جمعية تساعد الرجال في البوح بضعفهم العاطفي

اختار عدد من الرجال في الولايات المتحدة تحدي القوالب المجتمعية الجاهزة والأنماط الذكورية من خلال انضمامهم إلى مجموعة دعم تساعدهم على الانفتاح في ما يتعلق بإظهار مشاعرهم الحقيقية، وتبادل الأفكار ليتخطوا بذلك أزماتهم العاطفية والنفسية، إذ لا يترددون في البكاء أمام زملائهم في المجموعة.
شيفيلد (الولايات المتحدة) - الرجال أيضا يبكون… هذه العبارة قد تصلح شعارا لمنظمة أميركية تستقطب عددا متزايدا من الأميركيين ممن سئموا التقيد بالمفاهيم الذكورية وينشدون الإصغاء والدعم في داخل حلقات نقاش من نوع جديد لا يشكّل الضعف فيها عيبا.
وتنهمر الدموع على خدي لوكاس كرامب خلال حديثه أمام عشرة رجال آخرين في اجتماع داخل دارة صغيرة في ماساتشوستس في يوم شتوي بارد.
ويتجاذب هؤلاء المنضوون في منظمة “إيفريمان” أطراف الحديث قبل استقبال المشاركين البالغ عددهم 55 الذين سيقومون بالأمر عينه بعد بضع ساعات.
ويقول مايكل الذي يعاني مشكلات في التواصل مع عائلته رغم محاولاته الحثيثة في هذا الاتجاه “أنا حزين وخائف”.
أما توم فيقول “لقد آلمني ذلك كثيرا”، في إشارة إلى انفصاله العاطفي الأخير.
ويوضح لوكاس، وهو رجل في الأربعين من العمر وأحد مؤسسي المنظمة، “مررت بلحظات هذا العام كدت فيها أن أستسلم”.
ويشكل الانضمام إلى “إيفريمان” تحديا للأحكام النمطية الذكورية ومدخلا للانفتاح وتبادل الأفكار.
ويقول راين زاغون وهو أحد المسؤولين في المنظمة “لدي انطباع بأن أكثرية الرجال اليوم لا يجدون مكانا ليظهروا فيه ضعفهم”.
ويلفت عالم الاجتماع مايكل كيمل الأخصائي في قضايا الذكورة “تعيش في مجتمع ينافس فيه الرجل باقي الرجال. وفي هذا النوع من العلاقات، ينتابكم الشعور بالعزلة”.
وتقدّم “إيفريمان” وجمعيات أخرى بينهما “مانكايند بروجكت” و”جونتو” ملاذا لهؤلاء الرجال الذين يبحثون عن الراحة النفسية من خلال تنظيم لقاءات أو حلقات نقاش بوتيرة متكررة.
ومبدأ هذه اللقاءات ليس جديدا، وهو يعود بجزء منه إلى حركة الكاتب والناشط روبرت بلي في مطلع التسعينات من القرن الماضي.
غير أن أوين ماركوس (66 عاما) الذي يعمل مع هذه المجموعات منذ عقود ووضع الهيكلية الخاصة ببرنامج “ايفريمان”، يقول “لا أظن أننا كنّا لنتمكّن من فعل مثل هذا الأمر قبل عشر سنوات”.
ورغم أن “إيفريمان” انطلقت قبل بروز حركة #مي_تو التي تطيح برؤوس كبيرة وتهز مفاهيم ذكورية كثيرة منذ سنتين، لا شك في أن الشعبية الحالية للمنظمة مرتبطة بجزء منها بهذه الحركة.
مع ذلك، لا تهدف المنظمة إلى الحديث مباشرة عن الأذى المتأتي من هذه الذكورية “القاتلة”، وفق دان دوتي (37 عاما) أحد مؤسسي “إيفريمان”.
ويوضح “علينا الذهاب لملاقاة الرجال لا القول لهم (ما تفعلونه مريع)”، رغم أن الفكرة تكمن في تهيئة الظروف لتغيير مجتمعي.
ويلفت راين زاغون إلى أن “الرجال يعانون وبالتالي يسببون معاناة للآخرين”.
ولا تسعى “إيفريمان” إلى أن تحلّ محلّ المعالجين النفسيين، كما أنها تدعو بعض المشاركين إلى استشارة أطباء. ويقول راين زاغون “الأمران يسيران بالموازاة”، معتبرا أن “إيفريمان” تقدّم علاجا نفسيا موازيا من خلال مدّ المشاركين بمراجع من الذكور وبشبكة دعم وتعاطف لا يمكن الإفادة منها عبر زيارة أخصائيين.
وأكثرية الرجال الذين يرتادون لقاءات “إيفريمان” هم من البيض المغايرين جنسيا، وهو وضع تسعى المنظمة إلى تغييره.
ولا تزال هذه الحلقات الحوارية والمجموعات ممنوعة على النساء خشية أن يمنع وجودهن البعض من إفراغ مكنوناتهم من دون قيود.
كذلك تقدّم “إيفريمان” للمشاركين فيها رحلات استكشافية تستمر أسبوعا، إضافة إلى جلسات تدريب.
وبات لهذه الجمعية التي تبغي الربح لكنها تقدم خدمة اجتماعية، مجموعات خارج الولايات المتحدة كما أن فكرتها باتت تطبّق في غير مكان حول العالم بحسب ساشا لويس أحد مؤسسي “إيفريمان”، وذلك مع أخذ الفروقات الثقافية بين البلدان في الاعتبار.