كورونا يفضح قسوة الشرطة مع مخالفي الحجر عالميا

حوادث قتل الشرطة لمخترقي قانون الحظر الصحي تفضح لامبالاة جهات إنفاذ القانون بحقوق الإنسان.
الأربعاء 2020/08/19
عقوبات المخالفين للحجر مثار استياء

لندن - شكّل اتساع ظاهرة استخدام الشرطة في العديد من بلدان العالم أساليب مبتكرة في التعنيف ضد الناس زمن الحجر الصحي خشية انتشار فايروس كورونا وأدت إلى مقتل البعض منهم بوحشية، ردود فعل غاضبة من المجتمع المدني وكذلك المنظمات الحقوقية الدولية التي تتابع هذه المشكلة التي يبدو أنها لم تجد آذانا صاغية لدى بعض الحكومات.

وعند متابعة هذه الأعمال ضد المدنيين من شرق آسيا وحتى الولايات المتحدة، يقف المتابع على كمية العنف الذي تستخدمه الجهات المعنية بإنفاذ القانون زمن كورونا، والذي بات مثار جدل كبير خاصة وأن عنف الشرطة يتركز في دول ذات كثافة سكانية عالية في قارتي آسيا وأفريقيا.

ففي الهند ولدقيقتين ونصف، وصفت الإذاعة الهندية الشهيرة دي.جي بالتفصيل ما أشارت إلى أنه تعذيب وقتل لأب وابنه بعد احتجاز الشرطة لهما.

وقد زعمت سوشيترا رامادوراي في مقطع فيديو نشرته على موقع إنستغرام، أن القبض على الأب كان لخرقه قواعد الإغلاق بسبب كورونا، حيث قرر إبقاء متجره لبيع الهواتف المحمولة في جنوب الهند مفتوحا بعد حظر التجول.

وتقول رامادوراي إن نجل الرجل ذهب للاطمئنان عليه في مخفر الشرطة ولكنهما تعرضا للضرب المبرح لدرجة أنهما كانا ينزفان عندما مثلا أمام القاضي في اليوم التالي. وتوفيا بعد ثلاثة أيام، في الـ23 من يونيو. وقد حثّت رامادوراي متابعيها على مشاركة هذه القصة لمحاربة النظام.

وأثار مقطع الفيديو، الذي بلغت مشاهدته 20 مليون مرة قبل أن تأمر الشرطة رامادوراي بإزالته، موجة غضب عامة غير عادية.

وخرج سياسيون معارضون إلى الشوارع وعبّر نجوم بوليوود عن إدانتهم لما حدث، وعقدت محطات تلفزيونية نقاشات لساعات حول وحشية الشرطة.

كما شهدت البلاد حدثا أكثر ندرة، تمثل في القبض على 10 من ضباط الشرطة ووُجّهت إليهم تهمة القتل العمد. وقد جاءت القضية في وقت تركز فيه الاهتمام العالمي على انتهاكات الشرطة بعد وفاة جورج فلويد في الولايات المتحدة. وتجدّدت الدعوات في الهند لإصلاح ما وصفه دعاة حقوق الإنسان بثقافة العنف والإفلات من العقاب داخل نظام الشرطة في البلاد.

وكانت الاستجابة لوفاة الأب والابن غير مسبوقة وبعيدة عن كل ما كان معتادا في الهند، حيث “تستخدم الشرطة إجراءات التعذيب وتنتهك إجراءات الاعتقال روتينيا دون مساءلة”، هذا ما قالته جايشري باجوريا في تقرير صدر سنة 2016 عن الوفيات أثناء الاحتجاز في الهند.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن الحقوقية الهندية باجوريا قولها “غالبا ما يكون كامل النظام متواطئا في حماية الشرطة المسؤولة عن مثل هذه الانتهاكات بدلا من ضمان المساءلة”.

ووفقا لحملة وطنية للوقاية من التعذيب في نيودلهي، توفي 125 شخصا في حجز الشرطة بسبب التعذيب أو غيره من الانتهاكات في عام 2019.

انتهاكات واسعة
انتهاكات واسعة

في التقارير الداخلية، تنسب الشرطة مثل هذه الوفيات عادة إلى أسباب أخرى مثل الانتحار أو الأمراض الموجودة مسبقا أو الأسباب الطبيعية. ومع ذلك، حددت العديد من الحالات التي وثقتها الجماعات الحقوقية والمحققون الذين عينتهم الحكومة الوفيات على أنها نتيجة التعذيب.

وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في البلاد في تقريرها السنوي لسنة 2017 إن العنف في الحجز كان متفشيا “لدرجة أنه أصبح شبه روتيني”، مشيرة إلى شيوع الإبلاغ عن العديد من الوفيات أثناء الاحتجاز بعد تأخير كبير أو عدم الإبلاغ عنها على الإطلاق.

وتعني وتيرة النظام القضائي الهندي البطيئة أن القضايا تستغرق سنوات وحتى عقودا. وأدى تراكم عشرات الملايين من القضايا العالقة إلى تآكل ثقة الجمهور في النظام.

وقالت عالمة الاجتماع، كالبانا كانابيران، إن هذه الثقة المتدهورة في النظام هي التي دفعت بالكثيرين في الهند إلى المطالبة بالعدالة الفورية ودعمها.

وفي القارة الأفريقية بدا الأمر في بعض الدول موجودا بكثافة. ففي مطلع يونيو الماضي، توافد المئات من الكينيين إلى الأحياء الفقيرة احتجاجا على تعامل الشرطة بطريقة وحشية، وصلت لمرحلة القتل، أثناء تطبيقها الحظر للحد من انتشار كورونا.

وجابت الحشود الأحياء الفقيرة، داعية إلى وضع حد لعنف الشرطة الذي خلف 21 قتيلا خلال فترة حظر التجول منذ نهاية مارس الماضي.

وقال كولينز أودهيامبو، منظم التظاهرة حينها “نقف في كل مكان أُطلقت فيه النار على أحد المواطنين، وننحي احتراما له”، مبديا تعجبه من مقتل الأشخاص على يد الشرطة، التي تدّعي أنها “تعمل لحمايتهم من الفايروس”.

وأضاف كولينز “نفضل الآن التعامل مع البلطجية المسلحين، بدلاً من الشرطة الكينية”، لافتاً إلى أن “البلطجية على الأقل يسرقون الشخص دون قتله”.

وفي السياق نفسه، قالت سينثيا أوتشينغ، وهي قريبة أحد الضحايا الذي تعرض للضرب حتى الموت على يد الشرطة وذلك لعدم التزامه فقط بارتداء قناع الوجه في الأماكن العامة، للأناضول “لقد فقد العشرات أحباءهم اليوم على أيدي رجال الشرطة”. كما أبدت أملها في أن “العالم سيسمع صرخاتهم مثلما سمعوا جورج فلويد بعد مقتله على يد الشرطة الأميركية”.

Thumbnail
6