خرق الاتفاق النووي يفتح باب العقوبات الدولية على إيران

بدأ الحديث عن عودة العقوبات الدولية على إيران على إثر إعلان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده تجاوزت الحد المسموح لها بالاحتفاظ به من مخزون اليورانيوم المخصب المنصوص عليه في الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية، فيما فقدت طهران أي أمل في حلفائها الأوروبيين للالتفاف على العقوبات الأميركية.
باريس - حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إيران الثلاثاء، على العدول سريعا عن أول خرق كبير للاتفاق النووي لكنه قال إنه سيتخذ خطوات في الأيام القادمة لضمان وفاء إيران بالتزاماتها واستمرار استفادتها من المزايا الاقتصادية للاتفاق النووي.
وأضاف ماكرون “يتعين على إيران أن تحجم عن أي إجراءات أخرى من شأنها أن تتعارض مع التزاماتها بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015، الذي كانت فرنسا ضمن الدول التي وقعت عليه”.
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاثنين أن إيران تجاوزت الحد الأقصى لاحتياطياتها من اليورانيوم منخفض التخصيب المسموح به بموجب الاتفاق، وهو تطور أثار “قلق” الدول الأوروبية كما الصين وروسيا.
وبموجب الاتفاق، لا يُسمح لإيران بتخزين أكثر من 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67 بالمئة.
وإذا اعتقد أي طرف من الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أن إيران انتهكت الاتفاق فمن الممكن أن يبدأ عملية تنتهي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال فترة قد تصل إلى 65 يوما فقط بإعادة فرض عقوبات المنظمة الدولية على إيران.
والطرفان الآخران الموقعان على الاتفاق، روسيا والصين، هما حليفا إيران ومن المستبعد أن يأخذ أي منهما تلك الخطوة.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير مشترطا عدم الكشف عن هويته “كلما أتى الإيرانيون تصرفات تنطوي على خرق الاتفاق قلّ ميلنا لبذل الجهود لمساعدتهم”.
وأضاف “هي دائرة مفرغة، فإذا عادوا إلى هذا الاتجاه فسيصبحون وحدهم بالكامل ويواجهون العودة إلى العقوبات وينبذهم الجميع”.
وألغيت معظم عقوبات الأمم المتحدة على إيران في يناير 2016 عندما تم تنفيذ الاتفاق النووي المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
وفي العام الماضي قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق وقال إن الاتفاق لا يكفي لتقييد برنامج إيران النووي ولا يتناول برنامج الصواريخ الإيراني الباليستي ودعم طهران لميليشيات تخوض حروبا بالوكالة لحسابها في الشرق الأوسط. وبعد هذا القرار الذي ألهب التوترات بين الولايات المتحدة وإيران أعادت واشنطن فرض العقوبات الأميركية الرامية إلى خفض الصادرات الإيرانية من النفط وفرضت أيضا عقوبات اقتصادية جديدة في محاولة لإرغامها على التفاوض على اتفاق أشمل.
وعقدت إيران اجتماعا مع الأطراف الأوروبية في فيينا الجمعة لكنها قالت إن هذه الأطراف لم تعرض شيئا يذكر على سبيل المساعدة التجارية بما يقنع طهران بالتراجع عن نية خرق الاتفاق ردا على انسحاب دونالد ترامب منه.
ويمكن لإيران بموجب عملية فض النزاع المنصوص عليها في الاتفاق أن تجادل بأن الانسحاب الأميركي وحملة العقوبات التي فرضتها واشنطن يمثلان “امتناعا مؤثرا عن أداء الواجبات” الواردة في الاتفاق “وتعتبر المشكلة غير المحسومة مبررا للامتناع عن أداء التزاماتها”.
ومن الممكن أيضا أن تجادل إيران بأن تقليص التزاماتها النووية لا يمثل انتهاكا للاتفاق لأن الاتفاق ينص في بند آخر على أن “إيران أوضحت أنها ستعتبر هذه العودة لتطبيق العقوبات أو إعادة فرضها أو فرض عقوبات جديدة تتصل بالمسألة النووية مبررا للامتناع عن أداء التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة هذه كليا أو جزئيا”.
وإذا اعتقد أي طرف من أطراف الاتفاق النووي أن طرفا آخر لا ينفذ التزاماته فله أن يحيل الأمر إلى لجنة مشتركة يتكون أعضاؤها من إيران وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي (كانت الولايات المتحدة عضوا في اللجنة قبل انسحابها من الاتفاق).
ويكون أمام اللجنة المشتركة 15 يوما لتسوية المشكلة ما لم يتوافق أعضاؤها على تمديد تلك الفترة الزمنية.
وإذا اعتقد أي طرف بأن المشكلة لم تحل بعد تلك الخطوة الأولى فله أن يحيل الأمر إلى وزراء خارجية الدول الموقعة على الاتفاق. وسيكون أمام الوزراء 15 يوما لتسوية الخلاف ما لم يتوافقوا على تمديد تلك الفترة الزمنية.
وبالتوازي مع نظر وزراء الخارجية في الأمر، أو بدلا منه، يمكن للطرف صاحب الشكوى أو الطرف المتهم بعدم الالتزام أن يطلب أن تبحث لجنة استشارية ثلاثية المشكلة. ويعين كل طرف من طرفي النزاع حينئذ عضوا لهذه الجنة ويكون العضو الثالث مستقلا.
وإذا لم تتم تسوية المشكلة خلال العملية الأولية التي تستغرق 30 يوما فأمام اللجنة المشتركة خمسة أيام للنظر في رأي اللجنة الاستشارية في محاولة لتسوية النزاع.
وإذا لم يكن الطرف صاحب الشكوى راضيا بعد ذلك ويعتبر أن الأمر “يشكل امتناعا مؤثرا عن أداء الواجبات” فبوسعه “أن يعتبر المشكلة غير المحسومة مبررا للامتناع عن أداء التزاماته بمقتضى خطة العمل الشاملة المشتركة كليا أو جزئيا”.
وكذلك يمكنه أن يخطر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمؤلف من 15 عضوا بأن المشكلة تشكل “امتناعا مؤثرا عن أداء الواجبات”.
ويتعين على هذا الطرف أن يصف في الإخطار المساعي حسنة النية التي بذلت لاستنفاد عملية حل النزاع من خلال اللجنة المشتركة.
وبمجرد أن يخطر الطرف صاحب الشكوى مجلس الأمن يتعين على المجلس أن يصوت خلال 30 يوما على مشروع قرار بشأن الاستمرار في تخفيف العقوبات عن إيران.
ويصدر القرار بموافقة تسعة أعضاء وعدم استخدام أي من الدول دائمة العضوية الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا حق النقض (الفيتو).
وإذا لم يصدر قرار في غضون 30 يوما يعاد فرض العقوبات المنصوص عليها في كل قرارات الأمم المتحدة ما لم يقرر المجلس غير ذلك. وإذا أعيد فرض العقوبات فلن تسري بأثر رجعي على العقود التي وقعتها إيران.
