أشرب قهوتك حيثما كنت في مدينة رفح

شعبان حمودة صاحب كشك في رفح يقوم باستقبال طلبات الزبائن عبر تطبيق "واتساب" وبعد تجهيزها يقوم بإيصالها مجانا للزبائن على متن دراجة هوائية.
الثلاثاء 2020/07/28
خدمات توصيل بالدراجة الهوائية

الأفكار والذكاء الاجتماعي يتفوقان على الشهادات الجامعية التي لم تعد تضيف إلاّ أعدادا متزايدة من الشباب إلى طابور البطالة، هذه الأمر حدا بشاب فلسطيني إلى ترك شهادة تخرجه على الرف لينطلق في فكرته البسيطة، وهي افتتاح كشك قهوة وتوصيل المشروبات إلى الزبائن حيث كانوا في رفح.

رفح (الأراضي الفلسطينية)- يمسك شعبان حمودة مقود دراجته الهوائية بيد ويحمل بالأخرى صينية وضع عليها أكواب القهوة، ثم يناور بين المركبات لإيصالها إلى زبائنه في أول خدمة توصيل يقدمها مقهى في رفح جنوب قطاع غزة الفقير والمحاصر.

وأسس حمودة (31 عاما) الذي يحمل شهادة جامعية في إدارة الأعمال كشكا صغيرا لبيع المشروبات الساخنة في وسط سوق رفح المركزي الواقع بين المدينة ومخيمها للاجئين.

وفي الكشك الذي يحمل الاسم الأول لصاحبه، تجد موقدا للنار وعددا من القدور وأكوابا زجاجية والمئات من الكؤوس المصنوعة من الورق المقوى، وعلى رف خشبي وضع حمودة علب القهوة والشاي والنعناع لإعداد المشروبات.

يستقبل حمودة الأب لطفلين، طلبات الزبائن عبر تطبيق “واتساب” وهو جالس خلف مكتب صغير في المقهى، ثم يجهّز الطلبات ويقوم هو أو أحد العاملين التسعة لديه بإيصالها مجانا للزبائن على متن دراجة هوائية.

ويشير صاحب المقهى إلى أن “محال بعض الزبائن لا تبعد أكثر من كيلومترين عن السوق”. يقول حمودة، “عملت في مقهى داخل السوق لتوصيل المشروبات للزبائن، لكن أجرتي لم تكن تكفي لدفع إيجار الشقة ولا لشراء الطعام والشراب لأسرتي”.

ويضيف، “قررت بدء مشروع مستقل بإنشاء مقهى، وتميزت بتوصيل الطلبات على الدراجات الهوائية”. ويستدرك “العمل ينهي الإحباط”. يفتح حمودة المقهى يوميا من الساعة الخامسة فجرا وينهمك مع العاملين لديه في إعداد المشروبات وتوصيلها حتى منتصف الليل.

وإلى جانب توصيل الطلبات بالدراجة الهوائية، يضع حمودة طاولات صغيرة ومقاعد أمام المقهى تلبية لرغبة بعض الزبائن من المارة الذين يفضلون الجلوس.

أسس حمودة الذي يحمل شهادة جامعية في إدارة الأعمال كشكا صغيرا لبيع المشروبات الساخنة في وسط سوق رفح المركزي الواقع بين المدينة ومخيمها للاجئين

وتعتبر خدمة التوصيل هذه جديدة في قطاع غزة، ويقول حمودة “الناس تحب كل جديد، لقد قوبلت بتشجيع من الكثيرين”، لكنه يشير إلى تأثير “فايروس كورونا بعض الشيء خلال الأسابيع الأخيرة وتقليص رواتب السلطة الفلسطينية، لكن بالمجمل البيع جيد”.

وأحصت الضفة الغربية المحتلة أكثر من عشرة آلاف إصابة بالفايروس بينها 74 وفاة، في حين سجلت في غزة 76 إصابة، ووفاة واحدة. حرم الفقر علي أبوجياب (25 عاما) من استكمال تحصيله العلمي، وهو يعمل اليوم مع حمودة في توصيل المشروبات على دراجته الهوائية، بعد أن كان أحد زبائن المقهى.

يقول الشاب الأعزب، “أستخدم العجلات، التنقل فيها أسهل وأسرع وهي رياضة ممتعة أيضا وغير مكلفة، الفكرة جميلة وأحبها الناس”. ويتذمر أبوجياب من أن الوضع الاقتصادي “صعب جدا” في القطاع، ويضيف، “لا عمل ولا أمل عند الشباب، علينا تحدي البطالة والإحباط”.

يمتلك سامح جودة الشاب الذي لم يكن من محبي القهوة، محلا لبيع العطور والبخور في سوق رفح المركزي، لكن رائحة القهوة التي تفوح في السوق من مقهى حمودة جعلته يبدل رأيه.

وأصبح جودة (25 عاما) أحد زبائن المقهى ويقول “منذ أن فتح شعبان المقهى، جذبتني رائحة القهوة وصرت أشتري كل أسبوع فنجان قهوة صغير، أما الآن فأشتري كوبا أو كوبين يوميا”.

ويضيف الشاب، “فكرة شعبان رائعة وجديدة، أرسل طلبي له عبر واتساب وبسرعة البرق يأتي المشروب ساخنا، هذا أمر جديد بالنسبة لنا ومشجع”. وقاطعته فتاة كانت في المحل تشتري العطور قائلة، “فكرة لافتة، يمكن للشباب أن يخلقوا أفكارا تساعدهم على إيجاد مصدر رزق حتى يعيشوا رغم الإحباط والفقر والبطالة”.

24