السياحة الداخلية أفضل الحلول للدول العربية

لم تفاجئ الأزمة التي خلفها وباء كورنا دول الخليج التي توجهت في السنوات الأخيرة للاستثمار في قطاع السياحة حيث سرعان ما لحقتها خسائر فادحة كبقية دول العالم وبدأت تبحث عن حلول سريعة لموسم الصيف، حيث يرى الخبراء أن الحلول تكمن في السياحة الداخلية والبينية، ليكتشف السياح الخليجيون جمال بلدانهم.
دبي - مع بداية رفع الحجر الصحي بدأت عجلة السفر تدور ببطء وبشروط، ففي البلدان الأوروبية اقتصر السفر ضمن حدود القارة التي تعتبر مصدّرة للسياح، لذلك ستبقى الدول التي تعتمد على السياحة كرافد هام للاقتصاد تعاني من أزمة خلال العطل الصيفية القادمة إذا لم تستعجل طرح الحلول البديلة.
في دول الخليج التي بدأت تتجه في السنوات الأخيرة للسياحة كقطاع هام، دخلت هي الأخرى في أزمة شح السياح والزوار في هذا الموسم الذي طال كل الدول.
ولأن دول الخليج تتمتع بنسب إنفاق عالية على السياحة الدولية، وهذا ما كان يشعل التنافس المحموم بين شركات السياحة العالمية على السائح الخليجي، يرى الخبراء أن حلول أزمة السياحة في هذا الموسم متوفرة إذا اعتمدت هذه الدول على السياحة الداخلية والبينية.
قالت مديرة معرض سوق السفر العربي في الشرق الأوسط دانييل كورتيس، “أثّرت أزمة كورونا العالمية بشدة على السفر والسياحة والفعاليات والأنشطة الترفيهية في جميع أنحاء العالم، ولكن على الرغم من ذلك، بدأنا نرى الآن رغبة غير معلنة بالسفر لدى الكثيرين من الأشخاص، وتلهفهم لتعويض ما فاتهم خلال الأزمة”.
وأضافت “لا تزال الرغبة بالسفر وقضاء العطلات تتملك الأشخاص ولكن مع وجود تغييرات جوهرية، حيث باتت السلامة على رأس أولوياتهم. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن نشهد زيادة في التوجه خلال الأشهر المقبلة نحو ما بات يعرف اليوم بإقامة العطلات، مع حرص القاطنين في البلد على أخذ إجازتهم لعدة أيام في مكان مألوف بالنسبة لهم، لاسيما في ظل استمرار توقف الرحلات الجوية والقيود المفروضة على السفر الدولي”.
وأشار أحدث تقرير صادر عن معرض سوق السفر العربي، قبل إقامته افتراضيا من الأول حتى الثالث من يونيو 2020، إلى أنه من المتوقع أن تقود السياحة المحلية والسفر الداخلي مرحلة التعافي من أزمة كورونا في دول مجلس التعاون الخليجي، بالتزامن مع بدء رفع القيود تدريجيا في المنطقة.
وتمتلك دول الخليج مميزات ومقومات سياحية تجعلها من أهم الوجهات على الخارطة السياحية العالمية، فهي تتميز بطقس جيد ومشمس طوال السنة وشواطئ جميلة، بالإضافة إلى توفّر الجانب الترفيهي من خلال تنظيم مهرجانات شعبية وبطولات دولية للخيول وسباق السيارات، والقيام بالرحلات البحرية وزيارة المتاحف والمعارض وغيرها.
ويتوقع البحث الذي أجرته كوليرز إنترناشيونال بالشراكة مع سوق السفر العربي أن يستعيد سفر العائلات والسفر الفردي عافيته أولا، كما من المنتظر أن يشهد إجراء حجوزات جديدة قبل الأقسام الأخرى ضمن قطاع السفر. واستعدادا لانتعاش قطاع السفر والسياحة على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، من الضرورة بمكان أن تتمكن شركات الضيافة من توفير راحة البال للضيوف في المستقبل القريب، وذلك عبر تطبيق سلسلة من إجراءات التعقيم والنظافة المكثفة وفق قواعد وشروط صارمة في مختلف أقسام منشآتهم الفندقية.
ولتشجيع السياح الخليجيين على إقامة عطلاتهم في بلدانهم التي يقيمون فيها، قالت كورتيس “مع بدء عودة السفر والسياحة تدريجيا، من الضروري أن تقدم الفنادق عروضا جذابة إضافية مع بعض الحوافز الأخرى مثل الخصومات على الأطعمة والمشروبات للضيوف المقيمين لديها، مع ترقيات مجانية وتقديم تسهيلات ومرونة في إجراء الحجوزات تتيح ميزة الإلغاء المجاني وفقا للظروف والمتغيرات. بالإضافة إلى ذلك، يتوجب عليهم إعادة النظر في بطاقات الولاء، مع زيادة النقاط والعروض الممنوحة للضيوف، في محاولة لتحفيز الطلب ضمن قاعدة العملاء لديهم”.
ويتوقع الخبراء أن تنتعش السياحة الداخلية في دول الخليج وذلك بسبب رغبة العائلات بالترفيه.
وستكون أبوظبي ودبي، حسب موقع “هوتل أندريست دوت كوم”، أفضل وجهات السياحة العائلية في منطقة الخليج والشرق الأوسط، خاصة أن السياحة بهما عائلية بامتياز، نظرا لتوافر العديد من الوجهات ومراكز الجذب السياحي.
وتعد الخدمات الراقية التي تقدمها هذه المرافق الفاخرة لزوارها من الإمارات ومنطقة الخليج والمرافق السياحية الأخرى في مقدمة الأسباب التي تجعل من أبوظبي الوجهة السياحية المثالية للعائلات.
لا تزال الرغبة بالسفر وقضاء العطلات تتملك الأشخاص مع وجود تغييرات حيث باتت السلامة على رأس أولوياتهم
وفي سلطنة عُمان التي تضم أماكن سياحية خلابة، وتتمتع بالعديد من المقومات الطبيعية الجاذبة، تعمل الجهات الرسمية فيها على تحديد العمل في القطاع السياحي بعد أزمة كورونا، إذ ستركز على السياحة الداخلية والإقليمية خلال الفترة المقبلة، وفقا لوكيلة وزارة السياحة، ميثاء بنت المحروقية.
وتتمتع السلطنة بمقومات سياحية عديدة ومتميزة؛ بحكم موقعها الوسيط كبوابة بين شرق العالم وغربه، وامتلاكها أجواء معتدلة مقارنة بدول الجوار.
وسبق أن فازت سلطنة عُمان بجائزة أفضل وجهة سياحية في المنطقة العربية، حسب الاستفتاء الذي أجرته مؤسسة “جو آسيا” الألمانية لعام 2019. وستعمل السلطنة على جذب السياح عبر توفير برامج تسويقية إقليميا، خاصة أن تعافي القطاع السياحي على المستوى العالمي سيحتاج إلى فترة طويلة.
وستعمل السلطنة على الترويج للمزارات السياحية فيها بشكل أكبر لدول المنطقة، خاصة الجبل الأخضر، والأشخرة ومصيرة، وأيضا محافظة مسندم لجذب الأفواج السياحية إليها من دول الخليج.
وفي السعودية التي تأثرت السياحة فيها وخاصة الدينية بشكل كبير بسبب توقف رحلات العمرة، تأمل الشركات أن تعود إلى عملها كالسابق، خاصة أن المملكة أنفقت المليارات من الدولارات على هذا القطاع خلال الفترة السابقة.
وكانت السياحة من القطاعات التي ذهبت المملكة إليها للتنويع من مصادر دخلها بهدف تقليل الاعتماد على النفط الذي شهد تراجعا كبيرا في أسعاره بسبب جائحة كورونا، والخلاف مع روسيا حول الإنتاج.
وعبر وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب عن أمله خلال حديث له في أبريل الماضي، في أن يكون تأثير الوباء على القطاع السياحي في بلاده على المدى القصير فقط.
وتنتظر الفنادق والمطاعم والأماكن السياحية، كما يؤكد الخطيب، عودة السياح إلى بلاده التي تعد قطاعا جديدا بها.
وستعمل الكويت على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لقطاع السياحة، ووضع الحلول المناسبة والواجب اتخاذها لمعالجة أوجه الخلل لضمان الاستدامة المالية لقطاع السياحة والسفر؛ لكونها تعد أحد أهم روافد الاقتصاد الكويتي، حسب بيان لاتحاد مكاتب السفر.
وفي البحرين، يتوقع مدير إدارة التطوير العقاري والسياحة بمجلس التنمية الاقتصادية علي مرتضى، احتمال عودة قطاع الضيافة والسياحة إلى الانتعاش على الرغم من الضربة التي تلقاها جراء انتشار وباء كورونا.
ومن المنتظر أن يتناول معرض السياحة والسفر “الوجه المتغير للسفر الفاخر للعائلات”، وكيف أصبحت راحة البال ذات أثر بالغ لتوجهات هذا النوع من السفر، وتأثير ذلك على سفر العائلات وأماكن الإقامة التفضيلية الجديدة، وغيرها من العوامل الرئيسية التي تسهم في اتخاذ قرار السفر.