"النصرة" أمل تركيا الأخير لإبقاء حظوظها في إدلب

اعتراف الجولاني بتعاون تركي في صد الجيش السوري يضعف حجج أنقرة في تبرير تدخلها في شمال غرب سوريا.
الاثنين 2020/02/17
دعم تركي لا محدود

دمشق – عكست تصريحات أبومحمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل إعلان فك ارتباطها العضوي بتنظيم القاعدة) عمق العلاقة مع تركيا، مشددة على سعي جماعته لاستثمار هذه العلاقة خدمة لمشروعها في المنطقة.

وأشاد الجولاني في إطلالة نادرة له بالوجود العسكري التركي في محافظة إدلب مؤكدا على أن “الشعب التركي معني بالمعركة الدائرة في الشمال السوري لأن نتائجها ستنعكس عليه اقتصاديا وأمنيا وعسكريا”.

وتضع تصريحات الجولاني تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان في موقف صعب خاصة وأن أنقرة تزعم أنها تدعم في إدلب “جماعات المعارضة المعتدلة” فقط التي عمليا تكاد تتلاشى لصالح الهيئة والتنظيمات الراديكالية الأخرى.

وبرر الجولاني في معرض تصريحاته العجز عن التصدي لتقدم الجيش السوري وابتلاع الأخير لقرى ومدن استراتيجية بضعف المجموعات المسلحة الأخرى وتشتتها، معتبرا أن هيئة تحرير الشام هي الأكثر تنظيما.

ويقول محللون إن اعتراف الجولاني بتعاون تركي في صد الجيش السوري يضعف حجج أنقرة في تبرير تدخلها في شمال غرب سوريا.

وتراهن أنقرة على هيئة تحرير الشام المصنفة تنظيما إرهابيا على الصعيد الدولي في المعركة الدائرة حاليا في إدلب وريفي حلب الغربي والجنوبي، خاصة وأن الهيئة تمتلك الآلاف من المقاتلين الذين يتمتعون بقدرات قتالية كبيرة فضلا عن انضباطهم مقارنة بباقي الفصائل.

تعزيزات عسكرية تركية لدعم الجهاديين
نتائج معركة إدلب ستنعكس على تركيا اقتصاديا وأمنيا وعسكريا

والتعاون الوثيق بين هيئة تحرير الشام أو النصرة ليس بجديد، بل يعود إلى العام 2013 حينما بدأ يسطع اسم التنظيم الجهادي في سوريا. ووفرت تركيا للتنظيم دعما لامحدودا على المستوى الاستخباري واللوجستي والعسكري خلال احتلاله للعديد من المناطق في سوريا وأبرزها حلب التي اضطرت أنقرة في العام 2015 للتنازل عنها لفائدة دمشق بعد صفقة مقايضة مع روسيا، مع ضمان انسحاب عناصر الهيئة إلى إدلب.

وأفاد مصدر روسي في وقت سابق بأن تركيا سلمت جزءا ملموسا من الأسلحة والمعدات العسكرية لمسلحي “هيئة تحرير الشام”.

ونقلت وكالات أنباء روسية عن المصدر قوله، السبت، إن تركيا أدخلت إلى إدلب أكثر من 70 دبابة ونحو 200 مدرعة و80 مدفعا، لافتا إلى أن جزءا كبيرا من المعدات يجري تسليمه لمسلحي “تحرير الشام الإرهابية”.

وأشار المصدر إلى أن المسلحين حصلوا من تركيا على مضادات طيران محمولة أميركية الصنع، مضيفا أن حالات استخدام المسلحين لأنظمة الدفاع الجوي المحمولة هذه تمثل أكبر مصدر قلق، علما بأنه تم إسقاط مروحيتين للجيش السوري في المنطقة الشمالية هذا الأسبوع.

وأضاف المصدر أنه من دواعي القلق الخاص تزويد أنقرة عناصر الهيئة في منطقة إدلب بالزي العسكري التركي. وأكد أن مسلحين تابعين لـ”هيئة تحرير الشام” وجماعات أخرى يشاركون في القتال ضد القوات السورية تحت قناع عناصر الجيش التركي.

وأضاف أن القوات السورية دمرت خلال أسبوع أكثر من 20 دبابة وناقلة جنود سلمتها تركيا لعناصر التنظيم الإرهابي في إدلب.

ويقول محللون إن تركيا وبدعمها لهيئة تحرير الشام قطعت خط الرجعة مع روسيا التي ترى في هذا التنظيم تهديدا كبيرا لابد من إزالته.

ويعتقد المحللون أن روسيا لن توقف عملية إدلب تحت أي ضغط إلى حين استعادة قوات النظام السوري السيطرة على المحافظة والقضاء على هيئة تحرير الشام، مستدركين بأن الحالة الوحيدة التي قد تغير موسكو فيها موقفها هي تنفيذ أنقرة التزاماتها بشأن سوتشي لجهة تحييد الهيئة.

وفي تصعيد جديد يعكس حالة من التخبط، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأحد، إنه أبلغ نظيره الروسي بضرورة وقف الهجمات في إدلب فورا.

وأوضح أوغلو للصحافيين في ألمانيا بعد مؤتمر ميونخ للأمن “أبلغنا روسيا يوم السبت بأن الهجوم في إدلب يجب أن يتوقف وبأنه يجب على الفور التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار”. وأضاف أن مسؤولين من تركيا وروسيا سيناقشون هذه المسألة في موسكو الاثنين.

وتدعم روسيا الرئيس بشار الأسد بينما تدعم تركيا الجماعات المعارضة والجهادية التي تسعى للإطاحة به خلال الحرب الممتدة منذ نحو تسع سنوات.

وحقق الهجوم الذي بدأه الجيش السوري منذ ديسمبر الماضي والذي تدعمه روسيا إنجازا استراتيجيا كبيرا إذ أنه طرد الفصائل الجهادية من الطريق السريع الرئيسي الذي يربط حلب بالعاصمة دمشق.

2