الجدران تحتج على الحكومة في لبنان عبر الفن

الفنانة اللبنانية رولا عبدو تعكس من خلال رسوماتها على الجدران في بيروت صدى إحساس المحتجين في أنحاء لبنان.
السبت 2020/02/08
الفرشاة في مواجهة فوهة السلاح

تصر الفنانة اللبنانية رولا عبدو على تفريغ شحنة غضبها وثورة الشعب اللبناني عبر الرسم على الجدران البيروتية، غير مبالية بالحيطان الخرسانية والأسلاك الشائكة والحواجز الحديدية التي شيدتها السلطة اللبنانية في وجه المحتجين اللبنانيين.

بيروت – أبدعت الفنانة اللبنانية رولا عبدو، بعد أيام من نصب جنود لبنانيين جدرانا خرسانية ضخمة لمنع المحتجين من الوصول إلى مقر البرلمان وسط بيروت، لوحة جدارية على الجدران قائلة إنها تعد أفضل تمثيل لروح أكثر من ثلاثة أشهر من الاحتجاجات على النظام.

ورسمت عبدو يدين على الكتل الخرسانية تبدوان كما لو أن أشخاصا فضوليين يفتحون بوابات مغلقة مع شعار بسيط يقول “سنعبر” وهو ما تأمل الفنانة أن يعكس صدى إحساس المحتجين في أنحاء لبنان الذين خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج على الفساد وتراجع مستوى المعيشة وضد الطائفية وغير ذلك.

وقالت عبدو “أنزل إلى الشارع كلما شعرت بالإزعاج لأرسم، لكن هناك تضييقا ممنهجا للساحات يتم بإغلاق المزيد من الشوارع أمامنا، هناك حد كبير لتحركنا.. هو بالأساس حد لتحركات الشعب الذي أثبت أنه واع وقادر على فعل الكثير من أجل تحقيق ما يصبو إليه”.

ولم يؤثر التغيير الذي يحدث الآن على قدرة سكان بيروت العاديين على التنقل في المدينة فحسب، بل أيضا أثر على شكل المدينة، فهناك أكوام من الأسلاك الشائكة عند مداخل المباني الحكومية وجنود وأفراد شرطة مدججون بالسلاح ومحلات تجارية مغلقة أو أمامها بوابات حصينة، كل هذه أمثلة توضح الاختلاف الذي بدا على المدينة وإحساس من فيها منذ بدء الاحتجاجات في 17 أكتوبر الماضي.

وبحسب عبدو، فإن أكثر التغييرات إثارة للقلق هي الجدران نفسها التي أصبحت الآن بمثابة لوحة لفنها ومكان لاختباء أفراد الجيش في الآن ذاته، في إشارة إلى زيادة الإجراءات الأمنية.

وأوضحت “الأمور أصبحت تسير بوتيرة مثيرة للضحك، إذ صرت أسمع صوتا من خلفي وأنا منكبّة على الرسم يقول لي ‘ماذا تفعلين؟’، أتطلع فلا أعرف من أي جهة جاءني الصوت، وبعدها أتبين أن مصدره فرد من الجيش يختبئ خلف الحائط، فأجيب ‘إنني أرسم’.. يرد ‘ماذا ترسمين؟’.. فأطلب منه الاقتراب حتى يعرف عن كثب ماذا أرسم، لكنه عاجز عن ترك مكانه”.

وأضافت “أطلب منه ذلك لأنني أعرف جيدا أنه وزملاؤه يحملون نظرة فضولية وغايتهم إغلاق الطريق علينا والحد من أساليب احتجاجنا، لكنهم في الآن ذاته حبسوا أنفسهم خلف هذه الجدران، وأصبح الجدار سجنا لهم.. الآن صار كل أفراد الجيش تقريبا خلف الجدران”.

وكشفت عبدو أن ما تقوم به يتمثل في اتباع أسلوب الاحتجاج بالفن كما حصل في جل الثورات بمختلف البلدان، مشيرة إلى أن للفن دورا كبيرا في نشر الوعي بين الشعب وتقريب الكثير من المفاهيم إليه.. الفن لم يعد نخبويا، فهو يلهم الناس ويشحذهم بالأمل، ويعطيهم دافعا أقوى ويذكرهم بأسباب نزولهم إلى الشوارع، وسبب نشوب هذه الثورة ويذكرهم بأهدافهم من التغيير”.

وقال شاب يدعى محمد كريم الطويل “مثل هذه الرسوم تمدني بالأمل لتحقيق ما نصبو إليه من هذه الثورة، بالإضافة إلى أنها تفتح أمامي فرصة التعرف على رسامين مبدعين من بلدي قادرين على رسم صور رائعة.. أنا فخور للغاية بوجود هذه الرسوم على جدران بلدي”.

وتجتاح لبنان موجة احتجاجات سلمية، في الأغلب، تستهدف النخبة الحاكمة في البلاد. ودفعت الاحتجاجات رئيس الوزراء آنذاك سعد الحريري للاستقالة في 29 أكتوبر الماضي، الأمر الذي عمّق الأزمة الاقتصادية للبلاد.

وأصبحت الاحتجاجات في ديسمبر ويناير الماضيين أكثر عنفا مع حدوث اشتباكات بشكل منتظم تقريبا بين قوات مكافحة الشغب التي تستخدم خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والمحتجين الذين يرمون الحجارة وألعابا نارية.

24