تزايد الضغوط لتسريع برنامج تعويم الدرهم المغربي

تواجه السلطات النقدية المغربية ضغوطا متزايدة من صندوق النقد الدولي لتسريع تعويم الدرهم في وقت تسعى فيه الحكومة لإصلاح نظام الصرف تدريجيا لتجنب التداعيات السلبية غير المتوقعة على الاقتصاد لأي خطوات كبيرة ومتسرعة.
واشنطن - اتسع الجدل في الأوساط المغربية بشأن تباطؤ الحكومة في تنفيذ برنامج تعويم الدرهم وتركيزها على اعتماد نظام صرف أكثر مرونة، لتفادي حدوث صدمات في ظل ظروف عالمية غير مواتية.
وتزامن ذلك مع تزايد ضغوط صندوق النقد الدولي على الحكومة المغربية للمضي قدما في سياسة تحرير أسعار الصرف، التي يراها ضرورية لتعزيز النمو الاقتصادي.
ويعتقد محللون أن هناك عوامل كثيرة تجعل السلطات النقدية المغربية تتريث بانتظار التوقيت المناسب للإقدام على تنفيذ خطوات تعويم الدرهم.
وأكد عبداللطيف الجواهري محافظ بنك المغرب المركزي خلال الاجتماع السنوي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن، أن بلاده تعمل منذ العام الماضي على توسيع نطاق تداول الدرهم باعتماد سعر صرف أكثر مرونة، بهدف إصلاح النظام المالي.
وتندرج المحاولات في إطار جهود تعزيز تنافسية اقتصاد البلاد وحمايته من الصدمات الخارجية، لكن أوضاع الاقتصاد العالمي غير المواتية دفعت البنك المركزي إلى التخلي عن فكرة التحرير التام للعملة.
ويطالب صندوق النقد بتسريع تحرير الدرهم لتعزيز قواعد الاقتصاد وانفتاحه. ووصف تأخر الإجراءات بغير المجدي.
ويقول الخبير المالي عبداللطيف بروحو، إن التحرير التام لسعر الدرهم يجعل الاقتصاد في مواجهة مباشرة وغير مسبوقة مع التقلبات الاقتصادية والمالية محليا ودوليا.
وتشير خطط بنك المغرب المعلنة إلى اتخاذ خطوات تدريجية على مدى سنوات لتهيئة الاقتصاد المحلي للتحرير الكامل والتخلي نهائيا عن التدخل في أسعار الصرف.
ويرى بروحو أن المغرب لا يزال في بداية مرحلة تحصين الاقتصاد المحلي، ولا تزال احتياطاته من العملة الصعبة منخفضة ولا تكفي لمواجهة تقلبات مفاجئة.
ويشير الصندوق إلى أن تعويم الدرهم سيعزز تنمية أعمال الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل 90 بالمئة من إجمالي الشركات العاملة في البلاد، ويساعد في توفير فرص عمل ودخل للفقراء والطبقة المتوسطة.
ودشنت الرباط في العام الماضي مرحلة جديدة من التحول التدريجي من نظام صرف ثابت إلى نظام صرف مرن، أي السماح لسعر صرف الدرهم بأن يتحرك في نطاق تقلب نسبته 5 بالمئة، 2.5 بالمئة في كل اتجاه مقابل 0.3 بالمئة سابقاً.
وقال الجواهري إن المغرب “يخطط للانتقال من إدارة عملته إلى سياسة نقدية تستهدف مواجهة التضخم حيث سيتم تعديل أسعار الفائدة بشكل دوري، ليحدد العرض والطلب قيمة الدرهم”.
وأشار إلى أن المغرب سيواصل بعد المرحلة الأولى من الإصلاحات التي اتخذها في العام الماضي، إبقاء الدرهم مربوطا بعملتي اليورو والدولار بنسبة تتراوح بين 60 بالمئة و40 بالمئة على التوالي.
ويشترط صندوق النقد الانضباط في الموازنة للتقدم في خطوات الإصلاح من أجل ضمان تكيف الشركات الصغيرة والمتوسطة مع الإصلاحات التي تم اعتمادها السنة الماضية.
ويقول محافظ البنك المركزي إن بند الأجور هو السبب الرئيسي في عجز الموازنة، لكن الخبير الاقتصادي، العربي حبشي، يرى أن “الامتيازات الضريبية والتهرب الضريبي وارتفاع النفقات غير المنتجة وتنامي القطاع غير المهيكل، تقف جميعها خلف ارتفاع عجز الموازنة”.
ويعمل المغرب على تجنب الاضطرابات الاقتصادية، التي عرفتها دول الجوار، حيث يكافح من أجل تلبية المطالب الاجتماعية المتزايدة، ومواجهة ضعف الطلب في أسواقه الرئيسية في أوروبا.
وتشير أحدث التوقعات إلى تراجع نمو الاقتصاد المغربي إلى 2.7 بالمئة هذا العام، وهو ما يقل عن التوقعات السابقة البالغة 3 بالمئة.