بصمات القاعدة ثابتة في هجوم جسر لندن

لندن - كشفت العملية الإرهابية التي جدت قرب جسر لندن، الجمعة الماضي، أن الدعاية المتشددة المنتشرة على الإنترنت لتنظيم القاعدة ألهمت متطرفا إسلاميا لتنفيذ هجوم دموي أسفر عن مقتل اثنين من المارة وإصابة 3 آخرين طعنا.
وكان عثمان خان، وهو بريطاني تنحدر أسرته من الجزء الخاضع لباكستان في إقليم كشمير، قد تحول إلى التشدد عبر دعاية على الإنترنت نشرها تنظيم “القاعدة في جزيرة العرب” خاصة دعاية المتشدد أنور العولقي.
وقُتل العولقي الذي تصفه المخابرات الأميركية بأنه “رئيس العمليات الخارجية” في فرع القاعدة باليمن وخبير يتمتع بذكاء في التعبير عن الإسلاميين على الإنترنت في ضربة بطائرة مسيرة تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية عام 2011.
وكان خان جزءا من جماعة من المتشددين من مدينة ستوك في إنكلترا أقامت صلات وثيقة مع متشددين من لندن وكارديف عاصمة ويلز. وسعى هؤلاء المتشددون إلى وضع قنبلة في دورة مياه ببورصة لندن. ومع معرفته وتأييده لخطط القنبلة، وبحثه أيضا عن سبل لتفجير حانات محلية فقد تفتق ذهنه هو وغيره من أفراد مجموعته إلى خطة أكبر وهي إقامة مخيم بجوار مسجد في كشمير لتدريب المتشددين الجهاديين.
وذكرت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية أن منفذ الهجوم، أدين بجرائم متعلقة بالإرهاب.
وقتل منفذ الهجوم، عثمان خان، 28 عاما، برصاص الشرطة بعد أن نجح مواطنون في تجريده من سلاحه وتقييده، وكان قد خرج من السجن شريطة أن يظل تحت المراقبة.
وقبل تسع سنوات من تنفيذ خان هجومه العشوائي بسكين قرب جسر لندن وقتله شخصين، سمعته أجهزة الأمن البريطانية وهو يناقش كيفية استخدام كتيب إرشادات لتنظيم القاعدة عن صنع قنبلة أنبوبية.
كانت تلك مجرد جزئية صغيرة من المحادثة التي جمعتها الأجهزة الأمنية مع معلومات مخابراتية أخرى عن مؤامرة لتفجير بورصة لندن التي دفعت الشرطة البريطانية لاعتقال خان، الذي كان يبلغ من العمر وقتها 19 عاما، ومجموعة من الرجال الأكبر سنا في 20 ديسمبر عام 2010. وعوقب خان بعد إدانته في عام 2012 بالسجن ثماني سنوات على الأقل على أن تقيم لجنة إطلاق السراح المشروط مدى خطورته على العامة قبل إطلاق سراحه. وتم الإفراج عنه في ديسمبر 2018 دون أي تقييم من لجنة إطلاق السراح المشروط.
وسلح خان نفسه الجمعة بسكاكين كبيرة وارتدى سترة ناسفة زائفة ونفذ هجوما عشوائيا عند مؤتمر لإعادة تأهيل السجناء السابقين قرب جسر لندن. وواجه عدد من المارة المهاجم وطرحوه أرضا ثم أحاط به ثلاثة من ضباط الشرطة المسلحين وأطلقوا النار مرتين وفارق الحياة.
وقال نيل باسو مساعد مفوض الشرطة وأكبر ضابط لمكافحة الإرهاب في بريطانيا في بيان “هذا الشخص كان معروفا للسلطات”. وأضاف “من الواضح أن أحد خيوط التحقيق الأساسية حاليا هو التعرف على كيفية تمكنه من تنفيذ هذا الهجوم”.
ونقلت وكالة أنباء أعماق التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية عن التنظيم قوله إن الهجوم الذي وقع الجمعة عند جسر لندن من تنفيذ أحد مقاتليه وإنه كان استجابة لدعوته باستهداف الدول المشاركة في التحالف الذي يقاتل التنظيم.
وقال القاضي ألن ويلكي عندما حكم على خان في عام 2012 “مجموعة ستوك كانت تعتبر الأبرز”. وأضاف “كانوا يعتبرون أنفسهم جهاديين أكثر جدية من غيرهم”.
وكشف ويلكي أن خان كان في سنة 2012، بالغ الخطورة لدرجة أنه حكم عليه بما يسمى بالسجن غير محدد المدة من أجل حماية الناس.
وكان ذلك يعني أنه سيظل بالسجن ما دام يُعتبر خطرا على المجتمع بينما تقيم اللجنة المعنية بإطلاق السراح المشروط ما إذا كان يستحق الإفراج.
لكن في عام 2011، أعلن رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون مراجعة أحكام السجن غير محددة المدة وجرى إلغاؤها في العام التالي.
وبعدما استأنف خان الحكم الصادر بحقه ألغت محكمة استئناف في عام 2013 الحكم غير محدد المدة وأصدرت حكما نهائيا بسجنه 16 عاما، وهو ما يعني إمكانية الإفراج عنه بعد نصف المدة فقط. وذكر قضاة محكمة الاستئناف وقتها أن على لجنة إطلاق السراح المشروط تقييم مدى خطورة المدانين قبل إطلاق سراحهم. وقالت اللجنة السبت إنها لم تكن طرفا في إصدار قرار إطلاق سراح خان.
وأضافت “تؤكد لجنة إطلاق السراح المشروط أنها لم تكن طرفا في إطلاق سراح الفرد الذي أعلنت السلطات أنه منفذ الهجوم”.
وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي يخوض الانتخابات في 12 ديسمبر، إن من الضروري تشديد الأحكام القضائية ذات الصلة بالإرهاب.
وأضاف بعد وقت قصير من الهجوم، أنه من الخطأ أن “نسمح لمرتكبي الجرائم الخطرة والمنطوية” على عنف بالخروج من السجن مبكرا ومن المهم جدا وقف هذا الإجراء وتشديد الأحكام على المجرمين الخطرين، وخصوصا الإرهابيين.