شركات سبر الآراء.. تستطلع اهتمامات الناخب أم توجّهها

الشركات المعنية بكشف توجهات الرأي العام باتت مُتّهمة بمحاولة جر الناخبين نحو الاقتناع ببرنامج سياسي محدّد أو بشخصية مرشحة لخوض الانتخابات على حساب أخرى.
الثلاثاء 2019/05/07
شركات سبر الآراء في قفص الاتهام

تونس - تستعد العديد من بلدان العالم لإجراء انتخابات مختلفة تشريعية كانت أو محلية أو رئاسية، وسط جدل مزمن ومتواصل حول ما تقدمّه شركات سبر الآراء من نتائج تخص نوايا تصويت شرائح وطبقات مختلفة من المجتمع.

إن إثبات العديد من التجارب السابقة، تعمّد شركات استطلاع الرأي الانحياز أو الاصطفاف وراء جهة أو شخصية سياسية معيّنة يستدعي اليوم الوقوف عند طبيعة هذه الشركات ودوافعها وخاصة من يموّلها، ودفع بالتونسيين مؤخرا إلى التساؤل حول مدى مصداقية استطلاعات الرأي وخاصة حول التزامها بالضوابط المهنية والعلمية التي تؤطرها وتجعلها تقدم نتائج بهوامش أخطاء ضعيفة خاصة وأن هذه المؤسسات تشتغل منذ ثورة يناير 2011 دون إطار قانوني يجعلها محل رضى مختلف مكونات المجتمع والطبقة السياسية.

وهذه المسألة الشائكة، التي تُثار قبل أشهر فقط من إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس، باتت تشغل فئات مختلفة من البلد السائر نحو استكمال الانتقال الديمقراطي، ما دفع بشريحة واسعة من السياسيين ومنهم الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، إلى التشكيك في عمل ونتائج الاستطلاعات التي تقدمها شركات سبر الآراء من أسبوع إلى آخر قبيل محطات انتخابية هامة في تاريخ البلاد.

كل هذا اللّغط يدفع وجوبا إلى تناول المسألة من زاوية هل تعكس استطلاعات الرأي فعلا التوجّهات الحقيقية للناخبين، أم أن المسألة تظل وقتية وترتبط ارتباطا وثيقا بالمرحلة التي أجري فيها الاستطلاع؟ وهل فعلا تحوّلت شركات سبر الآراء من فاعل هام يستطلع الآراء والاهتمامات بطريقة علمية ومحايدة إلى شركات ينحصر دورها في صناعة المواقف وتوجيهها خدمة لأجندات وأطراف بعينها على حساب أخرى؟

هنا تختلف التقييمات، فالمنتصر والمتصدر لنوايا التصويت يتجنّد للدفاع عن استطلاعات الرأي وعمّن يُشرف على إعدادها بتعلة أنهما جزء لا يتجزأ من مبادئ اللعبة الديمقراطية منذ عقود وعلى اعتبار أن أعمالهما تقتصر فقط على كشف توجهات الناخبين وميولهم السياسية.

وعلى الطرف النقيض، تشكّك مواقف أخرى في نوايا شركات سبر الآراء أكثر من نوايا التصويت التي تصدّرها من أسبوع إلى آخر، حيث باتت الشركات المعنية بكشف توجهات الرأي العام مُتّهمة بمحاولة جر الناخبين نحو الاقتناع ببرنامج سياسي محدّد أو بشخصية مرشحة لخوض الانتخابات على حساب أخرى.

ورغم التقاليد الراسخة لشركات سبر الآراء التي لازمت أعتى الديمقراطيات منذ عقود خلت، إلا أن وقوعها خلال تجارب أو حالات سابقة في هامش خطأ خطير عند تقديم ما توصلت إليه من نتائج جعلها في أكثر من مرة في قفص الاتهام بل وباتت تُقدّم على أنها من أكثر العوامل التي تُفسد الحياة الديمقراطية.

اقرأ أيضا:

شركات سبر الآراء.. التشكيك في الأرقام أسهل ما يفعله الفرقاء السياسيون

شركات سبر الآراء.. التوجيه المسيّس للناخب أكبر طعنة للديمقراطية

12