مرض ألزهايمر المخادع: أعراض متشابهة ومتداخلة

"ليت" هو عبارة عن التهاب في الدماغ مرتبط بالعمر، وله نفس أعراض مرض ألزهايمر.
الخميس 2019/05/09
الكثير من أنماط الخرف تنتج عن بروتينات متقلبة
كان الأطباء يشخصون أحد الأمراض العقلية التي تندرج ضمن متلازمة الخرف على أنه مرض ألزهايمر، وللتشابه الشديد في الأعراض، لم يدرك الباحثون أنهم بصدد التعامل مع نوع مختلف غير الذي تعودوا على دراسته وتحليله.

 لندن – تمكن العلماء من اكتشاف نوع جديد من الخرف الذي يعاني منه الملايين من المسنين حول العالم. وتقول مجلة ذا برين جورنال الطبية إن هذا النوع الجديد من المرض، والذي أطلق عليه “ليت”، هو عبارة عن التهاب في الدماغ مرتبط بالعمر، وله نفس أعراض مرض ألزهايمر، لكنه مختلف. وهذا قد يفسر ولو جزئيا سبب فشل علاج الخرف حتى الآن.

تقول أخصائية أمراض الأعصاب في المركز الطبي لجامعة راش في شيكاغو، جولي شنايدر، “ليس كل ما يشبه مرض ألزهايمر هو مرض الزهايمر”.

وتضيف أنه “من بين كل أنواع أمراض الخرف المعروفة، فإن هذا النوع الذي تم تحديده حديثا هو أكثر أنواع ألزهايمر إثارة للانتباه”.

ولكن لم يتضح كم عدد المصابين بهذا المرض، وهو ما حدده فريق دولي من العلماء، في مجلة “برين ألزهايمر”. ويقول الباحث بيتر نيلسون، من جامعة كنتاكي، وهو المؤلف الرئيسي للبحث “قد يكون هناك عدد كبير”. وأطلق على الخرف اسم “ليت”، وهو اختصار تم اختياره جزئيا لأن كبار السن يبدون أكثر عرضة لخطر هذا المرض.

وتجدر الإشارة إلى أن ألزهايمر هو الشكل الأكثر شيوعا لمرض الخرف، وقد وجد علم التشريح علامات ودلائل للمرض داخل الدماغ البشري، وتراكما غير طبيعي لبروتين يسمى الأميلويد، والذي يتشابك مع بروتين آخر يسمى “تاو”. وفي الآونة الأخيرة فقط، طور العلماء عمليات مسح خاصة يمكن أن تقيس هذا التراكم في الأدمغة الحية.

وقالت الأخصائية شنايدر، وهي كبيرة مؤلفي البحث، إن الدراسات التي أجريت على تلك الأشعة وجدت أن حوالي ثلث الأشخاص الذين يعانون من أعراض مرض ألزهايمر يفتقرون إلى تراكم الأميلويد، مما يستبعد الإصابة بالمرض. إذن فما الذي يمكن أن يسبب الخرف في هذه الحالة؟

اتضح أن بروتينا آخر، يسمى “تي.دي.بي 43”، يسري أيضا في الدماغ. وعرف العلماء أنه يتسبب في إحداث نوع آخر مختلف تماما عن الاضطراب، يعرف بمرض “لو غيريغ”. وبعد ذلك، ربطوا تراكم هذا البروتين بتقلص شديد يحدث في منطقة الحصين، وهو مفتاح منطقة الدماغ للتعلم والذاكرة.

السكتات الدماغية البسيطة يمكن أن تؤدي إلى حدوث الخرف، لكن يمكن الوقاية منه بتحكم أفضل في ضغط الدم

وقال نيلسون إن حوالي ربع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 85 عاما لديهم ما يكفي من بروتين “تي.دي.بي 43” بشكل غير طبيعي إلى درجة أنه يؤثر في ذاكرتهم أو قدراتهم على التفكير. وفي الوقت الحالي، يتطلب الأمر عملية تشريح لاكتشاف المرض، حيث تظهر الأعراض مثل أعراض مرض ألزهايمر تماما.

وقال نيلسون “ما هو واضح الآن هو أن الكثير من أنماط الخرف تنتج عن بروتينات متقلبة. اعتدنا على الاعتقاد أنه كان مجرد بروتينين فقط وهما أميلويد وتاو”.

وكانت الخطوة التالية العثور على طرق أفضل لقياس نسبة بروتين “تي.دي.بي 43” غير الطبيعية وتشخيص المرض. وقالت نينا سيلفربيرغ، خبيرة معهد “ناشيونال أنستيتيوت أون آيجينغ” إن “هدفنا النهائي هو وضع الأشخاص المصابين تحت الاختبار”، وهذا هو المفتاح لتطوير العلاج في نهاية المطاف.

ويذكر أن السكتات الدماغية البسيطة يمكن أن تؤدي إلى حدوث ما يسمى بالخرف الوعائي، وهو أمر يعتقد العلماء في المعاهد الوطنية للصحة أنه يمكن الوقاية منه بتحكم أفضل في ضغط الدم.

 ويمكن أن يسبب خرف أجسام ليوي أعراضا تشبه ألزهايمر جنبا إلى جنب مع تراجع القدرة على الحركة ومشكلات أخرى. ويؤدي الخرف الجبهي الصدغي في الكثير من الأحيان إلى حدوث تغييرات في الشخصية ويحدث في عمر صغير، ومع ذلك لا يزال من الممكن تشخيصه بشكل خاطئ.

وقال الباحث والتر كوروشيتز، رئيس المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية في المعهد الوطني للصحة، في اجتماع أخير حول مرض الخرف، إن العديد من المرضى الأكبر سنا ربما يكونون مصابين بأنواع مختلفة من مرض ألزهايمر.

وقالت ماريا كاريو، كبيرة المسؤولين في جمعية مرض ألزهايمر، التي لم تشارك في البحث الجديد، إن البحث الذي صدر حول المرض الناجم عن بروتين “تي.دي.بي 43” يضيف  إلى التعقيدات الخاصة بأعراض المرض.

وأضافت “يجب أن نتعلم المزيد عن كل سبب من أسباب الخرف حتى نتمكن من فهم كيف تبدأ هذه التغيّرات وتتفاعل وتحدث، وكيفية تشخيصها وعلاجها ومنعها من التطور على أفضل وجه”.

وتساعد العلاجات الحالية لمرض ألزهايمر وغيرها من أمراض الخرف على التخفيف من الأعراض مؤقتا، ولكن هناك أسبابا أخرى مهمة للقيام بالتشخيص الدقيق، حيث يمكن أن تتسبب قائمة الأدوية الشائعة المخصصة لكبار السن في تضرر الأشخاص الذين يعانون من خرف أجسام ليوي، على سبيل المثال.

ويمكن أن تساعد معرفة التفاصيل أيضا الأشخاص في التخطيط للعلاج المناسب، لأن بعض أنواع الخرف تزداد سوءا بشكل أسرع من غيرها. لذلك ظهر اهتمام أكبر لتطوير علاجات أفضل للخرف.

حوالي ثلث الأشخاص الذين يعانون من أعراض مرض الزهايمر يفتقرون إلى تراكم الأميلويد، مما يستبعد الإصابة بالمرض
حوالي ثلث الأشخاص الذين يعانون من أعراض مرض ألزهايمر يفتقرون إلى تراكم الأميلويد، مما يستبعد الإصابة بالمرض

إن اختبار علاج يستهدف على سبيل المثال تشابك تاو أو لويحات أميلويد في مرض ألزهايمر لن يجدي إذا كان المريض يعاني من تراكم بروتين “تي.دي.بي 43”. وقال نيلسون “إذا كنت تعاني من خرف في الدماغ، فإن الأمل الوحيد الذي لدينا الآن هو المشاركة في تجربة سريرية لمحاولة إيقافه”. ونقلا عن هيئة الإذاعة البريطانية، قال البروفيسور روبرت هوارد من جامعة كينغز كوليدج في لندن “ربما تكون هذه هي الورقة الأكثر أهمية التي تنشر عن الخرف خلال السنوات الخمس الماضية”. وأضاف “لن تكون لتجارب العلاج بالعقاقير المصممة للعمل ضد مرض الزهايمر أي فعالية ضد مرض الخرف ليت وهذا سيؤثر على اختيار المشاركين في التجارب المستقبلية”.

وقالت البروفيسورة تارا سبيرز جونز، الخبيرة في مرض الخرف بجامعة إدنبرة “هذه الورقة مهمة لأننا نعرف أن أعراض الخرف يمكن أن تتسبب فيها العديد من الأمراض الكامنة، ومن الضروري فهم مسببات الأمراض من أجل تطوير علاجات تتناسب معها”.

وأوضح الخبير جيمس بيكيت، من جمعية ألزهايمر، أن هذا الاكتشاف كان “الخطوة الأولى نحو تشخيصٍ أكثر دقة وعلاج أكثر تخصصا لمرض الخرف”.

بينما أكدت الباحثة كارول روتليدج من مركز أبحاث ألزهايمر، على أنه لا يمكن للأطباء تشخيص المرض في العيادة. ويعمل الباحثون على إيجاد فحوص تشخيصية وعلاجات موجهة لأنواع مختلفة من الخرف.

17