنهم وضعونا في سفن وأعادونا إلى لبنان".

وأوضح لبناني آخر "دفعت 5 ملايين ليرة (نحو 3400 دولار) لأحد المهربين نظير الوصول إلى قبرص لكني فشلت في ذلك وفي استرداد المبلغ أيضا". فيما أكد شاب سوري، أنه دفع 13 مليون ليرة (حوالي 8 آلاف دولار) نظير الهروب بحرا إلى شواطئ قبرص. وأضاف "أنا وحيد في لبنان، أهلي جميعهم في سوريا ولا أستطيع الذهاب إليهم".

وقال حسين مصطفى (صياد من طرابلس/شمال) "أوافق على الهجرة غير النظامية تماما.. لو أملك المال الكافي سأهاجر بهذه الطريقة وأخاطر بعائلتي وبنفسي لكي أعيش حياة كريمة".

ودفع الانفجار حكومة حسان دياب إلى الاستقالة، بعد أن حلت منذ فبراير الماضي محل حكومة سعد الحريري، التي أجبرتها احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية على الاستقالة، في أكتوبر 2019. وكلّف الرئيس اللبناني ميشال عون، في 31 أغسطس الماضي، مصطفى أديب تشكيل حكومة خلفا لحكومة دياب.

وإلى الآن لا يظهر أي أفق لتشكيل الحكومة الجديدة، ما يعني أن الأمور تتجه على حد تعبير رئيس لبنان "إلى جهنم".