أربيل المختنقة مجبرة على التفاوض مع بغداد

إقليم كردستان مجبر ومصمم على التفاوض مع حكومة بغداد لأنه مخنوق ماليا بسبب الديون البالغ حجمها 14 مليار دولار.
الاثنين 2019/07/29
مفاوضات موضع سؤال

بغداد – منذ سنوات تعرف العلاقات بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان المنفصل عن العراق والمتمتع بحكم ذاتي منذ عام 2017 عقب عملية استفتاء سمحت بذلك، أزمة حادة ونزاعا لم يحسم إلى اليوم.

إقليم كردستان، يوصف في العراق بأنه كان من أكثر المستفيدين بمرحلة الفوضى التي تلت سقوط نظام صدام حسين عام 2003 ومن ثمة اختراق الإرهاب للبلد بعد تركيز ما سُمي بـ”دولة الخلافة” عبر تنظيم الدولة الإسلامية وتحديدا في عام 2014، فقامت أربيل بتصدير بعض مدخرات الثروة النفطية إلى تركيا دون الرجوع إلى السلطات المركزية أي حكومة بغداد.

وقد استأنفت بغداد وأربيل، التي تعاني أزمة اقتصادية، مفاوضاتهما بشأن النفط والموازنة المخصصة للإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي، وهما نزاعان قديمان يبقى التوصل إلى اتفاق حولهما أمرا غير مؤكد وفق عدد من الخبراء.

وتتسم العلاقات بين بغداد وأربيل بالتوتر منذ سنوات عدة، وساءت أكثر في عام 2014، حينما استغل إقليم كردستان الفوضى السائدة في أعقاب اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية للبلاد، للبدء بتصدير النفط من أراضيه إلى تركيا مباشرة.

وتوصلت أربيل ووزير النفط حينها عادل عبدالمهدي، الذي أصبح رئيسا للوزراء، إلى اتفاق، إلا أنه لم يطبق بالكامل. إذ أن سلطات كردستان تطالب بحصة أكبر من الموازنة الفيدرالية، ويتراشق الطرفان بالاتهامات بعدم الوفاء بالالتزامات.

ويصدر إقليم كردستان بين 400 و500 ألف برميل يوميا. لكن رسميا، عليه أن يصدر منها 250 ألف برميل يوميا عن طريق شركة “سومو” النفطية الحكومية، وأن يدفع الإيرادات الناتجة عما تبقى إلى الموازنة الفيدرالية.

وفي المقابل، على بغداد أن تدفع نحو 12 في المئة من موازنتها الاتحادية إلى أربيل (8.2 مليار دولار). وشهدت موازنة عام 2019 سابقة، وهي أن تدفع بغداد رواتب موظفي الإقليم الشمالي، من دون اشتراط أن تعيد أربيل ما عليها من إيرادات نفطية.

لكن في الواقع، فإذا كانت بغداد تدفع الرواتب شهريا للموظفين، إلا أنها لا تدفع الموازنة المخصصة للأكراد، قائلة إن كل الذهب الأسود في كردستان يصدر إلى تركيا من دون المرور عبر منشآتها.

وبمجرد تسميته رئيسا جديدا لحكومة إقليم كردستان، توجه مسرور بارزاني إلى بغداد داعيا إلى “ترك نزاعات الماضي وراءنا”.

ويشير مصدر حكومي إلى أن حقيقة “استعجاله” للظهور في بغداد يعد “إشارة جيدة”، حيث تم تشكيل لجان فنية مشتركة للاتفاق على موازنة 2020.ويبدو أن الإقليم مصمم على التفاوض لأنه مخنوق ماليا بسبب الديون البالغ حجمها “14 مليار دولار”، بحسب بارزاني. لكن الرقم في الحقيقة هو ضعف ذلك بحسب عدد من الخبراء.

أما في ما يتعلق برواتب الموظفين، فقد وصلت إلى رقم قياسي هو 8.9 مليار دولار في العام 2019، بحسب أربيل.

غير أن بغداد لا تخصص سوى 4.6 مليار دولار، مشيرة إلى وجود وظائف وهمية بين الموظفين البالغ عددهم 1.2 مليون.

ويقول الخبير الاقتصادي أحمد طبقجلي إنه بوجود 3.5 مليار دولار فقط من عائدات النفط بعد خصم التكاليف، وفق الخبراء، فإن الإقليم لم يدفع لموظفيه منذ أشهر عدة.

Thumbnail

ويقتل الخلاف بين بغداد وأربيل “اقتصاد كردستان، فالناس لا يعرفون ما إذا كانوا سيتقاضون أجورهم في نهاية الشهر، وهذا يؤثر على الاقتصاد والاستثمارات، وأكثر من ذلك”، كما يقول النائب الكردي سركاوت شمس الدين.

وترى أربيل في عادل عبدالمهدي الشريك الأفضل، فهو “متعاطف، وأبرم بالفعل اتفاقيات مع الأكراد” وفق شمس الدين.

من جانبه، يبحث رئيس الحكومة، وهو مستقل وصل إلى السلطة بإجماع ضد النواب المنقسمين، عن قاعدة أكثر صلابة. وفي هذا الإطار، يعتقد طبقجلي بأن عبدالمهدي المثقل بأعباء البرلمانيين المتخاصمين في ما بينهم، قد يجد في الأكراد “حلفاء طبيعيين”.

إن تعهدات النوايا الحسنة بين الطرفين توفر “قاعدة للحوار”، بحسب مسؤول من محافظة كركوك النفطية المتنازع عليها، لكن “لا قرار يحل القضية” حتى الآن.

يضيف المسؤول نفسه أن هناك “تدخلات إقليمية ودولية”، في حين أن “أوبك” وشركات النفط الأجنبية والحليف الأميركي تعلق بانتظام على النزاع بين أربيل وبغداد.

من جهتها، تقول الخبيرة في شؤون النفط العراقي ربى الحصري إن أربيل والحكومة الفيدرالية “في طريق مسدود”، لأن الأولى ترفض أي سيطرة اتحادية على حدودها ونفطها وعائداتها، في حين أن الثانية “لا تتحدث مع الأكراد بصوت واحد”.

وتضيف الحصري أن “أي اتفاق جديد سيظل مؤقتا، وستشوبه العيوب نفسها سابقا”. وللحصول على مصادقة البرلمان، سيتعين على عبدالمهدي إقناع العديد من النواب الذين يتهمونه بتقديم تنازلات كثيرة لإقليم كردستان.

3