التغطية الإعلامية التركية تتماهى مع الأجندة السياسية لابتزاز الغرب

يركز الإعلام التركي على تغطية محددة الأهداف لقضية اللاجئين، تتوافق تماما مع الحدود المرسومة من السياسيين، دون هوامش من الحرية، فالأولوية هي الضغط على الغرب لتقديم الدعم إلى تركيا في إدلب.
أنقرة - يتولى الإعلام التركي مهمة الترويج للابتزاز السياسي الذي يمارسه الرئيس رجب طيب أردوغان، في قضية الدفع باللاجئين السوريين إلى الحدود اليونانية، بسبب الخسائر المتلاحقة التي تكبدها في إدلب ورفض المجتمع الدولي الخضوع لمطالبه.
وتماهت وكالة الأناضول الحكومية ووسائل إعلام تركية أخرى مع التصريحات الرسمية، التي اتخذت من اللاجئين السوريين ورقة ضغط لاستغلالها ضد الغرب، عند الحاجة.
وبالنسبة إلى تركيا حانت اللحظة المناسبة لاستغلال الموقف، وانقلب المسؤولون الأتراك على مواقفهم السابقة وعلى اتفاقهم مع الاتحاد الأوروبي بخصوص اللاجئين عام 2016، وبدأوا بسيل التصريحات حول الأعداد الضخمة للمهاجرين الذين توجهوا إلى الحدود التركية اليونانية للوصول إلى أوروبا، ترافقها تغطية مكثفة من الإعلام التركي تتوافق تماما مع التصريحات.
وإمعانا في المتاجرة بهم، تنشر الوكالة سيلا من الأخبار والصور التي تظهر آلاف المهاجرين بينهم أطفال وهم يقطعون طريقهم وسط الغابات باتجاه شواطئ بحر إيجه في أجواء قاسية.
وذكرت وكالة دمير أوران للأنباء الموالية للحكومة أن مهاجرين بينهم نساء وأطفال، يسيرون باتجاه الشمال الغربي حيث الحدود مع اليونان.
بدوره، عرض تلفزيون “أن.تي.في” التركي لقطات تظهر عشرات الأشخاص وهم يسيرون عبر الحقول وعلى ظهورهم حقائب، وقال إن اللاجئين حاولوا عبور معبر كابيكولي الحدودي إلى بلغاريا لكن لم يسمح لهم بالمرور.
وأضاف أن المجموعة ذاتها من المهاجرين ساروا بعد ذلك عبر الحقول ليصلوا إلى معبر بازاركولي الحدودي إلى اليونان، لكن لم يتضح ماذا حدث لهم بعد ذلك.

ولم تنس وكالة الأناضول تسليط الضوء على شروط أنقرة لوقف التهديد باللاجئين، حيث عنونت أحد تقاريرها بـ”مسؤول أممي: دعم تركيا وإنهاء الصراع السوري ينهيان أزمة اللاجئين”، ما يوضح بشكل جلي ما تريده بهذا الصدد.
واللافت في تقارير وكالة الأناضول، إجراء مقابلات صحافية مع عدد من الأشخاص الذين دفعت بهم تركيا نحو الحدود مع اليونان، والإصرار على تأكيد صفة مهاجر بصورة مكررة عند ذكر أسمائهم.
وأشار متابع للإعلام التركي، فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن المتتبع لتقارير الأناضول باللغة العربية يلاحظ أن صيغتها مكتوبة بأقلام صحافيين من شمال أفريقيا وليسوا صحافيين سوريين.
وأوضح أن العديد من الصحافيين السوريين، حتى أن أولئك المحسوبين على الأخوان، لا يريدون أن يزجوا بأنفسهم في الحملة الإعلامية الواضحة الأهداف، إذ لا تتوانى السلطات عن التضحية بهم عند الحاجة، كما حدث العام الماضي، عندما قامت بترحيل الكثير من الصحافيين السوريين إلى إدلب بعد انتهاء تراخيص عملهم، ليواجهوا مصيرهم بالقتل أو الخطف، رغم تحذير المنظمات الدولية.
وصرح وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، بأن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين غادروا من أدرنة باتجاه أوروبا بلغ أكثر من 76 ألفا حتى الأحد.
غير أن وكالة فرانس برس نقلت عن السلطات اليونانية قولها إنها منعت في غضون 24 ساعة نحو 10 آلاف مهاجر آتين من تركيا من الدخول بطريقة “غير شرعية” إلى أراضيها.
وكانت الأمم المتحدة أحصت مساء السبت ما لا يقل عن 13 ألف مهاجر عند الحدود بين اليونان وتركيا البالغ طولها نحو 200 كلم.
وعلقت فرانس برس على تصريحات المسؤولين الأتراك حول أعداد المهاجرين، بالقول “يبدو أنّه مبالغ به في ضوء المشاهدات الميدانية لفرانس برس”.
وكالة الأناضول تسلط الضوء في تقاريرها وعناوينها الإخبارية على شروط أنقرة لوقف تهديد أوروبا باللاجئين
يضاف إلى ذلك أن وكالة الأناضول والإعلام التركي يركزان على المهاجرين السوريين تحديدا، رغم أن وسائل إعلام عديدة أكدت وجود جنسيات أخرى بين المهاجرين.
ويلتزم الإعلام التركي تماما بالأجندة السياسية التي تريد السلطات تسويقها، إذ لا يهمها من المهاجرين سوى السوريين، لارتباطهم بموضوع التصعيد في إدلب، وتحاول أنقرة الحصول على دعم من الغرب، حيث تواجه ضغوطا داخلية من المعارضة والشعب التركي بسبب مقتل الكثير من الجنود الأتراك في حرب فرضت عليهم.
ويقول الإعلام التركي إن السلطات سمحت للاجئين بالمغادرة، في حين أنها في الحقيقة أشرفت ونظمت عملية توجيه اللاجئين نحو الحدود، حيث كان عناصر من الدرك التركي، يضعون الأقنعة الطبية، يشيرون إليهم بالأيدي من أجل المضي قدما، وفق ما ذكرت وسائل إعلام غربية.
كما فضحت مواقع التواصل الاجتماعي، تحريض السلطات للمهاجرين على التوجه نحو الحدود اليونانية، إذ أثارت مقاطع مصورة للاجئين يستقلون حافلات مجانية خصصتها البلديات لنقل المهاجرين.
وذكر ناشطون أن الشرطة التركية تقوم بتسهيل عبور اللاجئين للحدود، ولكن تبدأ الاشتباكات فور وصولهم إلى الأراضي الأوروبية، وهو ما جاء بعد التصعيد الكبير الذي شهده الشمال السوري والذي أسفر عن مقتل عشرات الجنود الأتراك.
وترافق ذلك مع تقارير الإعلام التركي التي تُكرر تصريحات السلطات بأنها لم تتلق دعما كافيا في استقبالها لقرابة أربعة ملايين لاجئ سوري.