عدد سكان العالم لا ينمو بسرعة تناسب ظاهرة الشيخوخة

يرجح تقرير "التوقعات السكانية العالمية"، الصادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، أن يرتفع عدد سكان العالم من 7.7 مليار نسمة، في الوقت الحالي، إلى 11 مليار نسمة بحلول العام 2100، خاصة مع تضاعف عدد سكان دول جنوب الصحراء الأفريقية.
نيويورك - تقدّر توقعات الأمم المتحدة أن يصل عدد سكان العالم إلى حدود 10 مليارات نسمة خلال العقود الثلاثة المقبلة، أي بزيادة تقارب 20 في المئة عن عدد السكان الحاليين، الأمر الذي ينذر بتضاعف الضغوط التي تعيشها البشرية خاصة مع استمرار الصراعات وتأثيرات التغيرات البيئية والنقص في الموارد الطبيعية.
ويشير تقرير التوقعات السكانية لسنة 2019 إلى أن عدد سكان العالم سيصل إلى 9.7 مليار نسمة بحلول سنة 2050، أي أنه سيرتفع بمقدار ملياري شخص في الثلاثين عاما المقبلة.
وتوقع التقرير تفوق الهند على الصين في غضون 10 سنوات فقط، لتصبح أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان، كما توقع أن يصل نمو السكان في العالم إلى نحو 11 مليار شخص بحلول نهاية هذا القرن.
وصنف التقرير الولايات المتحدة كواحدة من تسع دول من المتوقع أن تشهد أكبر الزيادات على مدى السنوات الثلاثين المقبلة لتشكل أكثر من نصف النمو المتوقع لسكان العالم.
وتتضمن لائحة الدول الهند ونيجيريا وباكستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وتنزانيا وإندونيسيا ومصر.
وقالت إيمي سنوفر، المختصة في آثار المناخ بجامعة واشنطن، إن النمو سيخلق تأثيرا قويا على تغير المناخ، خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء، وذلك في إشارة إلى التوقعات بتضاعف عدد سكان المنطقة بنسبة تصل إلى 99 في المئة بحلول سنة 2050.
وأشارت إلى ارتباط المناخ بالسكان على مستويات مختلفة، من الموارد الطبيعية التي تستخرج، ومقدار الإنتاج الصناعي، وكمية الطاقة اللازمة للتدفئة والتبريد والنقل، قائلة “تؤثر كل هذه العناصر على انبعاث الغازات الدفيئة، التي توجد في الغلاف الجوي وتقلل ضياع الحرارة من الأرض إلى الفضاء مما يساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. وبالتالي، كلما زاد عدد سكان الأرض وارتفعت نسبة توظيف الموارد الطبيعية وتوسع قطاع الصناعة، صعبت مواجهة مخاطر وتأثيرات تغير المناخ”. وعلى الرغم من النمو المذكور، أشار التقرير إلى سرعته المتدنية. وذكر أن 27 دولة أو منطقة شهدت انخفاضا لا يقل عن 1 في المئة في عدد السكان منذ بداية العقد الحالي بسبب انخفاض معدلات الخصوبة.
ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد في الثلاثين عاما القادمة، حيث ستشهد نصف هذه الدول تقريبا انخفاضا بنسبة 10 في المئة أو أكثر. وتقول الدراسة الأممية إن مستوى الخصوبة المطلوب لضمان استبدال الأجيال وتجنب انخفاض عدد السكان على المدى الطويل في غياب الهجرة، ينبغي أن يبلغ 2.1 مولود لكل امرأة على الأقل.
وتراجع معدل النمو بالفعل من 3.2 مولود لكل امرأة سنة 1990 إلى 2.5 مولود في السنة الحالية، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 2.2 بحلول خمسينات القرن، و1.9 بحلول نهايته.
في المقابل، سيرتفع متوسط العمر بشكل ملحوظ مع بداية القرن المقبل، من 31 إلى 41، بعد أن كان 24 سنة 1950. وسجّل التقرير 146 مليون شخص تتجاوز أعمارهم 80 سنة. وتوقع ارتفاع هذا الرقم إلى 881 مليونا، أي بزيادة قدرها حوالي 600 في المئة بحلول سنة 2100.
وفي تحليله لأرقام الأمم المتحدة، قال مركز بيو للأبحاث إن سكان العالم سيتوقفون عن النمو بحلول سنة 2100 لأول مرة في التاريخ الحديث.
مع ذلك، تحمل هذه الأرقام بعض الجوانب الإيجابية حيث أدى انخفاض معدلات الخصوبة في معظم أفريقيا جنوب الصحراء، وأجزاء من آسيا وأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، إلى ارتفاع نسبة السكان في سن العمل (25-64 سنة).
تقول الدراسة إن ذلك قد خلق فرصة للتعجيل بالنمو الاقتصادي بفضل التوزيع العمري للسكان. وللاستفادة من هذا “العائد الديموغرافي” تنصح الدراسة حكومات العالم بالاستثمار في التعليم والصحة وخاصة للشباب، وبخلق ظروف مواتية للنمو الاقتصادي المطّرد.
ورغم أن التقرير يتوقع زيادة في متوسط العمر المفترض على مستوى العالم (من 64.2 عاما عام 1990 إلى 72.6 عاما عام 2019، ثم إلى 77.1 عاما في عام 2050) إلا أنه يشير إلى أن النسبة في البلدان الأشد فقرا تقل بحوالي 7.4 سنوات عن المتوسط العالمي. ويرجع التقرير ذلك إلى ارتفاع مستمر في مستويات وفيات الأطفال والأمهات، فضلا عن العنف والصراع والتأثير المستمر لوباء فيروس نقص المناعة البشرية.
ويورد التقرير أن عدد سكان العالم الأكبر سنا يتزايد الآن، بحيث صارت أعداد السكان المنضوين تحت فئة الـ 65 عاما أو أكبر هي الأسرع نموا، إذ يمثلون واحدا من بين كل ستة أشخاص في العالم. وبحلول عام 2050، يمكن أن تصل نسبتهم في أوروبا وأميركا الشمالية إلى واحد من بين كل أربعة أشخاص. وحسب التقرير، ولأول مرة في التاريخ فإن عدد من بلغت أعمارهم 65 عاما أو أكثر (عام 2018) فاق عدد الأطفال دون سن الخامسة على المستوى العالمي.
ويقول التقرير إن انخفاض نسبة السكان ممن يعتبرون في سن العمل سيضغط بشدة على أنظمة الحماية الاجتماعية، وأن أعداد من هم في سن العمل مقارنة بمن تجاوزوا سن الـ65 تتناقص في جميع أنحاء العالم. وتؤكد هذه النسبة المنخفضة، التأثير المتوقع الذي ستتركه شيخوخة السكان على سوق العمل والأداء الاقتصادي والضغوط المالية التي ستواجهها عدّة بلدان في العقود المقبلة.
ويورد التقرير أن 14 دولة أو منطقة في العالم ستشهد تدفقات تصل إلى أكثر من مليون مهاجر بين عامي 2010 و2020. بينما ستشهد عشرة بلدان أخرى تدفقات قريبة من هذا الرقم. بعض الهجرات ذات التدفقات المرتفعة جدا تأتي مدفوعة بزيادة الطلب على العمال المهاجرين (بنغلاديش ونيبال والفلبين) أو بسبب العنف وانعدام الأمن والصراع المسلح (ميانمار وسوريا وفنزويلا).
ويقول التقرير إن بلدانا مثل بيلاروسيا وإستونيا وألمانيا وهنغاريا وإيطاليا واليابان وروسيا وصربيا وأوكرانيا، ستتلقى تدفقا للمهاجرين على مدى العقد المقبل، مما سيساعدها على تعويض الخسائر السكانية الناجمة عن زيادة عدد الوفيات مقارنة بعدد الولادات.
لكن هذا الأمر لا يخلو من مخاطر؛ إذ يرى الخبراء أن هذه المتغيرات الديموغرافية، ورغم إيجابياتها تعد من بين أبرز أسباب ظهور حركات اليمين المتطرف ونزعات القومية المتشددة، والخوف من الآخر ومما يقد يسببه من تغيير في هوية المجتمع وثقافته.
العالم يشيخ وأفريقيا تزداد شبابا
فرانكفورت - العالم يشيخ أكثر فأكثر، خاصة في أميركا اللاتينية وآسيا، حيث ستزداد نسبة كبار السن بسرعة بالغة، مستقبلا، باستثناء القارة الأفريقية التي تبدو أكثر شبابا، وفق بيانات تقرير صدر عن المعهد الألماني لأبحاث السكان بمناسبة اليوم العالمي للسكان، الموافق للحادي عشر من يوليو.
ويتوقع الخبراء أن يستمر متوسط الأعمار في الارتفاع بوتيرة متزايدة في أوروبا، القارة الأكثر شيخوخة، على المستوى العالمي في الوقت الحالي، وكذلك في أميركا الشمالية، خلال السنوات المقبلة.
وأوضح المعهد أنه بينما ينتمي واحد من كل خمسة أوروبيين تقريبا (19 في المئة) إلى جيل 65 عاما فما فوق، سترتفع هذه النسبة إلى أكثر من واحد من كل أربعة أشخاص، بحلول عام 2050.
ولكن الوضع يختلف تماما في أفريقيا، التي سترتفع نسبة الشيخوخة بين سكانها بواقع 2 في المئة لتصبح 6 في المئة خلال الفترة نفسها، “فسكان القارة الأفريقية يكبرون، ولكن أفريقيا ستظل صاحبة السكان الأكثر شبابا على مستوى العالم، وبفارق كبير، وذلك بسبب استمرار ارتفاع معدلات المواليد”.