معركة النفط السعودية الروسية متواصلة خلف الكواليس

منافسة حامية بين الرياض وموسكو لانتزاع الحصص في الأسواق الأوروبية والآسيوية.
الأربعاء 2020/04/22
الاتفاقات الرسمية لا تكشف الصورة الكاملة

تشير بيانات كواليس أسواق النفط إلى أن السعودية وروسيا تخوضان معركة حامية لانتزاع الحصص في الأسواق الأوروبية والآسيوية، رغم الهدنة المعلنة والاتفاق التاريخي لتطبيق خفض قياسي في الإنتاج من أجل إنقاذ الأسعار.

موسكو - كشفت أطراف فاعلة في أسواق النفط أن السعودية وروسيا مازالتا تتبادلان الضربات في أسواق النفط، وأنهما تستخدمان كافة أسلحة الخصومات والتسهيلات لانتزاع الحصص من الطرف الآخر.

وأظهر تحليل لبيانات الشحن البحري أن المنافسة بين البلدين تتعلق بالسوق الفورية أكثر من ارتباطها بأسعار العقود الآجلة، إذ تتواصل معركة طويلة الأمد على الحصص السوقية، وبخاصة في آسيا.

وقالت الرياض وموسكو الأسبوع الماضي إنهما مستعدتان لاتخاذ إجراءات إذا لزم الأمر لتحقيق التوازن في السوق عبر خفض مشترك للإنتاج مع باقي أعضاء تحالف أوبك+ اعتبارا من بداية مايو المقبل.

ونسبت رويترز إلى مصدر في شركة لتجارة النفط قوله إنه “خلف البيانات التعاونية، لا تزال المعركة دائرة” بين السعودية وروسيا.

وأضاف أن أسعار البيع الرسمية السعودية تشير إلى أن الرياض تستهدف السوق الآسيوية، حيث لا يزال الطلب متينا فيها بعض الشيء في ظل إجراءات العزل العام العالمية.

وتعتمد روسيا على الأسواق الآسيوية كوجهة لإنتاجها النفطي منذ تدشين خط أنابيب شرق سيبيريا المحيط الهادي البالغة طاقته 1.6 مليون برميل يوميا.

ويربط هذا الأنبوب حقولا روسية بأسواق آسيوية عبر ميناء كوزمينو، منفذ صادرات البلاد الشرقي الرئيسي، وأيضا عبر فرع من خط أنابيب شرق سيبيريا المحيط الهادي يربطه مع الصين، أكبر مستهلك آسيوي.

ولم ترد شركة النفط الوطنية السعودية أرامكو ووزارة الطاقة الروسية حتى الآن على طلبات للتعقيب. وامتنع عملاق النفط الوطني الروسي روسنفت عن التعقيب.

وخفضت أرامكو أسعار البيع الرسمية لخامها إلى آسيا في مايو المقبل بما يتراوح بين ثلاثة دولارات وخمسة دولارات لمختلف درجاتها في ثاني شهر من التخفيضات الكبيرة، في وقت كانت فيه التخفيضات السعرية على شحنات أرامكو لأوروبا أقل، مع زيادات طفيفة على درجاتها الأثقل.

وبالمثل، خفض العراق والإمارات والكويت أسعار شهر مايو على النفط الخام المتجه إلى آسيا.

ودفع ارتفاع إمدادات النفط الخام السعودي تحميل مايو إلى الأسواق الآسيوية، إلى جانب انخفاض أسعار البيع الرسمية، الفروق السعرية لدرجات خام روسية مثل سوكول ومزيج شرق سيبيريا المحيط الهادي في آسيا إلى انخفاض حاد.

وبلغت الخصومات على كلتا الدرجتين، اللتين عادة ما يجري تداولهما بعلاوات مرتفعة فوق خام دبي القياسي، مستويات قياسية.

بولندا استوردت كميات قياسية من النفط السعودي في أبريل ولم تستورد للمرة الأولى نفطا روسيا عبر البحر

وتشير البيانات إلى أن السعودية تكسب أيضا حصصا في أوروبا، حيث الغلبة تقليديا لصادرات النفط والغاز الروسية.

فقد أظهرت بيانات الشحن المتاحة على منصة رفينيتيف آيكون أن مبيعات السعودية لأوروبا في طريقها لأن تتجاوز 29 مليون برميل في شهر أبريل الجاري، بما يقل بفارق طفيف عن مستواها القياسي المسجل في أغسطس 2016.

وستزيد إمدادات أرامكو من الخام العربي، بما في ذلك الخام العربي الخفيف، وهي الدرجة الأقرب إلى الخام الرئيسي الروسي من حيث الجودة، إلى كل من إيطاليا وتركيا واليونان وفرنسا وبولندا في أبريل. وجميع هذه الدول من المشترين المنتظمين للنفط الروسي.

وتفيد البيانات أن واردات شركات التكرير البولندية سوف تصل إلى مستويات قياسية تبلغ 560 ألف طن من الخام العربي الخفيف عبر ميناء جدانسك خلال الشهر الجاري.

وقال متعاملون إن بولندا لن تستورد أي كميات منقولة بحرا من خام الأورال الروسي هذا الشهر للمرة الأولى منذ فترة طويلة، بينما ستظل إمدادات النفط العربي الخفيف لبولندا ثابتة في مايو المقبل.

ونسبت رويترز إلى مصدر في مصفاة تكرير أوروبية قوله “مع تراجع الطلب تصبح المنافسة أكثر صعوبة. لا يمانع السعوديون في اتخاذ خطوات إضافية من أجل المشتري، ربما يكون على روسيا أيضا التفكير في عروض خاصة”.

وكانت تقارير قد ذكرت أن شركة أرامكو السعودية تسعى لجذب مشترين بشكل أكبر من خلال عرض تأجيل مدفوعات لتسليم شحنات من الخام بما يصل إلى 90 يوما على شركات تكرير في آسيا وأوروبا.

وقال متعاملون إن الميزة الرئيسية لدى روسيا في معركة السوق الحالية مع السعودية هي شبكتها المترامية الأطراف من خطوط الأنابيب التي تساعدها على توريد النفط بأسعار أرخص مقارنة مع منافستها التي يتعين عليها إيجاد ناقلات ودفع تكاليف النقل.

وأكد متعامل في سوق النفط الأوروبية أن “حقول النفط الروسية مرتبطة بمصافي تكرير في أوروبا وآسيا وشركات النفط لديها عقود طويلة الأجل معها، وأنها على عكس السعودية لا تخضع لأسعار الشحن وتوافر الناقلات”.

ويبدو أن معركة حصص الأسواق قد تتفاقم، إذا لم يسفر انهيار الأسعار عن خفض كبير في إنتاج الدول من خارج تحالف أوبك+ وخاصة الخام الأميركي الذي انهارت أسعاره هذا الأسبوع تحت الصفر، بسبب عدم وجود مشترين وامتلاء مستودعات التخزين.

11