نبوغ الأطفال يكتشف قبل الالتحاق بالمدرسة

يبدأ التعليم المبكر للطفل قبل بلوغه السن التي تسمح له بارتياد الروضة أو التسجيل في المدرسة. وينصح الخبراء في مجال التربية بإتباع العائلات لأسلوب التعليم المبكر، لأنه يجعل مهارات الطفل تتطور بشكل أسرع مقارنة بالأطفال الآخرين من نفس عمره؛ فيبرز النابغة من بينهم، وتتضح مشكلات من يعانون صعوبات في التعلم، فتكون فرصة ذهبية لمعالجتها وتجاوزها قبل أن تتطور نحو الأسوأ.
لندن – يؤكد الخبراء على الفوائد الكثيرة للتعليم المبكر على مستقبل الأطفال الدراسي ولاسيما أنه يكشف القدرات الاستثنائية للموهوبين منهم ويضيء على المشكلات في التعلم التي قد يشكو منها الأطفال قبل وصولهم إلى السن القانونية التي تسمح لهم بارتياد المدرسة وبالتالي معالجة هذه المشكلات بشكل مبكر قبل أن تخلف تداعيات نفسية وتعليمية لدى الأطفال.
ويساعد هذا الأمر الآباء على اكتشاف مواهب أطفالهم وقدرتهم على إجادة البعض من اللغات الحية، أو إشارات ودلالات على امتلاكهم لمهارات في علم الرياضيات أو التقنيات على سبيل المثال، أو في الفنون كقدرته على الغناء أو الرسم أو العزف على آلة موسيقية في مستوى عال. وتعد هذه القدرات الاستثنائية مصدر فخر للآباء وبشكل خاص عندما يكون الطفل الموهوب سابقا لسنه في امتلاك هذه المهارات.
ويعتبر التعلم المبكر في نظر الأخصائيين علاجا فعالا لمشكلات الأطفال الذين يشكون من صعوبات في التعلم واستيعاب الدروس، حيث يمكن للآباء التوصل إلى الطريقة الأمثل لمساعدة أبنائهم على تجاوز هذه المشكلة من خلال الحصول على استشارة من مختص واتباع
نصائحه.
وعند معالجة مشكلات الطفل مع الدراسة مبكرا يكتسب على إثر ذلك الثقة بالنفس التي يحتاجها عندما يحين وقت تسجيله في المدرسة فلا يتعامل معها على أنها تهديد له أو لحياته أو مكان غير آمن خارج محيطه المعتاد، فيتجاوز خوفه من المدرسة وهي المشكلة التي يعاني منها الكثير من الأطفال وقد لا يفهم الآباء أسبابها في البعض من الأحيان.
ويتضاعف خوف الطفل من المدرسة عندما يقارن نفسه بزملائه الذين لا يشكون من أيّ مشكلات في التعلم ويبدون بالنسبة إليه أكثر ذكاء وبراعة منه ما يزيد من مشاعر القلق والخوف لديه وقد يسبب له تداعيات سلبية على صحته النفسية والعقلية.
خوف الطفل من المدرسة يتضاعف عندما يقارن نفسه بزملائه ويبدون بالنسبة إليه أكثر ذكاء وبراعة منه
ويؤكد خبراء التربية أن التعليم المبكر يبدأ من الأسرة حيث يتلقى الطفل القيم الأولى وتنمو شخصيته في ظل مناخ خال من العنف أو المشاكل، وبذلك تكون الأسس الأولى قد اكتملت في التعليم المبكر ويصبح الطفل مستعدا لتلقي توجيهات أو قيم جديدة في عالم المدرسة.
يقول حمدي إبراهيم، أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس بالقاهرة، إن “التعليم المبكر للطفل يفتح أمامه مجالات ذهنية كثيرة، ويساعد على نمو الذكاء والقدرات العقلية الأخرى”.
وأشار إلى تعدد الدراسات التي تؤكد أهمية التعليم المبكر حيث شرح الباحثون المزايا المعرفية لكل من برامج ما قبل الروضة التي تساعد الأطفال في سن 4 سنوات، وبرامج التعليم المبكر التي تخدم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من سنة إلى 3 سنوات وعائلاتهم.
وتفيد برامج ما قبل الروضة معظم الأطفال، خاصة أطفال الأسر ذات الدخل المتدني، كما تكون فعالة جدا في الكثير من مجالات الاستعداد للمدرسة. وتؤدي برامج التعليم المبكر إلى ارتفاع معدل النمو الاجتماعي – الانفعالي، وتفيد آباء الأطفال أيضا.
وأوضح إبراهيم أن التعليم المبكر له أهمية كبيرة في الارتقاء بمهارات المعرفة والتعلّم لدى الأطفال.
وقال إبراهيم إنه “تبين أن الأطفال الذين شاركوا في برنامج للتعليم المبكر لديهم انخفاض ملموس في سلوك الغضب، ومؤشرات على التحسّن في صحتهم وفي العلاقة مع آبائهم”.
وبين أن برنامج ما قبل الروضة زاد من مشاركة الآباء في أنشطة أطفالهم بالمدرسة والمنزل، وفق دراسة في هذا الشأن شملت مقارنات حول التعرّف إلى الحرف والكلمة والتهجئة والمشكلات التطبيقية عند أكثر من 1500 طفل في سن 4 سنوات.
ولاحظ الباحثون أن الأطفال الذين لم يشاركوا في برامج ما قبل الروضة لم يكن أداؤهم جيدا في اختبارات المعرفة التي تقيس مهارات القراءة وما قبل القراءة، ومهارات ما قبل الكتابة والتهجئة، ومهارات التفكير الرياضي وحل المشكلات.
وأظهر تحليل للدراسة أن برامج ما قبل الروضة حسّنت درجات الاختبار ومهارات الأطفال بمختلف خلفياتهم الثقافية، وأظهرت أيضا أن الأطفال من الأسر متدنية الدخل أكثر المستفيدين، ولذلك لا يجب إهمال الأداء المعرفي والتربوي لأطفال في مراحل حياتهم الأولى.
وأكدت دلال مصطفى، أستاذة علم نفس الأطفال بجامعة القاهرة، أن الرعاية والاهتمام اللذين يحظى بهما الطفل في السنوات الثماني الأولى من حياته يلعبان دورا حاسما في نمو الطفل، ويؤثران فيه طوال حياته.
وأشارت إلى أن الأطفال يتعلمون بسرعة منذ لحظة ولادتهم، حيث ينمون ويتعلمون بشكل أسرع عندما يحظون بالحب والاهتمام والتحفيز بكافة الأشكال، فضلا عن التغذية الجيدة والرعاية الصحية السليمة.
كما أن تشجيع الأطفال على اللعب والاكتشاف يساعدهم على التعلم والنمو اجتماعيا وعاطفيا وبدنيا وفكريا.
وشدد كمال الرشيدي، أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس، على أن التعليم المبكر تكون بدايته من داخل الأسرة حيث يتلقى الطفل التعليمات الأولى التي ترتبط بقواعد الصحة العامة وأدب الحديث واحترام الآخر ولا بدّ أن تكون تلك التعليمات الأولى بعيدة عن الشدة والعنف، ويتابع “يجب توفير بيئة يشعر فيها الطفل بالأمان لأنه لا تعليم من دون الإحساس بالأمان والرضاء الوجداني، إذ نلاحظ أن كلمات الحب والتشجيع تؤثر في أداء الطفل وتحفزه لأن يكون شخصا إيجابيا وتدفعه للتعاون وعدم التمرد أو الخروج على قواعد الأخلاق”.
وقال الرشيدي “ليس لدينا طفل غبي أو سلبي، وإنما من الممكن أن تكون معالجتنا للمواقف هي التي تحتاج إلى تعديل وتغيير، فلا يجب على الوالدين إرغام الطفل على فعل شيء ما بالقوة أو الرهبة أو العقاب وإنما لا بد من التفاهم وشرح الموقف بالحوار الودي والمنطقي حتى يستجيب الطفل، ويتلقى حصيلة من التعلم المبكر وهو يشعر بالحب والتفاهم مع من حوله”.
وأوضح أنه عندما يذهب الطفل إلى المدرسة فسوف يكون مستعدا لتلقي المعلومات واكتساب مهارات اللغة دون صعوبة، ما يساهم في تطوير أدائه السلوكي والمعرفي، وسوف يكتسب من مشاركته مع المجموعات أثرا جديدا في تكوين شخصيته السوية.
وبيّن أنه في هذا المستوى يكون للمدرسة بالتعاون مع البيت دورا مؤثرا في ارتفاع معدلات الأداء الاجتماعي، ويجب أن يحرص المسؤولون بالمدارس على توجيه الطفل معرفيا وسلوكيا واجتماعيا من خلال الأنشطة التي تبرز سمات شخصيته وتنمّيها.