التطور التكنولوجي يهب الحياة للإنسان

شركات التكنولوجيا تسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو لتخزين البيانات الشخصية لتتم برمجتها داخل رقائق مثبتة في دماغ الشخص المتوفى.
الاثنين 2019/04/29
طائرات إسعاف دون طيار ترفع فرص النجاة من النوبات القلبية

لندن – وصلت التقنيات الحديثة إلى كل المجالات دون استثناء، وبفضل التطور التكنولوجي الذي يبدو أن لا حدود يقف عندها أصبح المستحيل مجرد كلمة أفرغت من كل التصورات الميتافيزيقية المحيطة بها.

أصبحت التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من حياة الإنسان فإلى جانب كل الإمكانيات التي توفرها لتسهل حياته اليومية وتضمن له أسلوب عيش صحي وتحسن جودة الأداء الوظيفي وتضمن له وضعا صحيا جيدا أو تحكما أكبر في الأمراض وانتشارها، فهي باتت خيارا لصنع الحياة.

وبفضل التكنولوجيا أصبح الحديث ممكنا عن صنع حياة جديدة أو إعادة الحياة إلى شخص متوف أو حتى مجرد الاقتراب من احتمالات تحقيق تقدم في هذا الشأن.

هذه الحقيقة أثبتتها دراسات عديدة وآليات وتقنيات مختلفة خلال السنوات الأخيرة، ويبدو أن المستقبل يخفي مفاجآت في ما يتعلق بقدرة التكنولوجيا على صنع الحياة.

وقد تبدو التكنولوجيا في البعض من أهدافها ونتائجها أنها فن تحويل الأحلام إلى حقيقة، إذ تسابق الزمن لتحقيق فكرة إعادة الموتى إلى الحياة في الواقع.

ويعمل باحثون من جامعة يال الأميركية على إعادة بعض الوظائف العصبية إلى أدمغة خنازير برية كانت قد نفقت قبل ساعات، محققين نجاحا أوليا للتجربة.

ونشرت مجلة “نيتشر” نتائج الدراسة الجديدة التي استخدم في إطارها الباحثون 32 دماغا مأخوذا من خنازير برية نفقت قبل أربع ساعات. وضخّوا فيها بواسطة نظام “براين اكس” سائلا خاصا لمدة ستّ ساعات وسط حرارة تساوي تلك التي يتمتّع بها الجسم (37 درجة).

وهذا السائل الشبيهة مواصفاته بالدمّ يزوّد الأنسجة بالأكسجين ليحميها من التدهور الناجم عن توقّف سيلان الدمّ. وأدّت هذه التجرية إلى الحدّ من تلف خلايا الدماغ والحفاظ على بعض الوظائف، فضلا عن إنعاش نشاط عصبي.

وبحسب الباحثين، قد تساعد هذه النتائج على فهم أفضل لآلية عمل الدماغ من خلال دراسته قبل تلفه. وكذلك قد تمهّد الطريق لتقنيات تتيح الحفاظ عليه بعد أزمة قلبية مثلا.

وفي المستقبل البعيد قد تساعد نظريا على إحياء دماغ ميت، لكن هذا التصوّر لا يزال حتى الساعة ضربا من الخيال.

وفكرة إعادة الموتى إلى الحياة تراود الباحثين وشركات التكنولوجيا منذ سنوات، وكانت شركة “هيوماي” الأميركية قد أعلنت في العام 2015 أنها تعتزم تطوير تقنية ذكاء اصطناعي تمكن من إحياء الموتى خلال 30 عاما.

وقال جوش بوكانيغرا مؤسس الشركة إن شركته تسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو لتخزين البيانات الخاصة بالشخص المتوفى والتي تتضمن طريقة التحدث والأنماط السلوكية، وعمليات التفكير ومعلومات حول كيفية عمل وظائف جسم الإنسان وبعد تحليل البيانات تتم برمجتها داخل أجهزة الاستشعار والرقائق المثبتة في دماغ الإنسان المتوفى.

بفضل التكنولوجيا أصبح الحديث ممكنا عن صنع حياة جديدة أو إعادة الحياة إلى شخص متوف أو حتى مجرد الاقتراب من احتمالات تحقيق تقدم في هذا الشأن

ولم يتم الإعلان عن تكلفة هذه العملية. وأوضح الباحثون أن هذه التقنية تستخدم أيضا تكنولوجيا الاستنساخ، ليتمكنوا من استعادة خلايا دماغ الشخص المتوفى الذي يجري استنساخه أثناء نضوجه.

وأفاد بوكانيغرا، في تصريح لمجلة “بوبيلور ساينس” الأسترالية، بأنه يعتقد أن الجسم لم يستطع التطور للوصول إلى أفضل الوظائف المحتملة، ولذلك فإن شركته تقدم الخيارات ليس إلّا، فهذه التقنية إذا ما ثبت نجاحها لن تصارع الموت، وإنما ستجعله خيارا.

كما حققت عمليات التلقيح الاصطناعي حلم الكثير من الآباء والأمهات في إنجاب أطفال بعد أن كانوا قد فقدوا الأمل من ذلك بسبب عقم أحدهما. هذه التقنيات المتطورة تساعد في عمليات التخصيب والحمل مما تعد واحدة من أبرز ميزات التطور التقني في العصر الحالي.

ويحدث التلقيح الاصطناعي سواء داخل الرحم أو خارجه بحسب طبيعة العقم ونوعه. ومثّل التلقيح الاصطناعي خارج الرحم ومن بينها عمليات طفل الأنبوب والحقن المجهري حيث تتم عملية إخصاب البويضة في المختبر ثورة في مجال علاج العقم عندما تم تطبيق هذه التقنية لأول مرة في العام 1978.

ومنذ ذلك الوقت أصبحت هذه التقنية أكثر شعبية، ولا يزال الباحثون يعملون على آليات جديدة لتطويرها وجعلها أكثر نجاعة من أجل تحسين عملية التلقيح الصناعي، لتجنب العيوب الخلقية ولتكوين أطفال أصحاء يعيشون بشكل أكثر صحة.

وفي نفس سياق منح الحياة، تم اكتشاف أدوية وعلاجات جديدة للكثير من الأمراض التي كانت في الماضي توصف بالمميتة أو المستعصية على الطب.

وبالإضافة إلى ذلك منحت التكنولوجيا فرصة للكثير من البلدان لمحاربة أفضل للأمراض المنتشرة بها، ففي الأيام الماضية دشنت غانا الدولة الواقعة في غرب أفريقيا أكبر شبكة في العالم لتوصيل أدوية ولقاحات مطلوبة على نحو عاجل باستخدام طائرات دون طيار، ووفق خبراء من المتوقع أن تزود هذه الطائرات المسيرة 12 مليون شخص باللقاحات والأدوية المنقذة للحياة.

وخلال تدشين الخدمة الجديدة، قال رئيس غانا نانا أكوفو أدو “يجب ألا يموت أي شخص في غانا لأنه لا يستطيع الحصول على الأدوية التي يحتاجها في حالات الطوارئ”، في إشارة إلى أهمية هذه الشبكة على حياة الكثيرين.

وتستخدم الخدمة طائرات دون طيار لتوصيل 148 منتجا من أكياس الدم والأدوية المنقذة للحياة واللقاحات، وتديرها شركة “زيبلاين” للروبوتات، ومقرها في منطقة “سيليكون فالي” بولاية كاليفورنيا الأميركي”.

وقبل ذلك وتحديدا في العام 2014، تم إطلاق أول نموذج تجريبي لأول طائرة إسعاف مسيرة في العالم قادرة على نقل جهاز للصدمات الكهربائية في وقت قياسي لمساعدة الأشخاص الذين يصابون بنوبات قلبية.

وقدمت جامعة دلفت في هولندا هذا النموذج المزود بست مراوح يمكن أن تصل سرعته إلى 100 كيلومتر في الساعة، وينقل شحنة بزنة أربعة كيلوغرامات، وهو قادر على التوجه بشكل مستقل إلى هدفه عن طريق تحديد مصدر اتصال الطوارئ واستخدام بيانات نظام التموضع العالمي (جي بي أس).

وأكد مطور هذا النظام، اليك مومونت، البالغ 23 عاما، وهو طالب بلجيكي في الهندسة، في بيان أن “نحو 800 ألف شخص يتعرضون سنويا لنوبات قلبية في الاتحاد الأوروبي و8 بالمئة منهم فقط يبقون على قيد الحياة”.

وأشار البيان إلى أن “طائرة الإسعاف من دون طيار” قادرة على نقل جهاز للصدمات الكهربائية خلال دقيقة واحدة في منطقة قطرها 12 كيلومترا مربعا، ما يرفع فرص النجاة من هذه النوبات القلبية من 8 إلى 80 بالمئة.

من جهة أخرى، ابتكر باحثون من الأكاديمية الصينية للعلوم نموذجا متطورا من أجهزة تنظيم ضربات القلب التي يستخدمها الملايين من الأشخاص. والنموذج الجديد لا يستخدم البطاريات كما أنه يظل صالحا مدى الحياة.

وخلص الباحثون إلى أن النظام الجديد الذي تم تجربته على قردة بالغة لم يؤد فقط إلى تحفيز “فعال” لنشاط القلب، بل عالج أيضا اضطرابات في وتيرة نبضات القلب كما أنه نجح في الوقاية من مضاعفات قد تسبب الوفاة.

وقال أستاذ طب القلب والأوعية الدموية في جامعة شيفيلد تيم تشيكو إن نتائج الدراسة “مشجعة جدا لكن لا تزال هناك بحوث كثيرة يتعين إنجازها قبل استخدامها على البشر”.

12