روسيا تحاصر تركيا في إدلب وإيران الحلقة الأضعف

التصعيد الروسي السوري في إدلب يهدد بإطلاق موجة جديدة من اللاجئين نحو تركيا التي تستضيف بالفعل نحو 3.6 مليون.
السبت 2019/06/08
الإصبع موجه ناحية إيران أم واشنطن

يتوقع المحللون أن تواصل دمشق وموسكو أعمال القصف والغارات على منطقة إدلب دون إطلاق هجوم كبير من شأنه أن يخلق حالة من الفوضى على أبواب تركيا، وذلك في سياق خطة روسية تسعى للاستفادة قدر الإمكان من حاجة أنقرة للتقارب مع موسكو التي يمكن أن تعيد ترتيب أوراق إدلب وتصعد الهجوم بشكل يصعّب الوضع على تركيا في حال أظهرت الأخيرة تمردا.

شهدت الأسابيع القليلة الماضية أسوأ المعارك التي جرت هذا العام في محافظة إدلب، آخر معقل خاضع لسيطرة مقاتلي المعارضة المسلحة في سوريا. تصرفت موسكو ودمشق بشراسة بعدما قامت جماعة المعارضة المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي تسيطر على معظم المحافظة، هيئة تحرير الشام، بتعريض حياة مئات الآلاف من الناس للخطر.

واتفقت أنقرة وموسكو في شهر سبتمبر على إنشاء مناطق لخفض التصعيد في إدلب، حيث وافقت تركيا على تحمل مسؤولية إبقاء جماعات المعارضة المسلحة هناك تحت السيطرة، لكن انتقدت موسكو ودمشق أنقرة لتقاعسها عن الوفاء بنصيبها من الاتفاق، ومنذ ذلك الحين بسطت هيئة تحرير الشام سيطرتها على جزء كبير من المحافظة.

والآن يهدد الهجوم الروسي والسوري بإطلاق موجة جديدة من اللاجئين السوريين نحو تركيا التي تستضيف بالفعل نحو 3.6 مليون. ونزح ما يزيد على 250 ألفا من سكان إدلب البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة منذ أوائل مايو، ما دفع تركيا إلى الإصرار على تنفيذ وقف إطلاق النار.

ووجهت أنقرة لعدة أسابيع غضبها ضد دمشق في محاولة واضحة لتجنب إثارة غضب موسكو، لكن الأحد، ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن تركيا ربما بدأت تضغط على روسيا لكبح جماح جهود دمشق لاستعادة السيطرة على إدلب.

مأزق أنقرة

تمثل التطورات تذكيرا بالمصالح المتباينة لتركيا وروسيا، وتثير تساؤلات بشأن كيفية التغلب عليها. وقال كريم هاس المحلل في مجلس الشؤون الدولية الروسي والمقيم في موسكو “إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه تركيا وروسيا في سبتمبر الماضي كان محكوما عليه بالفشل منذ التوصل إليه”، وأردف مضيفا “كان من الواضح أن الاتفاق لن ينجح منذ البداية”.

ولفت إلى أن موسكو تعلم أنه خلال الوقت الذي كان من المفترض أن تقضي فيه تركيا على هيئة تحرير الشام، ستكون أيضا على خلاف مع واشنطن بشأن شرائها المزمع لنظام إس- 400 الدفاع الصاروخي الروسي.

وقال “الآن، يقترب تاريخ تسليم أول إمدادات من منظومة إس- 400، والوجود الأميركي في سوريا لا يزال قائما كما كان قبل تسعة أشهر.. بالإضافة إلى ذلك، تسيطر هيئة تحرير الشام الآن بشكل كامل تقريبا على محافظة إدلب مقارنة بالسيطرة الجزئية عند التوصل إلى الاتفاق”.

ويعتقد هاس أن موسكو بقصفها الأخير، تشير إلى استعدادها للسماح للحكومة السورية بالسيطرة الكاملة على إدلب، ولكن ببطء وبشكل تدريجي. مع ذلك، فإن هذا الأمر عرضة للتغيير.

وتابع قائلا “إذا غيرت أنقرة رأيها بشأن شراء منظومة الدفاع الصاروخي إس- 400 فمن المحتمل أن يكون أول رد روسي على مثل هذا القرار هو الإسراع في عملية إدلب”.

إيران تدخل على الخط

يشك هاس في أن روسيا ستعرض على تركيا أي حل وسط بشأن إدلب في المستقبل القريب. وقال “ربما يتعين على تركيا تقديم خطة بديلة بشأن إدلب لتفادي تدفق جديد للاجئين والحيلولة دون وقوع أزمة إنسانية.. وقد تحاول أنقرة الوصول إلى حل وسط جديد لإنشاء منطقة عازلة في شمال إدلب للمدنيين”.

ويمكن أن تدخل إيران على الخط، حيث أشار نادر أوسكوي الزميل البارز في المجلس الأطلسي، إلى أن إيران مستعدة لدعم تحرك الحكومة السورية لاستعادة السيطرة على البلاد بأكملها، مضيفا أن “انتزاع السيطرة على إدلب يمثل أولوية قصوى.. تضع إيران القوات البرية التابعة لفيلق القدس تحت قيادتها لمعركة حاسمة على إدلب”.

ويمثل فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، والذي أثبت فعاليته في مساعدة حكومة الأسد على النجاة من الصراع السوري. ومع ذلك، ستظل إيران وسوريا بحاجة إلى دعم روسي قوي، وربما تعاون تركي، من أجل انتزاع السيطرة على إدلب.

وقال أوسكوي “للحفاظ على الدعم الروسي واسترضاء أنقرة، قد تكون إيران مستعدة لقبول منطقة أمنية تركية واسعة على طول الحدود الشمالية بدلا من تعاون أنقرة في سحب القوات تحت قيادتها”.

لكن، تواجه إيران مشكلات اقتصادية نتيجة للعقوبات الأميركية، في حين تم تقويض فيلق القدس من قبل الولايات المتحدة التي وضعت الحرس الثوري على قائمتها للجماعات الإرهابية، ما يعني أن إيران الحلقة الأضعف. ويؤكد على ذلك أوسكوي بقوله إن “تركيا وروسيا في وضع أفضل الآن لانتزاع تنازلات من إيران، لم يكن ذلك ممكنا قبل أشهر”.

6