في ظل نانسي

في حكاية بيت نانسي عجرم وزوجها، استعاد النعراتيون نغمة الاستعلاء على السوريين الذين لجأوا إلى لبنان، طلباً للرزق والنجاة.
الأحد 2020/01/12
وقائع جديدة عن الحادث تدحض إنكار نانسي وزوجها

لا يختلف اثنان على أن العرب أمة مسكونة في داخلها بالنعرات بكل صيغها ومستوياتها الجهوية، والعابرة للحدود، والدينية، وما ينتسب منها إلى الأنثروبولوجيا، وهي علم الإنسان الاجتماعي، الذي يتفحص سلوك وتقاليد البشر والمجتمعات. لكن هؤلاء السكان يتدرجون في جموحهم وغلوائهم، وهم ينشأون في أزمنة الفشل والتردي!

 يتوهم بعض الناس أنهم متفوقون على سواهم، وأن لهم من نقاء الدم، ما ليس لغيرهم. والمتفوقون الحقيقيون، كلما ازدادوا علوًّا في منجزاتهم، ضمرت نعراتهم، حتى تقترب من الفلكلور أو الدعابة.

لعل ما يثير العجب أن تبادر شرائح اجتماعية أو طبقات، إلى تظهير تفوقها في كل مناسبة، بينما هي لم تتفوق في شيء على من تستعلي عليهم. والأنكى أن يكون الاستعلاء، على شرائح وجماعات أخرى أكثر نجاحاً منها على مستويات التعليم والثقافة والإبداع والمآثر التاريخية والإنتاج. فمن أين أتيحت لنانسي وزوجها هذه البحبوحة وذلك القصر، إن لم يكن من العرب الذين تقبلوا آهاتها أو طقاطيقها الغنائية؟!

في حكاية بيت نانسي عجرم وزوجها، استعاد النعراتيون نغمة الاستعلاء على السوريين الذين لجأوا إلى لبنان، طلباً للرزق والنجاة. فبعد مقتل العامل السوري أطلقت أوساط الاستعلاء الذي لا يبرره أي علوّ في أي شأن، نغمة عنصرية ضد المواطنين والعمال السوريين البسطاء، الذين كانوا في وقت استقرار بلادهم ينتجون من الحنطة والغذاء وحدهما، ما يزيد عن حاجتهم. ومن محاسن السياق، ما إن بدأ الاستعلائيون في موجتهم الأولى حتى بدأت تظهر وقائع جديدة عن الحادث، تدحض شريط الفيديو الذي قدمه زوج المغنية، للنائبة العامة في جبل لبنان غادة عون، وتُرجح فرضية إنتاجه على عجل، من تمثيل أشخاص آخرين، على النحو الذي يُضعف إنكار المغنية وزوجها معرفة القتيل من قبل، علماً بأن دوافع المجني عليه حصرية وتتعلق بنانسي وزوجها.

فالشاب القتيل، من فقراء قرى إدلب، وعلى الأرجح، هو ممن رفضوا الاستمرار في الحياة، تحت قبضة الدواعش وأشباههم. وأغلب الظن أنه كان ذا شكاية مالية. فقد أخلي سبيل القاتل، الذي لم يُحتجز أصلاً إلا في المستشفى لـ48 ساعة، بزعم اعتلال صحته بعد عنفوان الليل، وبعد أن أعرب عن اعتزازه بما فعل، واستخدم مفردات بلهجته اللبنانية، مثل “فقعته” و”طقعته” ست عشرة رصاصة، وكأن السيطرة على لص تحتاج إلى أكثر من رصاصة واحدة.

في ذلك السياق، جرى التركيز على جنسية القتيل، ما جعل القاتل يستشعر مناخًا يساعد على استباحة حقوق وحياة المواطن السوري، وكأن جنسية الثاني أعلى مرتبة من جنسية الأول. إنها النعرات التي لا علاقة لها بالتحضر!

24