شارع المتنبي رئة بغداد تتنفس بها رغم أنف كورونا

ناشرون وبائعو الكتب في بغداد يتحدون مخاوف كورونا بمواصلة نشاطهم حيث لا يزالوا يستقبلون زبائنهم رغم تحذيرات السلطات بتفادي التجمعات العامة.
الأربعاء 2020/03/11
الكتب غذاء الروح

الناشرون وبائعو الكتب في العاصمة العراقية يتحدون المخاوف من سرعة انتشار فايروس كورونا المستجد بمواصلة نشاطهم، حيث ما زالوا يتدفقون كل جمعة على شارع المتنبي ويجتمعون مع عشاق الكتب ويتبادلون معهم الأخبار السياسية والثقافية.

بغداد – لا يشعر الناشرون وبائعو الكتب في بغداد بقلق شديد من احتمال أن يتسبب فايروس كورونا المستجد في وقف نشاطهم، وذلك على الرغم من أن السلطات العراقية نصحت المواطنين بتفادي التجمعات العامة وأمرت بإغلاق المقاهي مع ارتفاع عدد حالات المصابين في البلاد إلى 67 حالة.

ولا يزال بائعو الكتب في شارع المتنبي على ضفاف نهر دجلة يستقبلون زبائنهم القادمين لشراء الكتب ومناقشة الوضع السياسي كما هو معتاد.

وأُلغيت بالفعل بعض الأحداث الثقافية لكن الكُتاب والموسيقيين والرسامين ما زالوا يتدفقون على المنطقة يوم الجمعة من كل أسبوع ويجتمعون قُرب تمثال الشاعر أبوالطيب المتنبي، الذي يحمل الشارع الثقافي اسمه.

ويعتبر شارع المتنبي السوق الثقافية لأهالي بغداد حيث تزدهر فيه تجارة الكتب بمختلف أنواعها ومجالاتها وينشط عادة في أيام الجمعة، وتوجد فيهِ مطبعة تعود إلى القرن التاسع عشر، كما يحتوي على عدد من المكتبات التي تضم كتبا ومخطوطات نادرة.

ويحتضن الشارع كل يوم جمعة العديد من النشاطات الثقافية والمعارض التي يزورها عدد كبير من السياح الأجانب فضلا عن المثقفين.

وخفت أعداد المترددين على شارع المتنبي بسبب فايروس كورونا والاحتجاجات العنيفة المستمرة منذ شهور ضد الحكومة، لكن البقاء في البيت ليس خيارا لعُشاق الكُتب حتى لو تطلب الأمر منهم استخدام الكمامات الطبية.

وقال جواد البيضاني، وهو أستاذ جامعي اشترى أربعة كتب أكاديمية، “أحرص بانتظام على القدوم إلى هنا كل يوم جمعة منذ كنت طالبا في الثمانينات”.

وأضاف البيضاني “لا ننكر أن هذا الفايروس خطير جدا وفتاك، لكنه لن يمنعنا من المجيء إلى شارع المتنبي والجلوس فيه، لأن هذه الفسحة الزمنية، التي تقدر بحوالي الساعة أو الساعتين، والتي نقضيها فيه، هي فرصتنا الوحيدة للالتقاء بالأصدقاء والأحباب وتبادل أطراف الحديث معهم في شتى المحاور والأخبار الثقافية”.

أُلغيت بعض الأحداث الثقافية لكن الكُتاب والموسيقيين والرسامين ما زالوا يتدفقون على شارع المتنبي كل يوم جمعة

ويعتبر سوق الكُتب في شارع المتنبي مقياسا للحياة الفكرية في العراق. وتُجلب خلاله الكُتب في عربات تدفع باليد من مكتبات في المباني القريبة لتُعرض على طاولات بطول الشارع.

ويتلخص وضع بغداد في الساحة الأدبية العربية في مقولة “القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ”.

وكانت خيارات الكُتب المتاحة محدودة في عهد صدام حسين الذي كان يحظر أي شيء فيه حساسية. وعقب سقوطه انتعشت الأدبيات السياسية والدينية في البلاد لكن الأذواق تغيرت حيث فقد العراقيون الثقة في نظام سياسي يراه الكثيرون فاسدا.

وقال حمزة أبوسارة، بائع كتب، “الإقبال على الكتب السياسية قليل للغاية.. السؤال هنا ما السبب؟ لأنه في السابق لم يكن هناك حضور إعلامي قوي أو إنترنت أو أقمار صناعية، حيث الحصول على المعلومات السياسية يكون عن طريق مطالعة الكتب، أما الآن فقد صار انتشار الأخبار يحصل بكل يسر وسهولة دون الحاجة إلى الكتب السياسية”.

ولفت أبوسارة إلى أن الناس صارت تشتري الآن المزيد من الكتب التي يرون أنها تساعدهم كثيرا على أن يكونوا إيجابيين أو يقبلون غالبا على اقتناء الروايات.

وعلى الرغم من الضعف الشديد في المبيعات بسبب الأزمة الاقتصادية فإن سارة البياتي، الناشرة الأنثى الوحيدة في سوق الكتب ببغداد، لا تفكر في إغلاق مكتبتها.

وأفادت البياتي التي تعرض في المكتبة إصداراتها وأعمالا مترجمة، بأن الأمور تسير بشكل مقبول.

وأوضحت أن دار النشر التي تملكها تحقق حلمها لأن أُسرتها لم تسمح لها بأن تدرس الصحافة في الجامعة، معتبرة أنها مهنة محفوفة بالمخاطر في العراق المضطرب.

ورغم أنها حصلت على درجة جامعية في الهندسة، فإن البياتي قررت تأسيس دار نشر، مؤكدة أنها “ببساطة” تحب الكتب.

وتابعت البياتي “كنت آتي باستمرار كل يوم جمعة إلى هنا لعرض الكتب في كشك صغير، بعد ذلك أصبح حلمي أكبر، لذلك قررت أن أكون مستقلة في عملي وأصبحت أول مالكة لدار نشر في العراق تديرها امرأة”.

24