النهضة تقود حملة تشكيك في حكومة الفخفاخ

تكشف تحركات حركة النهضة الإسلامية في أول أزمة تعترض حكومة إلياس الفخفاخ، المشاركة فيها، عن غياب مبدأ التضامن الحكومي. فبعد مساندتها لاعتصام الكامور وتحميلها الحكومة مسؤولية الاستجابة للمطالب الاجتماعية القديمة ومحاولة رئيسها ورئيس البرلمان راشد الغنوشي تجاوز صلاحيات السلطة التنفيذية، لم تستبعد أطراف سياسية أن تكون الحركة تقود حملة تشكيك في قدرة الفخفاخ على التصدي للأزمات تمهيدا لإسقاطه.
تونس – تقود مواقع تواصل اجتماعي محسوبة على حركة النهضة الإسلامية منذ وصول وباء كورونا إلى البلاد حملة تشكيك في قدرة حكومة إلياس الفخفاخ على مواجهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لتفشي الوباء.
والتقطت الأطراف المحسوبة على حركة النهضة سريعا مساندة حزبهم لاعتصام الكامور في محافظة تطاوين، جنوب البلاد، ومطالبة حكومة الفخفاخ بالاستجابة لمطالب المحتجين التنموية، لتنخرط في حملة تشكيك واسعة وصفها مراقبون بأنها ممنهجة وتستهدف شخص رئيس الحكومة.
وترى أوساط سياسية أن حركة النهضة الإسلامية المشاركة في الحكم، تريد استغلال الوضع المتأزم حاليا على الصعيدين الصحي والاقتصادي لإحراج حكومة الفخفاخ.
وقال القيادي في حزب نداء تونس منجي الحرباوي في تصريح لـ”العرب” إن “أطرافا سياسية تحاول استغلال هذا الظرف بما فيها حركة النهضة للركوب على الأحداث”.
وأكد الحرباوي أن “النهضة غير راضية على الحكومة وعلى توجهات رئيس الجمهورية قيس سعيّد أيضا وتحاول تسجيل نقاط سياسية واستغلال الأزمة لصالحها”.
وأقر القيادي في الحزب بأن “النهضة تضع العصا في عجلة الحكومة”، إلا أنه اعتبر أن “الظرف غير مناسب للمناكفات السياسية”. ودعا الجميع إلى “التضامن والتعالي على الصراعات الضيقة”.
واعتبر الخبير الاقتصادي ووزير التجارة الأسبق محسن حسن، أن تحسن الوضع الاقتصادي في تونس يبقى رهين الاستقرار السياسي، مقللا من قدرة الحكومة على القيام بإصلاحات هيكلية في ظل التجاذبات السياسية الحالية.
ولم يستبعد مراقبون سعي الحركة الإسلامية لتوظيف أزمة كورونا للإطاحة بحكومة الفخفاخ، حيث سبق أن تردد حديث داخل الأوساط السياسية بشأن مخطط تقوده النهضة بمعية حزب قلب تونس الذي يقوده قطب الإعلام نبيل القروي وائتلاف الكرامة الإسلامي، لسحب الثقة من حكومة الفخفاخ.
وأشار المحلل السياسي باسل ترجمان في تصريح لـ”العرب” إلى أن “الظرف لا يسمح لأي طرف بمحاولات إسقاط حكومات أو عرقلة عملها لأنه سيكون المسؤول الأول عن نتائج ذلك خاصة في ظل تفاقم تطور انتشار فايروس كورونا”.
ويرى ترجمان أن “الحكومة والأحزاب المشاركة فيها ومجلس النواب (البرلمان) بتشكيلته الحالية يضعون مستقبلهم السياسي في مهب الريح، إذا لم يتحدوا في مواجهة الإخطار الصحية والأوضاع الاقتصادية الصعبة”.
واعتبر أن “اكتفاء البرلمان بلعب دور المتابع للأوضاع والتدخل في مجالات عمل غير اختصاصه ألقى بظلاله على ارتباك العمل الحكومي”.
وعزا متابعون ارتباك الحكومة في إدارة الأزمة إلى محاولة سطو رئيس البرلمان راشد الغنوشي على صلاحيات كل من رئيسي الجمهورية والحكومة، ما ساهم بشكل مباشر في التردد في اتخاذ التدابير بالسرعة المطلوبة.
وبدأ الارتباك الحكومي بعد أن أدلى الغنوشي بتصريحات حدد فيها ما يجب اتباعه لمواجهة كورونا، تصريحات صنفتها دوائر سياسية ضمن خانة محاولة الأخير “القفز” على صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة من خلال إعلان إجراءات هي في الأصل مرجع نظر السلطة التنفيذية.
ويرى مراقبون أن الظهور الإعلامي المفاجئ لرئيس البرلمان والذي استبق من خلاله رئيسي الجمهورية والحكومة في إعلان التدابير، يدخل في باب المناكفات وتسجيل نقاط سياسية وإعطاء الانطباع بأنه في ظل غياب السلطة التنفيذية برأسيها، فإن رئيس مجلس النواب موجود.
وتلقت السلطة التنفيذية هذه الإشارات سريعا بعد أن توجه رئيس الجمهورية قيس سعيّد بخطاب للتونسيين ليلة الثلاثاء ردّ في جزء منه على تحركات رئيس البرلمان.
وقال قيس سعيد إن على السلطة التشريعية إقرار حزمة من القوانين تمكن السلطة التنفيذية من أداء مهامها في مواجهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لتفشي الوباء، مطالبا بتشريعات استثنائية تمكن من مساعدة ضعاف الحال وجبر الضرر للمؤسسات الاقتصادية المتضررة من تفشي الفايروس.
واعتبر محللون أن الرئيس التونسي بهذه التصريحات وجه رسالة مباشرة لرئيس البرلمان للإسراع باتخاذ التدابير القانونية لمواجهة الوباء عوض توجيه توصيات عامة لا تندرج في مجال اختصاصه و تفتقر إلى آليات التطبيق.
وتحاول صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي محسوبة على الحركة الإسلامية نسب مجهودات وزارة الصحة في مكافحة الوباء، إلى شخص وزير الصحة عبداللطيف المكي (المنتمي إلى النهضة) بدل نسبها للحكومة، فالمنجز الجماعي يصنفه أنصار الحركة كإنجاز فردي والفشل الجماعي يحمله أنصارها لبقية أطراف الحكم.