الجنود الأتراك يدفعون ثمن اندفاعة أردوغان

روسيا تصر على المضي قدما في تطهير إدلب ومحيطها من خلال استهدافها المتكرر لقوات تركية تدعم الجماعات المقاتلة بهدف زيادة الضغط على أنقرة.
الثلاثاء 2020/02/25
ورطة يدفع ثمنها الجيش التركي

دمشق- قتل وأصيب نحو 10 جنود أتراك جراء قصف لطائرات حربية روسية وسورية، الاثنين، لنقطة مراقبة تركية في منطقة كنصفرة الواقعة في ريف إدلب الجنوبي، وذلك بعد ساعات قليلة على قصف روسي مماثل لنقطة مراقبة أخرى في جبل الزاوية.

ولوحظ في الأيام الأخيرة تصاعد وتيرة قصف نقاط المراقبة التركية المنتشرة في محافظة إدلب وريف حلب، فيما بدا خطوة من موسكو لزيادة الضغط على أنقرة التي تدعم الجماعات المقاتلة وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) لوقف تقدم الجيش السوري في المنطقة.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل وجرح نحو 10 جنود أتراك جراء استهداف طائرات حربية تابعة لروسيا والنظام السوري  النقطة التركية في كنصفرة، مشيرا إلى تسبب القصف أيضا في تدمير عدة آليات تركية.

وتوجد في إدلب وضواحيها نحو 35 نقطة مراقبة تركية بينها 24 نقطة تم استحداثها منذ انطلاق العملية العسكرية للقوات السورية في ديسمبر الماضي في محاولة من تركيا لإعاقة تقدم الأخيرة، وهو ما فشلت فيه لحد الآن.

ونجح الجيش السوري خلال تقدمه السريع في إدلب وريف حلب الشرقي في محاصرة 13 نقطة مراقبة بشكل كامل، وتضم تلك النقاط المئات من الجنود الأتراك الأمر الذي يثير قلق أنقرة على مصير هؤلاء في حال تفجر الوضع أكثر مع الجانب الروسي.

حقق الجيش السوري تقدما نوعيا جديدا خاصة في ريف إدلب الجنوبي، في المقابل تواصل عناصر هيئة تحرير الشام بدعم  مكثف من القوات التركية محاولة اختراق دفاعات القوات الحكومية

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن تحضير موسكو وأنقرة لجولة مشاورات جديدة، بعد فشل محادثات جرت بينهما في موسكو قبل أيام.

وأعرب لافروف الاثنين عن أمل موسكو في أن تساعد المشاورات القادمة في توصل البلدين إلى اتفاق حول آليات عمل منطقة خفض التصعيد في إدلب “حتى لا يتصرف الإرهابيون هناك كما يحلو لهم”.

وسبق وأن طرحت روسيا على تركيا في المحادثات السابقة اتفاقا جديدا بديلا عن سوتشي المنتهي بطبعه، قوامه إنشاء منطقة خفض تصعيد أخرى على عمق 15 كلم بالقرب من الحدود التركية، يتم نقل نقاط المراقبة التركية إليها بيد أن أنقرة رفضت بشدة هذا المقترح مصرة على إبقاء نقاطها في أماكنها.

وأكد الوزير الروسي على تمسك بلاده بموقفها الصارم إزاء وجود المجموعات الإرهابية في إدلب، وفي مقدمتها منظمة “هيئة تحرير الشام” التي تهيمن على الفصائل المسلحة العاملة هناك.

وقال لافروف “سنعترض حتما على أي محاولات لتبرئة الإرهابيين الذين تم تصنيفهم من قبل مجلس الأمن الدولي” بالإرهاب.

وتعد هيئة تحرير الشام القوة الضاربة التي تراهن عليها تركيا لضمان نفوذ لها في داخل سوريا، بيد أن موسكو مصرة على وجوب إنهاء هذا التنظيم الذي يعد الفرع السوري لتنظيم القاعدة.

وذكر وزير الخارجية الروسي أن من البنود التي اتفقت حولها موسكو وأنقرة في سبتمبر 2018 وتم تأكيده لاحقا، كان سحب الأسلحة الثقيلة من الحدود الخارجية لمنطقة خفض التصعيد بإدلب، لمنع استخدامها في استهداف مواقع للجيش السوري ومنشآت مدنية وقاعدة حميميم الجوية الروسية، إضافة إلى الاتفاق على ضمان العمل الطبيعي لطريقي أم 4 وأم 5 الدوليين.

وشدد لافروف على أنه “لم تكن هناك أي اتفاقات في إطار ما اتفق عليه بين الرئيسين الروسي والتركي، على عدم توجيه ضربات ضد الإرهابيين إذا بدأوا يتصرفون كما تصرفوا بالفعل، لتتحول منطقة خفض التصعيد إلى منطقة التصعيد”.

وتابع “بالتالي، لم يكن في (استهداف محيط نقاط مراقبة تركية) أي مفاجأة لأحد، وأنا واثق بأن العسكريين الأتراك العاملين على الأرض يرون ويفهمون كل شيء جيدا”. ولفت إلى أن الإرهابيين هاجموا مرارا المواقع الروسية والسورية الحكومية والمنشآت المدنية من أماكن تموضع نقاط المراقبة التركية.

ويقول مراقبون إن روسيا مصرة على المضي قدما في تطهير إدلب ومحيطها من هيئة تحرير الشام، وأن استهدافها المتكرر في الآونة الأخيرة لقوات تركية تدعم تلك الجماعة، هو رسالة لأنقرة بأنها مستعدة للذهاب بعيدا في فرض رؤيتها في تلك المنطقة، ما لم تأخذ تركيا بمطالبها في الاعتبار.

سيرجي لافروف: سنعترض حتما  على أي محاولات لتبرئة الإرهابيين
سيرجي لافروف: سنعترض حتما  على أي محاولات لتبرئة الإرهابيين

وحقق الجيش السوري الاثنين تقدما نوعيا جديدا خاصة في ريف إدلب الجنوبي، في المقابل تواصل عناصر هيئة تحرير الشام بدعم وإسناد ناري مكثف من القوات التركية محاولة اختراق دفاعات القوات الحكومية في منطقة النيرب شرق مدينة إدلب.

وسجل المرصد السوري ارتفاعا في عدد الغارات التي تنفذها الطائرات الحربية الروسية والسورية والتي بلغت حتى عصر الاثنين 120 غارة.

وحذرت الأمم المتحدة في وقت سابق من أن القتال في شمال غرب سوريا يصبح “قريبا بشكل خطير” من أماكن تأوي نحو مليون نازح، ما يشكل خطرا وشيكا بحدوث “حمام دم”.

وقال نائب المنسق الأممي للشؤون الإقليمية للأزمة السورية مارك كاتس إن الأمم المتحدة تحاول مضاعفة شحنات المساعدات عبر الحدود من تركيا من 50 إلى 100 شاحنة يوميا. وصرح كاتس للصحافيين في جنيف “القتال يصبح أكثر خطورة الآن بالقرب من منطقة يعيش فيها أكثر من مليون شخص في خيم ومآو موقتة”.

وحذر من خطر وقوع “حمام دم حقيقي”. وأدى الهجوم الذي تشنه القوات السورية بدعم روسي ضد مقاتلين تدعمهم تركيا في شمال غرب سوريا، إلى تشريد مئات الآلاف.

وأضاف كاتس أنه نتيجة للتصعيد فقد رفعت الأمم المتحدة مناشداتها لتمويل المساعدات للأزمة من 330 مليونا إلى 500 مليون دولار (462 مليون يورو)، مضيفا أن هناك نقصا بنحو 370 مليون دولار. وأشار إلى أن المنظمة الدولية أرسلت 1200 شاحنة مساعدة إلى المنطقة في يناير وأرسلت 700 شاحنة أخرى حتى هذا الوقت من فبراير.

وقال “الحقيقة أن هذا ليس كافيا. فنحن بالكاد نستطيع تلبية احتياجات الناس من الحصص الغذائية الأكثر إلحاحا وكذلك الخيم والبطانيات واحتياجات الشتاء”.

وكانت روسيا قد رفضت الأربعاء صدور بيان من مجلس الأمن يطالب بوقف العمليات القتالية وباحترام القانون الإنساني في شمال غرب سوريا.

2