مخرجات عربيات يحملن هموم المرأة إلى قرطاج

وقوف المرأة العربية في وجه التقاليد والعادات الذكورية ونواميس مجتمعها المقيد لحريتها، يلهب المنافسة بين ثلاث مخرجات عربيات على “التانيت الذهبي” بمهرجان “أيام قرطاج السينمائية”.
تونس – تعالج مخرجات عربيات عبر أفلام روائية جريئة يتنافسن من خلالها على “التانيت الذهبي” لمهرجان “أيام قرطاج السينمائية”، مواضيع اجتماعية حساسة تطاول خصوصا وضع النساء في المجتمعات العربية وتوقهن إلى الحرية في وجه التقاليد والعادات الذكورية.
ومن بين هذه الأعمال فيلم “بابيشا”، للمخرجة الجزائرية منية مدور، الممنوع من العرض في بلدها، وفيلم “سيّدة البحر” للسعودية شهد أمين، وهي أول مشاركة سعودية في المهرجان منذ إطلاقه قبل 53 عاما، بالإضافة إلى فيلم “نورا تحلم” لهند بوجمعة من تونس البلد المعروف بتشريعاته التقدمية الرائدة عربيا في مجال حقوق المرأة.
والأفلام الثلاثة هي باكورة أعمالهن وقد أنتجت كلها في عام 2019 تزامنا مع حركة احتجاجات كبيرة خصوصا في الجزائر للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية.
ويروي “بابيشا” -وتعني باللهجة المحلية الجزائرية الفتاة الجميلة- قصة “نجمة” الطالبة في الجزائر خلال الحرب الأهلية.
تقطن “نجمة” في مبنى سكني جامعي حيث تدور معظم أحداث العمل، وهي تحلم بأن تصبح مصممة أزياء فيما تتدهور الأوضاع السياسية في البلاد. ترفض بطلة الفيلم “الإرهاب الإسلامي” الذي تسبب في مقتل شقيقتها وتقرر تجاوز المحظور بتنظيم عرض أزياء للملابس العصرية داخل مبنى السكن الجامعي بمساعدة زميلاتها.
ويؤكد بلقاسم حجاج الذي شارك في الإنتاج خلال تقديم الفيلم في تونس أن “واقع المرأة في مجتمعاتنا يُعد مقياسا لمدى تقدمها أو تراجعها”.
تقول مدور إن الفيلم “تكريم للمرأة الجزائرية التي صمدت خلال حرب التحرير وكذلك خلال ما عرف بالعشرية السوداء”، لكنه “يتطرق بطريقة غير مباشرة إلى صمود المرأة الجزائرية التي تناضل اليوم من أجل تغيير القوانين والمساواة بين الجنسين والديمقراطية”.
ويتناول فيلم “سيّدة البحر”، قصة “حياة” التي يتراجع والدها عن قرار رميها في البحر وفقا لتقاليد قرية صيادين نائية تفرض على الآباء تقديم الإناث فقط من أطفالهم كقربان ليمنّ عليهم حسب معتقدهم بالسمك. وكنتيجة لهذا القرار غير المسبوق الذي اتخذه والدها، تتغيّر نظرة السكان إلى الفتاة وتصبح منبوذة.
لكن “حياة” تقرر أن تثأر لنفسها وتتحدى التقاليد “الظالمة” وتحاول فرض وجودها بالقوة وسط مجتمع ذكوري.
وتوضح المخرجة السعودية “تتمحور الفكرة حول قداسة الحياة التي تعد أهم من أي قانون أو عادات نقرر أنها واجب”.
وتابعت أن المجتمع العربي “يضطهد المرأة ويكبّلها إلى درجة أنها تصبح تكره ذاتها، بات من الضروري أن تتصالح المرأة مع نفسها وتنهض وتكسر القيود”.
ومن تونس، يتناول فيلم “نورا تحلم” قصة امرأة كادحة من وسط شعبي، متزوجة من رجل سجن مرارا ولديها ثلاثة أطفال، لكنها تحلم بحياة أفضل مع حبيبها الذي تلتقيه خلسة. وتطرقت هند بوجمعة في هذا العمل إلى مسائل حساسة ومسكوت عنها بذريعة العادات والتقاليد مثل اغتصاب الزوجة والعنف المادي والمعنوي الممارس عليها وعلى أبنائها.
وأكدت بوجمعة أن “القوانين أعطت المرأة التونسية قدرا كبيرا من الحرية إلا أن شريحة من النساء داخل المجتمع مسكوت عنها وما زال بداخلها جدار من الخوف يتعين هدمه”، بعد سنوات من اعتماد دستور جديد سنة 2014 يعتبر من أهم مكتسبات ثورة 2011 كونه ينص على ضمانات للمساواة بين الرجل والمرأة.
وقالت الممثلة هند صبري التي تجسد دور “نورا” بعد العرض “الفيلم تكريم للمرأة التونسية وهدفه رفع الغطاء عن المحرمات وخلق حوار اجتماعي حول المواضيع المحظورة للنقاش”.
وأضافت الناشطة الحقوقية بشرى بلحاج حميدة “هناك وعي عربي بقضايا المرأة لكن المشوار لا يزال طويلا”.