لماذا لم يتمكن دافنشي من إنهاء أغلب أعماله

طبيب نفسي يتعمّق في لوحات الرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي بعد مرور خمسة قرون على وفاته، ويرفع الستار عن احتمال أن يكون مصابا بمتلازمة فرط الحركة ونقص الانتباه.
السبت 2019/05/25
متلازمة فرط الحركة لا تنفي العبقرية

لندن – تُظهر مجموعة من أعمال عبقري عصر النهضة الرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي الرائعة وغير المكتملة أنه ربما عانى نوعا من اضطرابات قصور الانتباه التي باتت مألوفة في العصر الحديث.

هذه هي وجهة نظر أستاذ الطب النفسي ماركو كاتاني الذي يعتقد أن متلازمة فرط الحركة ونقص الانتباه تفسر تأجيل دافنشي المزمن لاستكمال أعماله وقدراته الإبداعية سواء في مجال الفنون أو في مجال العلوم.

وقال كاتاني الأستاذ في كينجز كوليدج بلندن “أنا واثق من أن متلازمة فرط الحركة وقصور الانتباه هي الفرضية الأكثر إقناعا والأجدر بالتصديق من الناحية العلمية لتفسير الصعوبة التي كان يجدها ليوناردو في إكمال أعماله”. حتى لوحة الموناليزا أشهر أعمال الرسام الإيطالي غير مكتملة.

واضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه معروف بين الأطفال، لكن يتزايد الآن تشخيص إصابة بالغين به ومنهم أشخاص ينعمون بحياة مهنية ناجحة. ومن بين الأعراض عدم القدرة على استكمال المهام وشرود الذهن والنشاط العقلي المفرط والحركة البدنية الزائدة.

وطرح كاتاني فرضيته في دورية “برين” وقال إن سجلات تاريخية تظهر أن الصعوبة التي واجهها دافنشي في إتمام المهام لازمته منذ الطفولة.

وأضاف أن روايات كاتبي السير الذاتية وشخصيات عاصرته تظهر أنه لم يكن يستقر في مكان قط وأنه كان يتنقل عادة من مهمة إلى أخرى.

وعلى غرار كثيرين ممن يعانون متلازمة فرط الحركة وقلة الانتباه، لم يكن دافنشي يحصل إلا على أقل القليل من النوم وكثيرا ما كان يعمل ليلَ نهارَ بلا توقف.

“ليوناردو دافنشي: حياة في الرسم” 
“ليوناردو دافنشي: حياة في الرسم” 

وأفاد كاتاني المتخصص في هذا النوع من الاضطرابات وفي تشريح المخ وعلوم عصر النهضة بأن تحليله وجد أن دافنشي كان يمضي “وقتا طويلا جدا في التخطيط للمشاريع” لكنه كان يفتقر إلى المثابرة.

وتابع “اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه يمكن أن يفسر جوانب من مزاجية ليوناردو وعبقريته الزئبقية الغريبة”.

ولفت إلى أن روايات تاريخية تظهر أيضا أنه كان أعسر وربما كانت لديه سمتان أخريان تميزان من يعانون اضطراب قلة الانتباه وهما عسر القراءة وتركز اللغة في الفص الأيمن من الدماغ.

وأعرب عن أسفه بسبب المفاهيم المغلوطة عن أن المصابين بمتلازمة فرط الحركة ونقص الانتباه هم في العموم أطفال لديهم نزعات تخريبية وأصحاب مستوى ذكاء منخفض وأن “مصيرهم حياة مليئة بالمشاكل”. وعبر عن أمله في أن يسهم تحليله لحالة دافنشي في مكافحة وصم المصابين بهذه المتلازمة ومساعدتهم.

وقال “ليوناردو اعتبر نفسه شخصا فشل في الحياة، وهو أمر غير معقول”، مضيفا “أتمنى أن يبين (هذا النموذج) أن اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه لا يرتبط بانخفاض مستوى الذكاء أو عدم القدرة على الإبداع، وإنما بصعوبة استغلال الملكات الطبيعية”.

وتجدر الإشارة إلى أن رسومات تحضيرية للبعض من أشهر أعمال دافنشي تعرض حاليا أمام الجمهور في قصر بكنجهام البريطاني ضمن ما يوصف بأنه أكبر عرض لأعمال الفنان الشهير منذ أكثر من 65 عاما، وذلك بمناسبة مرور 500 عام على وفاته.

وقال مارتن كليتون القائم على معرض “ليوناردو دافنشي: حياة في الرسم”  “تظهر الرسوم أن ليوناردو كان ممارسا يعتد به للنحت والعمارة والهندسة وعالما في مجالات مختلفة”.

24