الحفاظ على النظافة الشخصية ينقذ العلاقة الزوجية من الانهيار

يعتبر الحديث عن إهمال الشريك لنظافته الشخصية من التابوهات في العلاقات الزوجية ومن السلوكات المسكوت عنها، حيث لا يتجرأ الشريك على مواجهة شريك حياته بحجم الانزعاج الذي يتحمله بسبب تهاونه، رغم آثارها المدمرة والتي قد تحكم على الزواج بالنهاية مبكرا.
لندن- تشهد أروقة المحاكم العربية الكثير من قضايا الطلاق التي يعتبر البعض أن أسبابها غريبة ولا ترقى إلى طلب الانفصال، مثل إهمال الشريك لنظافته الشخصية وتداعياتها على العلاقة الزوجية برمتها، فكيف يمكن لشريك أن يتحمل شريك حياة لا يستحمّ إلا نادرا ولا يغسل فمه مطلقا، ولا يعتمد على روتين يومي للنظافة؟
وتداولت مواقع إلكترونية مؤخرا إقدام عروس مصرية على رفع دعوى خلع ضد زوجها بعد 15 يوما من الزواج فقط بسبب إهماله لنظافته الشخصية، مؤكدة أنها لن تقبل بأن يقترب منها، في حال بقائها على ذمته.
وقالت العروس إنها تزوجت زواجا تقليديا من شاب ميسور الحال، وكانت تتحفظ فقط على مظهره، دون أن تدري إهماله لنظافته، مؤكدة أنه يلقي ملابسه على الأرض، ولا يغسل يديه بعد الأكل، ويعبث بأنفه، وإذا خرج من المنزل وعاد لا ينزع جواربه، رغم رائحتها الكريهة، التي تدفعها إلى القيء.
وأضافت أنها أصيبت بنزلة معوية في الأسبوع الثاني من الزواج، وقيء مستمر لاشمئزازها من زوجها، وعدم تحملها العيش معه، حيث عادت إلى منزل والديها لرعايتها، وبعد تحسن صحتها رفضت العودة إلى زوجها بسبب نفورها منه لعدم نظافته، وطلبت العروس وأسرتها الطلاق، فيما رفض الزوج ذلك، فلجأت إلى المحكمة لطلب الخلع منه.
وقال برهان سالم موظف بإحدى الشركات الخاصة إنه منذ الأسابيع الأولى للزواج لاحظ أن زوجته غير حريصة على الاهتمام بنظافة المنزل، إلا أنه تجاهل ذلك وبحكم اعتياده على القيام بالأعمال المنزلية نظرا إلى أنه عاش لسنوات بمفرده حرص على الاعتناء بنفسه بكافة أعمال المنزل، ثم سعى إلى أن تشاركه في القيام بها إلا أنها لم تستجب لدعواته.
وأضاف أنه فوجئ بإهمال زوجته لنظافتها الشخصية، إلا أنه لم يتجرأ على مناقشتها في هذا الموضوع كي لا يحرجها، وفي مقابل ذلك بدأ يشعر بالنفور منها وأصبحت علاقتهما يسودها البرود، وفي النهاية قرر أن ينفصل عنها بعد مرور أشهر قليلة على زواجهما.
وتحدثت هدى عامر عن تجربتها قائلة إنها متزوجة حديثا وفوجئت بإهمال زوجها لنظافته الشخصية، وعلى الرغم من أنها تحدثت معه في الموضوع أكثر من مرة إلا أنه لم يسع إلى التغيير، مما جعلها تفكر جديا في الانفصال عنه لأنها لم تعد قادرة على تحمله رغم الصفات الإيجابية التي تتمتع بها.
وأشارت إلى أن تربية الأم لها دور كبير في إكساب الابن هذا السلوك الذي يثير النفور في جميع العلاقات الأسرية والاجتماعية، وذلك لأنها لم تول هذا الجانب اهتماما كبيرا منذ الصغر، لذلك أصبح بمثابة العادة التي يصعب تغييرها، هذا بالإضافة إلى الدلال المبالغ فيه الذي يجعل الطفل يتعلم الكسل في كامل مجريات حياته بما في ذلك الاهتمام بنظافته الشخصية.
وأكد أخصائيو العلاقات الزوجية أن النظافة الشخصية للمرأة والرجل والاهتمام بالمظهر الخارجي يلعبان دورا مهما في الحفاظ على العلاقات الأسرية والاجتماعية، موضحين أن الروائح الكريهة والمكوث في مكان غير منظم والعيش مع أشخاص مهملين تؤثر نفسيا على الإنسان مع مرور الوقت وقد تصيبه باضطرابات نفسية مثل الاكتئاب وينطبق هذا الأمر على العلاقات الزوجية.
وكشفت دراسة أنجزتها جامعة ميسوري الأميركية شملت عينة كبيرة من الرجال والنساء، أن نسبة النساء اللاتي قررن الامتناع عن العلاقة الحميمة مع شريك الحياة بسبب انعدام النظافة الشخصية تفوق نسبة 68 في المئة، بينما كانت النسبة لدى الرجال لا تتعدى 43 في المئة.
وأظهرت أن ارتفاع معدلات الشكوى من هذه السلوكيات عادة ما تنتهي بالانفصال النهائي بين الزوجين دون إيجاد حل للمشكلة الأساسية، مشيرة إلى أن نسبة حدوث مثل هذه المشكلات تزداد في فصل الشتاء أكثر من فصل الصيف، وهذا الأمر لا يختلف كثيرا عن المجتمعات العربية، حيث كشفت الكثير من قضايا الطلاق والخلع أن السبب الرئيسي وراء السعي إلى وضع حد للعلاقة الزوجية هو عدم اهتمام الشريك بنظافته.
وشدد الخبراء على ضرورة أن يحرص كل من الزوج والزوجة على الاهتمام بالمظهر الخارجي حتى مع تقدم العمر وتقدم سنوات الزواج، وعلى الحرص الدائم على نظافة الأسنان والنظافة الشخصية حتى إذا ازدادت المهام اليومية.
وأوضحوا أن مشكلة عدم اهتمام الأزواج بنظافتهم الشخصية تعد من المشكلات الشائعة أكثر بين الرجال، على عكس النساء اللاتي تزيد لديهن معايير النظافة والاهتمام بمظهرهن، الأمر الذي يزعج كثيرا من الزوجات وقد يصل بهن الأمر في بعض الأحيان إلى الرغبة في الانفصال عن الزوج وطلب الطلاق.
ولفتوا إلى أن النظافة لا تقتصر على الزوجة فقط، ومهما كانت علاقة الزوجين قوية يظل هناك حدّ أدنى من النظافة الشخصية يجب أن يتوفر في الرجل أو المرأة على حدّ السواء، مبينين أن غالبية الطباع المتعلقة بنظافة الرجال الشخصية يكون سببها الأول الكسل، وعلى الرغم من أن مثل هذه السلوكيات صعبة التغيير إلا أن الإصرار والسعي المتواصل والتصرف بحكمة يمكن أن تكون له نتائج إيجابية تنقذ العلاقة الزوجية من الانهيار.
ولفت المختصون إلى أن السبب الأساسي لفشل العديد من العلاقات الزوجية يعود إلى أن تعوّد الزوجين على العيش سويا يجعل كل طرف لا يدرك أن انعدام الاهتمام بالمظهر الخارجي وإهمال نظافة الهندام والجسد يصيب الشريك بالنفور والبرود العاطفي. وكشفت بحوث حديثة أن حالات كثيرة يكون الدافع الأساسي فيها لانفصال الأزواج تجاهل الشريك الاهتمام بنفسه وبشريك حياته.
وأفادت الدراسات أن أنف الإنسان لا يستطيع الانتباه إلى انبعاث أي روائح كريهة من الجسم، وبخاصة رائحة الفم نظرا لحدوث تكيف لمركز الشم في الدماغ، ولفتت إلى أن التكاسل في المحافظة على النظافة الشخصية يعتبر أمرا سلبيا؛ لأنه سيصبح عادة تؤثر بالتأكيد على العلاقة.
وقال الخبراء إنه لا شيء يهدد العلاقة الحميمية بين الزوجين بالفشل الكلي مثل رائحة الفم الكريهة عند شريك الحياة، منبهين إلى أن إهمال المظهر وإغفال جانب النظافة الشخصية يصيب الحياة الزوجية بالفتور ويشعر الشريك بالملل ويؤثر سلبا على العلاقة الحميمية مما يثير الكثير من الخلافات ويضع استمرار العلاقة على المحك.
الروائح الكريهة والعيش مع أشخاص مهملين تؤثران نفسيا على الإنسان وقد يصيبانه باضطرابات نفسية
وأشاروا إلى أن بعض الأمور البسيطة قد تتحكم في مسار العلاقة الزوجية وقد تحكم عليها بالنجاح أو بالفشل وتعتبر العناية بالنظافة الشخصية من الأشياء الأساسية التي تؤثر في استمرار واستقرار هذه العلاقة، نظرا إلى تدخلها في كامل تفاصيل الحياة الأسرية.
وأكدت دراسة أنجزتها جامعة ميتشجان الأميركية، أن النظافة الشخصية كالاستحمام وغسل الأيدي يساعدان الناس على التخلص من المشاعر السيئة، مثل الشعور بالذنب، والحزن، والشك، وسوء الحظ.
وقال الباحث سبايك لي، إن النظافة تعني إزالة البقايا والمخلفات، لافتا إلى أن مجرد التفكير في الاستحمام قد ساعد الناس على التخلص من الإحساس بالفجور والفساد أو الشك في القرارات.
وكشفت بحوث سابقة أن تواجد الناس في غرفة غير مرتبة، أو ذات رائحة كريهة، يؤدي إلى جعلهم يحكمون على الآخرين بشدة وقسوة في ما يخص الأخطاء الأخلاقية، وذلك بدرجة أكبر مما لو كانوا في غرفة نظيفة، ما يعني تأثير البيئة على المزاج، وأنه يتغير بتغيرها.