مطعم "كابول كيتشن" في باريس قصة نجاح الأفغان في أوروبا

مطعم "كابول كيتشن" في باريس يمثل فضاء لاكتشاف الطعام الأفغاني ومكان دافئ للقاء اللاجئين في الوقت نفسه.
الجمعة 2019/06/21
كل ما يبقى من طعام يوزَع مجانا

  باريس – فتح مطعم “كابول كيتشن” الأفغاني الذي يديره لاجئان وفرنسية، أبوابه قبيل يوم اللاجئين العالمي في 20 يونيو ليكون “مكانا لاكتشاف الطعام الأفغاني وللقاء اللاجئين في الوقت نفسه”، في الوقت الذي أعرب فيه كثير من الأفغان عن ندمهم ترك بلادهم.

إنها الساعة السابعة، ذروة نشاط هذا المطعم الصغير المؤلف فقط من 25 طاولة والذي يستقبل الزبائن ظهرا ومساء في حي لي هال في وسط العاصمة الفرنسية.

يأخذ شايان محمدي البالغ من العمر 21 سنة، الطلبيات بلغة فرنسية ممتازة. ويوضح هذا الشاب الأفغاني “هنا، نعد الكابولي وهو الطبق الموجود في معظم الاحتفالات في أفغانستان”.

يتألف هذا الطبق من الأرز والزبيب والجزر والصلصة بالتوابل. كذلك، يمكن إضافة قطع الدجاج أو كرات الكفتة. وتضم القائمة أيضا فطائر البولاني المقلية بالسبانخ أو شطائر بالأرز.

وصل شايان إلى باريس في مارس 2017 بعدما قضى عامين في السويد لم يتمكن خلالهما من الحصول على تأشيرة. لكنه مُنح حق اللجوء في فرنسا بسرعة وعمل لمدة تسعة أشهر في محل ملابس جاهزة قبل أن ينطلق بمشروع “كابول كيتشن” مع فاطمة.

ويروي شايان وهو يضع مريولا وقميصا أسودين، “إن فتح مطعمي في فرنسا إنجاز كبير. سوف أعرّف الناس الذين استقبلوني في بلادهم على ثقافة بلدي وأريهم صورة جميلة عن اللاجئين”. وبالنسبة إلى هذا الموسيقي، يمثل الطبخ “رابطا قويا” مع بلده، رغم أنه لم يكن يطبخ حين كان يعيش في أفغانستان أو باكستان لأن الطبخ “حكر على النساء” بحسب تقاليد البلدين.

منذ الصباح، ينهمك مواطنه علي محمد حسيني في المطبخ في تحضير أطباق اليوم: الباذنجان والعدس الأحمر المرجاني والدجاج… كل ما يبقى من طعام يوزَع على الناس في الشارع.

أطباق أفغانية في باريس
أطباق أفغانية في باريس

بعد رحلة خطرة تنقل خلالها بين النرويج وأفغانستان وكاليه وبلجيكا، وجد علي (35 عاما) مَن يساعده في باريس بفضل فاطمة. وتمكن من الانضمام إلى المشروع وأصبح طاهيا، وهذا “حلم لم أكن لأتصوره منذ أشهر قليلة”.

أما فاطمة، فهي جزائرية بدأت تهتم بقضية المهاجرين بعد وفاة والدها. وتقول “في نهاية حياته، أخبرني عن وصوله إلى فرنسا العام 1962 وكيف ساعده شخص في مدينة تور. كانت هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها عن هذا الموضوع، فاعتبرت أنها رسالة مبطنة”.

فمنذ العام 2015، تخصص فاطمة بعضا من وقتها لمساعدة المهاجرين في غار دو ليست. وفي هذا المخيم، تعرفت على الفنان الأفغاني رشاد نيكزاد (29 عاما) الذي اضطر إلى ترك بلده حيث كان يعمل كمقدم برامج تلفزيونية. وتوضح فاطمة أنها “تعرفت بفضله على شايان وعلي اللذين بدأت معهما مشروع كابول كيتشن”. رشاد هو الذي رسم شعار المطعم وزيّن واجهته، فكتب "كابول كيتشن” باللغتين الأفغانية والفرنسية.

وتقول داني شاتر (70 عاما) التي تعمل في الحي وهي جالسة على طاولة تحت الشمس، إنها “معجبة جدا بفكرة المطعم ومتأثرة بقصة هؤلاء الشباب”.

ويبتسم ماكسيم وهو زبون من أصل أفغاني، متمنيا “أن تكون هذه الأطباق ألذ من أطباق أمي”، معربا عن سعادته بفتح مطعم يقدم أطباقا من بلاده.

ولا تعتبر قصة نجاح هذين الشابين الأولى في أوروبا، كما أنها لن تكون الأخيرة، من ذلك مغامرة الشاب عليداد شيري الذي سافر وحده إلى أوروبا عندما كان في العاشرة من عمره في رحلة طويلة استغرقت أربعة أعوام، ويبلغ الآن من العمر 27 عاما، وتحصل على شهادة في الفلسفة من جامعة ترينتو.

وتجسد المهاجرة أفغانية ريحانة قاهر نجاح اللاجئين في دخول الجامعات الألمانية، وتبلغ ريحانة 30 عاما ووصلت إلى ألمانيا قادمة من أفغانستان مع والدتها وأشقائها.

وحصلت ريحانة على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع في أفغانستان وعملت لبضع سنوات قبل مغادرتها. وفي مفاجأة سارة، اكتشفت ريحانة أن شهادتها الأفغانية معترف بها في ألمانيا. وبمجرد وصولها بدأت التفكير

في الدراسة قائلة “هذه دولة جديدة، ولا بد من بداية جديدة”، لتبدأ في تعلم اللغة الألمانية حتى تصل إلى مستوى مرتفع من الإجادة يؤهلها إلى التقدم للتسجيل في الجامعة.

واشتهر الصبي الأفغاني فرهاد نوري والذي يبلغ الآن الـ12 من العمر في صربيا، وصار يلقب بـ”بيكاسو الصغير”، ففي مركزٍ متواضع للاجئين بضواحي العاصمة بلغراد، يقضي الصبي أيامه في الرسم والحلم وأصبح مشهورا بموهبته، حتى أن الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش استقبله في 16 أغسطس 2017. وأصبح نوري مشهورا في بلغراد بسبب رسوماته الشهيرة، بما في ذلك رسمه للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وتتواصل قصص نجاح اللاجئين الأفغان وغيرهم، في حين لا يزال آخرون يبحثون عن فرصة قبل أن تشملهم موجة الترحيل.

20