الرئيس اللبناني يتخلى عن حياده بقضية قبرشمون

بيروت - اعتبرت مصادر سياسية لبنانية أن ما صدر عن الرئيس ميشال عون بشأن قضية حادث قبرشمون في منطقة عالية شرق بيروت يشير إلى انحياز واضح لرئيس الجمهورية يضاف إلى الانحياز الذي أبداه أمين عام حزب الله حسن نصرالله في هذه القضية.
وقالت إن ما نقل عن اعتبار عون أن حادث قبرشمون كان كمينا مدبرا لوزير الخارجية جبران باسيل وليس لوزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، يكشف عن تخلي الرئيس عن دوره الجامع لكل اللبنانيين.
وفسر مراقبون أن موقف عون يفسّر إصرار الرئيس اللبناني على تعطيل أي حلول بشأن مسألة إحالة هذه القضية على المجلس العدلي والتي يرفضها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ويعتبرها محاولة ملتبسة لحصار الجنبلاطية في لبنان.
بيد أن مصادر برلمانية استغربت موقف رئيس الجمهورية الذي يضيف عوائق جديدة لم تلحظها التحقيقات.
وقتل اثنان من مرافقي وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، في اشتباك مع أنصار الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يقوده وليد جنبلاط، وكلاهما يمثلان الطائفة الدرزية بالبلاد.
والغريب، محسوب على النائب طلال أرسلان، زعيم الحزب الديمقراطي، الموالي للنظام السوري وحزب الله، والطرف الآخر محسوب على خصمه بالطائفة الدرزية جنبلاط.
وفيما يدور الجدل القانوني السياسي حول فرضية أن كمينا كان يستهدف اغتيال الوزير الغريب وهو أمر ينفيه الحزب التقدمي الاشتراكي ولم تثبته التحقيقات، فإن عون يضيف ملفا جديدا هدفه تأكيد فرضية المؤامرة لاغتيال وزير في الحكومة اللبنانية بما يبرر إحالة القضية على المجلس العدلي.
وكانت بعض المعلومات قد تحدثت عن امتلاك التحقيق تسجيلات صوتية لمنع موكب وزير الخارجية من العبور إلى كفر متى.
وذكرت المصادر أن بعض هذه التسجيلات تنسب إلى أحد مسؤولي الحزب التقدمي الاشتراكي، يقول فيها “يمكن للوزير الغريب وحده أن يعبر الطريق إلى بلدته، أما غيره فما بيمرق”.
وترى مصادر برلمانية لبنانية أنه على الرغم من أن ما نسب إلى عون يتهم الحزب التقدمي الاشتراكي بالتآمر على باسيل، إلا أن ذلك يبرئ هذا الحزب من تهمة محاولة اغتيال الوزير الغريب مما يسقط الجدل حول إحالة القضية على المجلس العدلي.
وتضيف المصادر أن عون يغادر من خلال ما نسب إليه موقعه كرئيس لكل اللبنانيين وحكم بينهم ليتخذ موقفا مناصرا لحزبه ومدافعا عن صهره، وأنه لا يجوز أن يتعطل عمل الحكومة ويهدد الاستقرار في البلد بسبب مواقف مسبقة تتخذ في بعبدا وتلقى رعاية ودعما من حزب الله.
ويتناقض موقف عون مع تعليق له على التحقيقات الجارية والذي اعتبر أن القضاء هو صاحب الكلمة ويجب أن تتوافر له كل المعطيات والظروف ليصدر أحكامه في ضوء القرائن والأدلة، ولا فرق بالنسبة إليه بين قضاء عدلي وقضاء عسكري، فقانون العقوبات واحد، وإليه يستند القضاة، عدليين كانوا أم عسكريين.
وبدأت أحداث قبرشمون تتخذ أبعادا دولية. وسرت معلومات في بيروت عن أن باسيل، قد يذهب إلى استدعاء السفراء الثمانية، الذين يمثلون الدول ذات التأثير للاستفسار منهم عمّا أبلغهم جنبلاط، والذي كان اجتمع بهم لهذه الغاية.
وكانت معلومات من مصادر قريبة من عون قالت إن جنبلاط رفع سقف المواجهة وسعى إلى تحويل ما هو قضائي إلى سياسي من خلال اجتماعه مع عدد من سفراء الدول الكبرى في مقر أحد السفراء الأوروبيين في بيروت. وقالت إن جنبلاط أبلغ السفراء بأنه يتعرض لحملة سياسية تهدف إلى استفراده.
عون يمعن في انحيازه من خلال السماح لمصادر وزارية قريبة من بعبدا باتهام الحزب الاشتراكي وبانتقاد القضاء العسكري والتشكيك في حياده
غير أن النائب الجنبلاطي هادي أبوالحسن قال، الاثنين، إن “فريق الممانعة لا يفكر إلا بعقل مؤامراتي”.
وأضاف “هؤلاء سفراء معتمدون من بلادهم موجودون في لبنان يلتقون جميع الناس من دون استثناء ويتعاطون بكل التفاصيل ويطلعون على الأوضاع، من حقنا أن نقول وجهة نظرنا عندما نسأل، ومن حق الآخر أن يقول وجهة نظره”.
وتساءل “لماذا توصيف هذه الحالة كأنها مؤامرة ضد فريق معين؟”.
والواضح أنه باتت للقضية أبعاد خارجية لاسيما أن عواصم أجنبية أبدت قلقا من اهتزاز الوضع الأمني إذا ما فشل الساسة في إيجاد المخارج لحادثة قبرشمون المحلية.
ورأى محللون بأن عون يمعن في انحيازه من خلال السماح لمصادر وزارية قريبة من بعبدا باتهام الحزب الاشتراكي وبانتقاد القضاء العسكري والتشكيك في حياده.
ونقل عن زوار رئيس الجمهورية أن “حملة الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط على المحكمة العسكرية ليس لها من حيث المنطق ما يبررها إذا كان جنبلاط يريد فعلا أن تظهر حقيقة ما حصل في قبرشمون”.
وأظهرت آخر التحقيقات في حادثة قبرشمون أن مرافقي الوزير صالح الغريب بادروا بإطلاق النار باتجاه المباني، ورد عناصر من الحزب الاشتراكي على سيّارات الموكب لذلك جاء الادعاء بحقهم بمواد أقسى من المواد التي طالت مرافقي الغريب.
وقالت هذه المصادر إنه ليس في التسجيلات الصوتية أي دعوات لحمل السلاح أو نصب كمين، بل دعوات لمنع موكب رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل من المرور.
وأشارت إلى أن التسجيلات كانت تتضمن استئذانا لاستخدام البيض والبندورة والأحذية لرشق موكب باسيل، لافتة إلى أنه تم استدعاء كل أصحاب الرسائل الصوتية للتحقيق معهم.