إنجازات نتنياهو الانتخابية تتحطم بشروط ليبرمان

القدس- تبددت آمال رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم ليكود بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة يمينية سريعا لاسيما بعد حزمة الشروط التي طرحها، الأحد، زعيم “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان الذي بات يلقب في الداخل الإسرائيلي بـ”صانع الملوك”.
وكان نتنياهو صرح مع ظهور النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي جرت، الاثنين الماضي، بأن “هذا أهم انتصار في حياتي”، بيد أن محللين وسياسيين يرون اليوم أن نتنياهو الذي يفضل أنصاره مناداته بـ”الملك بيبي” قد تسرع كثيرا في إصدار هكذا تقييم لإنجازه الانتخابي، الذي لم يتخط عتبة 58 مقعدا في الكنيست باحتساب مقاعد باقي حلفائه وبالتالي لا يملك أغلبية (61 مقعدا) تفتح له المجال لتشكيل حكومة.
وتزداد مهمة نتنياهو تعقيدا بعد شروط ليبرمان التي من الصعوبة بمكان أن تقبل بها الأحزاب الحريدية حليفة ليكود، في مقابل ذلك يسعى غريمه “تحالف أزرق أبيض” لاقتناص هذه الفرصة وتعزيز إمكانية نجاحه في قيادة قاطرة الحكومة المقبلة، بعد نكسة الانتخابات (55 مقعدا للتحالف الوسطي وباقي الحلفاء).
وأعلن زعيم تحالف “أزرق أبيض” بيني غانتس قبوله بالشروط التي وضعها ليبرمان، للانضمام إلى ائتلاف حكومي. وغرد غانتس في حسابه على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي “أوافق على ذلك… إننا بحاجة إلى المضي قدما”، مرفقا التغريدة بصورة للشروط التي حددها ليبرمان، والتي تضمنت شؤونا دينية واجتماعية.
خيار إجراء انتخابات رابعة يبقى مطروحا وبقوة، إذا لم ينجح نتنياهو في استدراج بعض النواب لصفه وبالتالي سحب البساط من ليبرمان
وفي ضوء موافقة غانتس على شروط ليبرمان فبإمكان الطرفين ضمان أغلبية تخول لهما تشكيل الحكومة المقبلة وبالتالي سحب البساط من ليكود، ولكن ذلك لن يكون دون دعم القائمة العربية المشتركة (وهذا الأمر محل رفض من قبل ليبرمان)
ونشر ليبرمان، الذي سبق وأن أطاح لمرتين متتاليتين بطموحات نتنياهو في تشكيل حكومة، الأحد، 5 شروط للانضمام إلى أي ائتلاف حكومي مقبل، من بينها “نقل صلاحيات مسألة المواصلات العامة وفتح الأعمال التجارية أيام السبت، للسلطات المحلية”.
ومنذ فترة الانتداب البريطاني على فلسطين (1920-1948)، تخضع مسألة “قدسية السبت” لدى اليهود لمبدأ “الوضع الراهن” الذي ينص على منع المواصلات العامة والحركة التجارية أيام السبت.
ودعا ليبرمان إلى قانون لتجنيد طلاب المدارس الدينية بالشكل الذي تم الموافقة عليه بقراءة أولى في يوليو 2018. ويحتاج أي مشروع قانون إلى التصويت عليه في الكنيست في ثلاث قراءات ليصبح نافذا.
كما اشترط ليبرمان سن قانون للزواج المدني في إسرائيل. ولا يمكن عقد زواج مدني بإسرائيل، إذ يتطلب الأمر القيام بذلك في دولة أخرى، وفق قوانين تلك الدولة، وتسجيله في وزارة الداخلية الإسرائيلية.
وطرح ليبرمان إجراء عملية التهويد على يد حاخامات المدن، بحيث يكون بإمكان كل مدينة إنشاء محكمة خاصة بمسألة التهويد.
وتلقى هذه الشروط معارضة شديدة من حزبي شاس ويهودت هاتوراه اللذين يمتلكان 16 مقعدا في الكنيست الجديد ولا يستطيع نتنياهو التضحية بهما في أي تشكيل حكومي.
وبحسب مراقبين يمثل ليبرمان الذي حصل حزبه على 7 مقاعد في الانتخابات، مفتاح الحل للأزمة السياسية المتواصلة في إسرائيل منذ العام الماضي، إذ يمكنه ترجيح كفة أحد المعسكرين لتشكيل حكومة.
وحسب ما يتضح من الشروط التي طرحها فإن مسألة تحالف ليكود مع حزب إسرائيل بيتنا صعبة للغاية، وقد يكون بالنسبة لحزب نتنياهو فتح باب النقاش مع أزرق أبيض والتفاهم على أرضية مشتركة كالمناوبة على قيادة رئاسة الوزاء الخيار الأكثر واقعية هنا.
وفي تعليق على أزمة نتنياهو وشروط خصمه العنيد ليبرمان قالت المحللة في موقع “ألمونيتور”، مازَل معلم، “نتنياهو يجد نفسه، مرة أخرى، أمام الرجل الذي يمنعه من ولاية خامسة في رئاسة الحكومة، وهو ليبرمان. ويبدو هذه المرة أن ليبرمان يعتزم العمل بكافة الطرق الممكنة من أجل إكمال المهمة، من ناحيته، وأن يُخرج نتنياهو من ديوان رئيس الحكومة”.
وسبق وأعلن ليبرمان كما غانتس، الخميس الماضي، عن تأييدهما سن قانون يقضي بمنع تكليف متهم بمخالفات فساد، أي نتنياهو، بتشكيل حكومة، وتقييد رئاسة الحكومة بولايتين.
وأشارت المحللة السياسية في “ألمونيتور”، إلى أن المعسكر المعارض لنتنياهو، يضم 62 عضو كنيست، من “أزرق ابيض” و”إسرائيل بيتينو” وتحالف “العمل – غيشر – ميرتس” والقائمة المشتركة، القاسم المشترك الوحيد بينهم هو التخلص من نتنياهو لكن الأمر ليس بالسهولة المطروحة.
وفي ضوء ذلك فإن خيار إجراء انتخابات رابعة يبقى مطروحا وبقوة، إذا لم ينجح نتنياهو في استدراج بعض النواب لصفه وبالتالي سحب البساط من ليبرمان.
ويعد نتنياهو (70 عاما) الزعيم الذي حكم إسرائيل أطول فترة في تاريخ البلد. فقد تولى رئاسة الحكومة بين عامي 1996 و1999، ومنذ 2009 حتى اليوم. يسعى لتحقيق إنجاز غير مسبوق، بالفوز بفترة حكم خامسة.