الاستثمارات العربية تتسابق لمعالجة أزمة الدواجن المصرية

القاهرة تطلق حوافز وتسهيلات لتعزيز المشروعات المحلية والأجنبية.
الاثنين 2019/09/23
سوق الدواجن المصري يستدعي المستثمرين

وجهت تحالفات عربية أنظارها إلى ثروة الدواجن المصرية لاقتناص الفرص الاستثمارية الواعدة وتأسيس مشروعات جديدة تسد فجوة الغذاء في سوق كبيرة تضم قرابة 100 مليون مستهلك، في ظل استمرار مسلسل أزمات القطاع الناتجة عن السياسات الارتجالية.

القاهرة - فتحت أزمة صناعة الدواجن المصرية آفاقا استثمارية جديدة أمام رؤوس الأموال العربية، بعد أن تفاقمت أوضاعها نتيجة استيراد أكثر من 80 بالمئة من مكوناتها، وعجزت عن المنافسة، وهو ما حدا بالحكومة  إلى منع الاستيراد مجددا أملا في مساندتها.

وتساهم الدواجن في سد نحو 35 بالمئة من فجوة البروتين الحيواني في مصر، ويصل عدد مزارع الدواجن إلى حوالي 47 ألف مزرعة، المرخص منها رسميا 20 ألفا فقط.

هناك 3 تحالفات عربية طلبت الاستثمار في الثروة الداجنة
هناك 3 تحالفات عربية طلبت الاستثمار في الثروة الداجنة

وشجعت هذه التحديات، التي تتكرر سنويا، ثلاثة تحالفات عربية لضخ استثمار في هذا القطاع الحيوي بالنسبة إلى غذاء المصريين.

وقال عاطر حنورة، رئيس شركة تنمية الريف المصري المملوكة للدولة، إن “التحالفات تضم مجموعة دلة البركة السعودية، وترغب في الحصول على 25 ألف فدان لإقامة مجمع للدواجن، وزراعة محاصيل مرتبطة بصناعة الثروة الدواجنة”.

وأوضح لـ”العرب” أن التحالف الثاني من الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي لتدشين مشروعات على 50 ألف فدان في منطقة غرب المنيا.

ويصل رأس مال الهيئة التي تساهم فيها 21 دولة عربية بنحو 1.1 مليار دولار وتستثمر في خمسين مشروعا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويرتكز نشاط الهيئة في أربعة قطاعات رئيسية، 47 بالمئة منها في قطاع التصنيع الزراعي و25 بالمئة في قطاع الإنتاج الحيواني و24 بالمئة في قطاع الإنتاج النباتي و4 بالمئة في قطاع الخدمات.

ويضم التحالف الثالث مجموعة مستثمرين من سلطنة عمان بقيادة رابطة المصريين العاملين في مسقط وطلب 5 آلاف فدان لتدشين مشروعاته في الثروة الداجنة والأنشطة المرتبطة.

واتجه المستثمرون إلى شركة الريف المصري، التي تشرف على المشروع القومي لاستصلاح مليون ونصف فدان، نتيجة القيود التي وضعتها الحكومة حول تأسيس مشروعات إنتاج داجني بالقرب من المناطق السكنية.

وأكد مصطفى النجاري، عضو مجلس إدارة المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، أن القانون يجيز بناء مزارع تربية الدواجن على الأراضي الزراعية بنسبة مئة بالمئة.

وقال النجاري في تصريحات لـ”العرب” إن “التحالفات العربية فطنت لتلك النقطة واتجهت إلى تأسيس مشروعات الإنتاج الداجني في الصحراء تجنبا لأي معوقات”.

وطبقت القاهرة هذه الضوابط على الاستثمارات الجديدة بعد ظهور أول إصابة بفيروس إنفلونزا الطيور في البلاد عام 2006، والذي ينشط خلال فصل الشتاء ويبدأ في الانحسار في فصل الصيف.

وأطلقت الحكومة مشروعا قوميا للاستثمار الداجني مؤخرا لسد فجوة استهلاك البلاد من اللحوم، والتي تتزايد عاما بعد عام مع ارتفاع عدد السكان وتراجع الاستثمارات المحلية في هذا القطاع.

ويقام المشروع على 9 مناطق بمحافظات قنا والأقصر في جنوب البلاد والوادي الجديد في الصحراء العربية وشمال سيناء، التي تتميز بارتفاع في درجات الحرارة، بهدف وقف نشاط فيروس إنفلوانزا الطيور.

ويصل إجمالي استثمارات قطاع الإنتاج الداجني والخدمات الصناعية المرتبطة به نحو 3.6 مليار دولار، ويعمل به ما يقارب  2.5 مليون عامل بين عمالة مباشرة وغير مباشرة.

وأشار ثروت الزيني، نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، إلى أن السوق المصرية جاذبة للاستثمار بقطاع الدواجن، وتتمتع الزيادة بقوة استهلاكية كبيرة، فضلا عن أن الدواجن تعد البروتين الأول في البلاد لانخفاض سعرها مقارنة باللحوم الحمراء.

قيود تأسيس مزارع الدواجن دفعت المشاريع إلى الصحراء
قيود تأسيس مزارع الدواجن دفعت المشاريع إلى الصحراء

ويصل سعر كيلوغرام الدواجن الحية نحو دولار واحد، مقابل 7 دولارات لأرخص أنواع اللحوم الحمراء التي تباع في سيارات وزارة التموين المتنقلة في الشوارع بأسعار أقل من تجار التجزئة.

ويصل نصيب الفرد من الدواجن نحو 12 كيلوغراما سنويا، وهي نسبة متدنية جدا مقارنة بدول عربية أخرى يبلغ فيها نصيب الفرد  45 كيلوغراما سنويا.

وأوضح الزيني لـ”العرب” أنه من المتوقع زيادة نصيب الفرد من الدواجن إلى 16 كيلوغراما سنويا بحلول 2025 وحتى 2030، ومن ثم فإن الفرصة مواتية حاليا لتدفق الاستثمارات العربية في القطاع لأنها تتسم بمشروعاتها الضخمة.

ولفت إلى أن قرار منع استيراد الدواجن تأخر كثيرا، وهو بمثابة إنقاذ للصناعة من الانهيار، كما أن ضخ استثمارات جديدة يضمن الحفاظ على الأسعار ويزيد المعروض بالأسواق.

ورغم ارتفاع الإنتاج المحلي العام الجاري إلى مستوى 1.3 مليار دجاجة مقارنة بنحو 900 مليون دجاجة العام الماضي، إلا أن الأسعار لا تزال تفوق قدرات شريحة كبيرة من المصريين.

وتبحث القاهرة في جميع الاتجاهات عن أطر متنوعة لتأمين إمدادات السوق من اللحوم وتعزيز قدرات التنمية الزراعية بما يخدم صناعة الدواجن.

وقد وقعت وزارة التخطيط مؤخرا على اتفاق مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية لدعم المشروعات الريفية في مصر، بما فيها صناعة الدواجن.

ويساهم الصندوق في تمويل 13 برنامجا ومشروعا للتنمية الريفية، تبلغ تكلفتهم الإجمالية 850 مليون دولار، وبلغت مساهمة الصندوق فيها نحو 450 مليون دولار.

ورغم تكرار الأزمة كل عام غير أنه لا توجد إستراتيجية محددة الملامح للقطاع تضمن تعزيز إمكاناته وتشجع الاستثمارات المحلية والأجنبية على التوسع فيه لسد فجوة الغذاء، وفتح رافد جديد من خلال تحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة على طرق باب هذا القطاع.

ودفعت الضبابية إلى اتجاه عدد من الجهات المانحة للتركيز على أنشطة تربية الدواجن في الريف بوصفها من الأنشطة التي تساعد السيدات على الخروج من دائرة الفقر.

وتقود المعونة الأميركية هذا الاتجاه منذ سنوات، وتركز على مناطق الصعيد بهدف تمكين المرأة اقتصاديا ومواجهة حالات التقزيم لدى الأطفال بسبب سوء التغذية.

10