قادة الاتحاد الأوروبي يجتمعون في رومانيا لرسم خارطة المستقبل

سيبيو (رومانيا) – سيطرت على خطابات القادة الأوروبيين خلال اجتماعهم في مدينة سيبيو الرومانية -وهو اجتماع لوضع رؤية إستراتيجية مستقبلية ولرسم خارطة استشرافية بعد خروج بريطانيا من التكتل- نبرةُ قلق على مستقبل الوحدة الأوروبية.
واتفقت أغلب الرؤى على أن أوروبا تحتاج إلى إجراء مراجعات واستيعاب المتغيرات الحاصلة حتى تتفادى الانقسام، خاصة وأنه من المتوقع أن تجلب الانتخابات البرلمانية الأوروبية زيادة الدعم للأحزاب المشككة في الاتحاد الأوروبي.
وجدد الرئيس الفرنسي ماكرون -وهو أحد آخر الأصوات الليبرالية الداعية إلى المزيد من الاندماج الأوروبي- حديثه عن نهضة جديدة لأوروبا، مشيرا إلى أنها “تحتاج إلى تجديد نفسها أو مواجهة السقوط”. وقال ماكرون إن على الاتحاد الأوروبي التركيز على قضايا المناخ والأمن والنمو بعد الانتخابات التي تجري على مستوى القارة في غضون أسبوعين أو مواجهة السقوط.
وتأتي القمة، التي جمعت قادة جميع الدول الأعضاء باستثناء بريطانيا، تحت عنوان “يوم أوروبا” بعد 15 عاما من توسع الاتحاد الأوروبي شرقا. ومع تحديد موعد انتخابات البرلمان الأوروبي في الفترة ما بين 23 و26 مايو، يؤكد زعماء الدول الأوروبية على أن هدفهم البقاء متحدين على الرغم من الأضرار التي خلفها
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فضلا عن بدء الخطوات الأولى لتعيين أهم المناصب في التكتل في وقت لاحق من هذا العام.
ويتزامن قرار بريطانيا مغادرة الاتحاد الأوروبي (إذا ما حدث ذلك) مع التحولات الجيواستراتيجية الأساسية التي ستؤثر تأثيرا عميقا في مستقبل أوروبا.
وسيكون لألمانيا وفرنسا دور حاسم في تشكيل هذا المستقبل. وقال ماكرون ”خلال 15 يوما، سيختار حوالي 400 مليون أوروبي بين مشروعين أحدهما لبناء أوروبا بشكل أقوى والآخر لتدمير أوروبا وتفكيكها والعودة إلى القومية”.
وأضاف في تصريحات للصحافيين نحتاج الآن إلى التحرك بشكل أسرع وبالمزيد من التصميم من أجل النهضة الأوروبية”. وتابع قائلا، في خطاب يبدو أقرب إلى الحملة الانتخابية، “المناخ وحماية الحدود ونموذج للنمو ونموذج اجتماعي … هو ما أريده حقا للسنوات القادمة”.
وتحدثت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بلهجة تحذيرية مماثلة لكن بطريقة أهدأ، داعية الاتحاد الأوروبي إلى الوحدة والتكاتف كي يتسنى له الصمود أمام المنافسة العالمية. وقالت ميركل في مستهل القمة الأوروبية “العالم لا ينام… يجب أن نكون مبتكرين، يجب أن نكون أقوياء، يجب أن نكون متحدين. ونحن ندعو إلى ذلك اليوم”. وأضافت أن الأمر يتعلق بإظهار أن الاتحاد الأوروبي قادر على القيام بعمل مشترك، على الرغم من جميع الاختلافات، من أجل ضمان السلم والرخاء.
وكانت ميركل لدى وصولها قد أكدت الأهمية الرمزية التي تكتسيها القمة بعد 30 عاما من التحول في شرق أوروبا، معتبرة أنه على الرغم من جميع الخلافات السياسية، فإن الجميع في الاتحاد الأوروبي على قناعة بأن العمل المشترك يعد أفضل.
وذهب في الاتجاه ذاته خطاب الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، الذي أبدى قلقه من انتكاسة الدول الأوروبية وعودتها مجددا إلى التنافس القومي. وجاءت تصريحات الرئيس الألماني في سياق آخر غير القمة، وهو الزيارة التي أداها إلى سلوفينيا.
وقال شتاينماير في ليوبليانا، خلال لقاء مع الرئيس السلوفيني بوروت باهور، إن أوروبا بحاجة إلى إجراء نقاش حول الطريق الصائب، ولكن بصفتها اتحادا.
وأكد أنه يتعين على المواطنين المشاركة في انتخابات البرلمان الأوروبي من أجل أوروبا قوية ومتحدة.
وفي الوقت ذاته، أشاد الرئيس الألماني بنظيره السلوفيني بصفته سياسيا يعمل بلا كلل لصالح قيم أوروبا، لافتا إلى أن باهور الذي عاد للتو من اجتماع مع دول غرب البلقان يؤيد أيضا المصالحة، وتحقيق المزيد من الاندماج في جنوب شرق أوروبا.