حاذر، العلماء يترجمون أفكارك إلى نص مقروء

لوس أنجلس – مع كل كلمة ننطقها أو عبارة نفكر فيها، هناك نشاط يحدث في الدماغ، واليوم أعلن العلماء أنهم توصلوا إلى آلية تتيح قراءة النشاط المرافق للتفكير وترجمته إلى نص مكتوب.
وتثير التكنولوجيا الجديدة التي يمكنها قراءة العقول وتحويل الأفكار إلى جمل كاملة بمساعدة الذكاء الاصطناعي اهتمام العاملين في الحقل الصحي، وتبعث الأمل في صفوف الآلاف من الأشخاص العاجزين عن النطق لمختلف الأسباب.
ويقول علماء من جامعة كاليفورنيا، شاركوا في تطوير التكنولوجيا، إنها قادرة على ترجمة نشاط الدماغ إلى اللغة الإنجليزية كلمة بكلمة، بمساعدة تقنيات التعلم الآلي.
وأضاف الفريق أن تعميم هذه التكنولوجيا يمكن أن يحدث ثورة في الطريقة التي تمكن الأشخاص الذين لا يستطيعون التحدث أو الحركة من التواصل.
ويثير معدل الدقة العالي لهذه التكنولوجيا حماسة الفريق العلمي، حيث بلغت 97 في المئة، وهذه النسبة أكثر من ضعف دقة الأجهزة الأخرى المعروفة لفك تشفير إشارة الدماغ، وهي تعمل عن طريق رسم خرائط نشاط الخلايا العصبية للكلمات. وتمكنت تقنية ترجمة نشاط الخلايا العصبية إلى كلمات من كتابة مسترسلة على واجهة الكمبيوتر في الوقت الفعلي، وبالطبع تتاح قراءتها بصوت اصطناعي في ما بعد.
وتعتبر الطرق المستخدمة حاليا لمنح الأشخاص الفاقدين القدرة على التحدث إمكانية الكلام ولكن بشكل بطيء للغاية، حيث تعتمد تلك التقنيات على مراقبة حركة العين، وتشنجات العضلات، وتوظف الحركات للتمييز بين الحروف التي تترجم ببطء إلى كلمات.
وكان العلماء يدركون منذ زمن أن الطريقة الوحيدة لإنتاج الكلام باسترسال وطلاقة تكمن في تسجيل النشاط داخل الدماغ، وبالتالي فإن التكنولوجيا الجديدة تفتح الأبواب أمام تطوير حلول عملية لقراءة الأفكار.
وأكد الدكتور جوزيف ماكين، من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو أن “متوسط معدلات الخطأ في الكلمات منخفض ولا يتجاوز 3 في المئة”.
وأجريت الأبحاث على أربعة مرضى يعانون من الصرع، تم تزويدهم بزرع دماغي لمراقبتهم خلال نوباتهم. وقال الدكتور ماكين إن نشاطهم العصبي تحول “كلمة بكلمة إلى جمل إنجليزية في الوقت الحقيقي”.
وحققت التقنيات السابقة نجاحا محدودا، مع كفاءة أقل بكثير من كفاءة الكلام الطبيعي.
في الدراسات السابقة التي استخدمت تقنية مماثلة، كان بإمكانهم فقط فك شفرة أجزاء من الكلمات المنطوقة، أو أقل من 40 في المئة من الكلمات في العبارات المنطوقة.
الإضافة الجديدة التي استخدمها الدكتور ماكين وزملاؤه هي الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، وبالتحديد تقنية التعلم الآلي، لترجمة سلوك خلايا الدماغ إلى الجمل. والسؤال هل ستقف تطبيقات التكنولوجيا على الفاقدين للقدرة على التحدث، أم ستحاول جهات كثيرة، حكومية بشكل خاص، توظيفها لغايات أخرى؟
مثلها مثل أية تكنولوجيا تخترق العالم الداخلي للإنسان، سيثير تطبيقها مخاوف جهات عديدة لأنها ستفتح الأبواب واسعة للتعدي على خصوصية الإنسان. ويتساءل البعض، ماذا لو وقعت هذه التكنولوجيا بأيدِِ إجرامية؟
هل هناك ما يضمن عدم استخدامها من قبل أنظمة دكتاتورية لانتزاع معلومات من معارضين لهم؟
حتى بأيدي حكومات ديمقراطية قد يساء توظيف هذه التكنولوجيا.
تساؤلات ومخاوف مشروعة، لكن يجب أن لا تمنعنا من الاحتفاء بالجانب المشرق لهذا الاختراق العلمي الذي سيسهل الحياة أمام الملايين.