أردوغان يقايض الأوروبيين مجددا: دعم ردع دمشق مقابل الاحتفاظ باللاجئين

الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية ترفع مستوى التأهب إلى "الأقصى" عند الحدود اليونانية التركية بسبب مواصلة أنقرة تشبثها بفتح الأبواب للاجئين.
الاثنين 2020/03/02
تركيا تبتزّ أوروبا بفتح بوابة الحدود مع اليونان للّاجئين

أنقرة- واصل الآلاف من المهاجرين التدفق، الأحد، باتجاه الحدود اليونانية بعدما أعلنت تركيا فتح حدودها أمامهم في سياق محاولتها ابتزاز الغرب لتقديم دعم لها في مواجهة النظام السوري وحلفائه الروس في إدلب وذلك بعد أن تكبدت القوات التركية المتواجدة في المحافظة خسائر فادحة.

ووصل ما لا يقل عن ألفي مهاجر إضافيين، الأحد، إلى المنطقة الحدودية بين تركيا واليونان، حيث عبروا مسافات واسعة بغية بلوغ معبر بازاركوله الحدودي (المعروف بكاستانييس من الجهة اليونانية)، فيما تواصل أنقرة حث اللاجئين على العبور إلى أوروبا من أجل إحراج بروكسل ودفعها إلى ضغط أكبر على دمشق وموسكو.

وكانت تركيا قد أكدت، الجمعة، فتح حدودها البرية والبحرية أمام اللاجئين والمهاجرين، في إعلان أثار في أوروبا توجسا من حدوث أزمة هجرة شبيهة بتلك التي شهدتها القارة عام 2015.

وأعرب الاتحاد الأوروبي، السبت، عن “القلق”، مبديا الاستعداد لتقديم مساعدات إضافية لليونان وبلغاريا المحاذيتين لتركيا. وأشارت أثينا، الأحد، إلى منعها في غضون 24 ساعة نحو 10 آلاف مهاجر آتين من تركيا من الدخول بطريقة “غير شرعية” إلى أراضيها.

76 ألف مهاجر غادروا، منذ الجمعة، الأراضي التركية متجهين نحو أوروبا كما أعلنت أنقرة

وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء السبت، بالسماح للآلاف من اللاجئين بالتوجّه إلى أوروبا بعد مقتل 34 جنديا تركيا في قصف للجيش السوري على نقاط مراقبة تركية في إدلب.

وبسبب مواصلة أنقرة تشبثها بفتح الأبواب للاجئين أعلنت الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية “فرونتكس”، الأحد، رفع مستوى التأهب إلى “الأقصى” عند الحدود اليونانية التركية.

ويأتي تهديد تركيا في انتهاك للاتفاق المبرم بينها وبين الاتحاد الأوروبي في مارس 2016 حول الهجرة والذي أدى إلى تراجع كبير في أعداد المهاجرين الذين يتوجهون نحو اليونان. لكن أثينا والاتحاد الأوروبي تحدثا عن ارتفاع في عدد الوافدين في الأشهر الماضية.

وكانت الأمم المتحدة قد أحصت، مساء السبت، ما لا يقل عن 13 ألف مهاجر عند الحدود بين اليونان وتركيا البالغ طولها نحو 200 كلم. وأمضى بضعة آلاف من بينهم الليل البارد في بازاركوله بعدما قطعت الطريق عليهم.

وصباح الأحد، واصلت مجموعات صغيرة من السوريين والأفغان والعراقيين، بينهم نساء وأطفال، السير في طوابير باتجاه الحدود، حاملين أمتعتهم على ظهورهم أو فوق رؤوسهم.

وكان عناصر من الدرك التركي، يضعون الأقنعة الطبية، يشيرون لهم بالأيدي من أجل المضي قدما.

والسبت، فتح مهاجرون كوّات في السياج الحدودي من الجهة التركية بهدف العبور إلى المنطقة المحظورة مع اليونان، غير أنّهم عادوا أدراجهم بعدما أطلق عناصر الشرطة اليونانية الغاز المسيل للدموع باتجاههم.

واندلعت صدامات طيلة النهار بعدما ردّ مهاجرون برشق الحجارة. وأعلنت أثينا، الأحد، توقيف أكثر من 130 مهاجرا منذ السبت.

وإذا كان العديد من المهاجرين يسعون إلى عبور الحدود البرية التي تبدو مغلقة أمامهم، لجأ آخرون إلى المسارات البحرية من أجل بلوغ الجزر اليونانية في بحر إيجة. وصباح الأحد، وصلت أربعة قوارب مطاطية تحمل نحو 220 مهاجرا إلى جزيرة ليسبوس، فيما وصل قارب خامس إلى جزيرة ساموس.

وعلى نقيض السبت الذي شهد وصول 180 مهاجرا إلى الجزر اليونانية برغم اضطراب مياه البحر، فإنّ الأحوال الجوية بدت مواتية الأحد. وأكدت أنقرة، الأحد، أنّ أكثر من 76 ألف مهاجر غادروا، منذ الجمعة، الأراضي التركية عبر محافظة إديرن.

ويرى مراقبون أن الإعلانات المتتالية لأنقرة حول وصول مهاجرين إلى الحدود مع اليونان وبلغاريا يهدف إلى إجبار بروكسل على دعم مطالب أنقرة داخل حلف شمال الأطلسي والمتمثلة في تقديم صواريخ باتريوت وغيرها لمواجهة النظام في دمشق الذي يخوض معركة استعادة إدلب بعد أن سيطر مؤخرا على حلب.

ومثل مقتل 34 جنديا تركيا، الخميس، في غارات جوية نسبتها أنقرة إلى النظام السوري المدعوم من موسكو نقطة انطلاقة جديدة لابتزازات تركيا.

اللاجئون ورقة ضغط
اللاجئون ورقة ضغط تركية

وفي سياق الرد، كثّفت تركيا في الأيام الأخيرة ضرباتها التي استهدفت مواقع للجيش السوري. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل 26 جنديا للنظام السوري في غارات شنتها أنقرة السبت، ما يرفع إلى 88 عدد المقاتلين الموالين لدمشق الذين قتلوا في 48 ساعة.

والسبت، توعد أردوغان النظام السوري بـ“دفع ثمن” هجماته على القوات التركية.

وبينما تشهد العلاقات بين أنقرة وموسكو تدهورا متسارعا، دعا أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى “الابتعاد من طريق” تركيا في سوريا. وكان الكرملين أشار إلى احتمال التقاء الرئيسين، الخميس أو الجمعة، في موسكو، في إعلان لم تؤكده الحكومة التركية.

وسبق لأنقرة أن دعت القوات السورية في عدة مناسبات إلى التراجع من بعض النقاط في إدلب قبل نهاية فبراير. وانقضت هذه المهلة منتصف ليل السبت. ووسط دعم روسي، يشنّ النظام السوري منذ ديسمبر هجوما لاستعادة محافظة إدلب، آخر معقل للفصائل المعارضة والجهادية المدعومة من أنقرة.

وأسفرت الاشتباكات عن نشوب كارثة إنسانية جديدة تضاف إلى لائحة المآسي الطويلة لهذا النزاع الذي أدى إلى مقتل نحو 380 ألف شخص منذ 2011. ونزح نحو مليون شخص جراء الهجوم السوري، بحسب الأمم المتحدة.

5