فايروس كورونا لا يستهدف الرئتين فقط

أطباء يكشفون أن الفايروس التاجي يدخل الجسم من خلال الجهاز التنفسي ويمكن أن يدخل إلى مجرى الدم ثم ينتقل إلى الأعضاء الأخرى ويغزوها.
الثلاثاء 2020/04/21
الفايروس يغزو غالبية أعضاء الجسم

واشنطن- استنتج الأطباء والخبراء أن فايروس كوفيد – 19 يستهدف الرئتين من خلال الحالات الأولى للإصابات التي تم الإبلاغ عنها في الصين. وبعد انتشار الفايروس يلاحظ الأطباء معاناة مصابين به من أعراض شديدة، ومن أضرار أخرى حول الجسم من الكلى إلى القلب.

وقال مدير الصحة العالمية في نورثويل هيلث في نيويورك إريك سيو بينيا، وطبيب بغرفة الطوارئ، يشارك في إدارة مستشفى لعلاج الفايروسات التاجية في منشأة ساوث بيتش للطب النفسي في جزيرة ستاتن “في حين أن الرئتين تتحملان العبء الأكبر، لأن مناعتنا منخفضة جدا لفايروس كورونا، إلا أنه في الواقع قادر على التحرك في جميع أنحاء الجسم كله”.

وأردف بينيا أن الفايروس التاجي يدخل الجسم من خلال الجهاز التنفسي، عبر الفم أو الأنف إلى الرئتين، ويحتاج ليصيب الإنسان إلى الارتباط بإنزيم موجود على أسطح الخلايا التنفسية. ولكن بمجرد دخول الفايروس التاجي بالفعل إلى الجسم، يمكن أن يدخل إلى مجرى الدم، ومن مجرى الدم، يمكن أن ينتقل إلى الأعضاء الأخرى ويغزوها.

ويوضح سيو بينيا “بمجرد دخوله جسم الإنسان، لن يكون لدى الفايروس مشكلة في الدخول إلى أنواع مختلفة من الخلايا”. وهذا “مؤسف لأنه يسبب كل مشكلات الأعضاء الأخرى”.

تمت إضافة فقدان حاستي الشم والتذوق مؤخرا إلى قائمة الأعراض المحتملة لفايروس كورونا، والتي قد تشير إلى أن الفايروس ربما يكون قادرا على غزو الجهاز العصبي والجزء من الدماغ

ولاحظ بينيا أثناء علاج مرضى كوفيد – 19 الشديد في غرفة الطوارئ، مرضى يصابون بالتهاب عضلة القلب الفايروسي، أو عدوى في عضلة القلب، وأضاف أنه عندما يعاني أحد المرضى من الوفاة القلبية المفاجئة أو الوفاة المفاجئة بسبب مشكلات في القلب، فإنه عادة ما يكون بسبب التهابات حول القلب.

ويمكن لسارس كوف – 2 التسلل إلى كل من القلب والرئتين، لأن كلا منهما يحتوي على خلايا مغطاة بالبروتينات السطحية المعروفة باسم الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (ACE2)، والذي يعمل بمثابة بوابة للفايروس لدخول الخلايا، وفقا لتقرير سابق نشره موقع “لايف ساينس”.

وتحتوي الأعضاء الأخرى أيضا على هذا الإنزيم، حيث يحتوي الجهاز الهضمي، على سبيل المثال، على العديد من هذه البوابات، ويعتقد أن الفايروس قد يدخل إلى أعضاء أخرى بطريقة مماثلة.

وأكد بينا إن بعض المرضى الذين ليس لديهم أعراض تنفسية يعانون بدلا من ذلك من أعراض الجهاز الهضمي، ما يعني أن الفايروس قد اخترق أمعاءهم الدقيقة وأحيانا الأمعاء الغليظة.

وأضاف “نرى إنزيمات الكبد مرتفعة كثيرا، في بعض الحالات الخفيفة، ما يوحي بأن فايروس كوفيد – 19 يغزو خلايا الكبد”. وتابع أنه عندما تموت خلايا الكبد، فإن إنزيماتها تنسكب في مجرى الدم. وأشار إلى أن الكبد “جيد بشكل لا يصدق في التجدد، لذلك ربما لا يكون هناك ضرر طويل الأمد” عليه جراء الفايروس.

كما أفاد سيو بينا أن بعض المرضى يصابون بالفشل الكلوي، مشيرا إلى أنه في حين أن بعض تلف الأعضاء هو نتيجة للفايروس الذي يغزو الخلايا مباشرة، فإن جهاز المناعة يمكن أن يسبب الكثير من الدمار. وأوضح أن “عواصف السيتوكين”، التي يتم فيها إطلاق جيش من الخلايا المناعية في مجرى الدم ثم تهاجم الأنسجة السليمة في جميع أنحاء الجسم، تسبب إصابة رئوية حادة ويمكن أن تسبب أيضا فشل الجهاز متعدد الأعضاء، “إنها استجابة ساحقة تقوم في الأساس بإغلاق أجسامنا”.

والسيتوكين هو مادة تفرزها خلايا الجهاز المناعي طبيعيا لتنظيم النشاط المناعي والتفاعل مع الالتهابات وأيضا رد دفاعي طبيعي عندما يتعرض الجسم لهجوم، لكن في حالة “عاصفة السيتوكين”، يُسجل نشاط مفرط للنظام المناعي ما قد يؤدي إلى الوفاة.

وقال المدير المساعد لأمراض القلب الوقائية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز إيرين ميخوس، إنه ليس من الواضح سبب امتلاك بعض الأشخاص لهذه الاستجابة المناعية المرتفعة مقارنة بالآخرين، ولكن بعض الأشخاص قد يكونون عرضة لها وراثيا.

ويمكن أن تؤثر “عواصف السيتوكين” على الدماغ، وقد يعاني بعض مرضى كوفيد – 19 من “عواصف السيتوكين” في الدماغ.

بعض المرضى الذين ليس لديهم أعراض تنفسية يعانون بدلا من ذلك من أعراض الجهاز الهضمي، ما يعني أن الفايروس قد اخترق أمعاءهم الدقيقة
بعض المرضى الذين ليس لديهم أعراض تنفسية يعانون بدلا من ذلك من أعراض الجهاز الهضمي، ما يعني أن الفايروس قد اخترق أمعاءهم الدقيقة

وتمت إضافة فقدان حاستي الشم والتذوق مؤخرا إلى قائمة الأعراض المحتملة لفايروس كورونا، والتي قد تشير إلى أن الفايروس ربما يكون قادرا على غزو الجهاز العصبي والجزء من الدماغ المسؤول عن حاسة الشم.

وأردف سيو بينيا “في الحالات الشديدة للغاية، من المحتمل حدوث بعض الضرر الدائم.. لكن رأينا أدلة على أن الأشخاص الذين يحصلون على شفاء كامل، يمكن أن يعودوا إلى طبيعتهم بعد الانهيار وعلى وجه الخصوص في مستوى الكبد والكلى”. وأضاف أنه حتى مع الالتهاب الرئوي متعدد البؤر أو الالتهاب الرئوي الذي يصيب أكثر من جزء من الرئتين “نرى من خلال عدد من الصور بالأشعة السينية للصدر أنها تعود إلى وضعها الطبيعي”. لذلك بالنسبة لمعظم الناس، “سوف تتعافى الأعضاء، طالما كنت على قيد الحياة بعد العدوى”.

وهذا صحيح حتى لدى المرضى الذين يعانون من تلف في القلب، رغم أنه عضو غير كفؤ في التجدد مثل الآخرين.

ووفقا لسيو بينيا “في كثير من الفايروسات، نرى تأثر الكثير الأعضاء”، وأضاف أن أي فايروس جديد يتنقل بين البشر “يمكن أن ينتشر في كامل الجسم نوعا ما، لأن جهاز المناعة لدينا لم يشهد أي شيء مماثل”. وقال إنه بمجرد أن يطور الأفراد بعض الحصانة منه، فإن تضرر الأعضاء المتعددة الأخرى في الجسم ستكون أقلّ شيوعا.

ولا يزال حجم مناعة الأشخاص الذين تعافوا من الفايروس غير معروف حتى الآن، ولكن حتى لو لم يكتسبوا مناعة كاملة، فإن البقاء على قيد الحياة يعني على الأرجح أن الشخص كانت لديه عدوى أقلّ حدة مع ضرر أقلّ لأعضاء الجسم الأخرى غير الرئتين.

17