قطر تحاول احتواء مشكلة الاضطرابات العمّالية

الدوحة - أربكت الاضطرابات، التي لجأت إليها العمالة الأجنبية للدفاع عن حقوقها، السلطات القطرية، خاصة بعد رواج صور المواجهة بين العمال وعناصر الشرطة على نطاق واسع في وسائل الإعلام، ما اضطر الدوحة إلى البحث عن صيغة لاحتوائها، وهو ما جاء على لسان الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، شقيق أمير قطر.
وقال الشيخ خليفة بن حمد في تغريدة له على تويتر إن “الشركات والأيادي العاملة في بلادنا لها حقوق، ومبادئنا تلزمنا أن نعطي أهل الحق حقهم”، وهو من التعاليق النادرة لمسؤولين قطريين على أعلى مستوى بشأن الأوضاع الصعبة للعمال الأجانب، والتي كشفت عنها تقارير المنظمات الحقوقية الدولية ووسائل الإعلام.
ولم ينف شقيق أمير قطر الوقائع، ولم يلجأ إلى نظرية المؤامرة كما دأبت على ذلك وسائل الإعلام القطرية في التعاطي مع التقارير التي تنتقد قطر، وخاصة ما تعلق بأوضاع العمال الأجانب.
وقال الشيخ خليفة “نعم قد تحصل مشكلة أو مطالب في إحدى هذه الشركات، لكن أيضا هناك قانون والكلّ في بلادنا يلتزم به.. ومن له حق فليأخذه بالقانون، وأي تصرف غير منضبط ستتم محاسبته”.
ويكشف هذا الاعتراف، وما تضمنه من إشارات إلى الالتزام بالقانون و”المحاسبة”، أن الدوحة صارت عاجزة عن التغطية على الحقائق أو الهروب إلى الأمام، وأنها تحاول امتصاص التأثيرات الكبيرة لأوضاع العمال بأقل التكاليف مع اقتراب موعد كأس العالم 2022، وتسليط الأضواء على استعداداتها ومدى قدرتها أمنيا ولوجستيا على استضافة تظاهرة عالمية بهذا الحجم.
ومع وصول عمّال منشآت كأس العالم إلى مرحلة اليأس من إيفاء قطر بوعودها للمجتمع الدولي بإنهاء انتهاك حقوقهم وتحسين ظروفهم، أطلق العشرات من العمّال احتجاجات تصدّت لها السلطات القطرية بعنف، فتحوّلت إلى أعمال شغب نجمت عنها خسائر مادية، وفق ما تظهره صور تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي في ظلّ التعتيم الإعلامي الكامل من مختلف وسائل الإعلام القطرية على تلك الأحداث.
ويعزو مراقبون هذا الاحتجاج القوي، الذي أظهرته الصور المتداولة على نطاق واسع، إلى عدم استلام الرواتب وسوء السكن والطعام وانعدام التأمين الصحي وغلاء المعيشة، وأن السلطات القطرية تراهن على عامل الوقت في تنفيذ المشاريع مع اقتراب موعد التظاهرة العالمية بقطع النظر عن أوضاع العمال.
وسخر النشطاء من انصراف قناة الجزيرة القطرية بالكامل عن تلك الأحداث، وهي المعروفة باهتمامها الشديد بأي احتجاجات في الدول الأخرى ودخولها طرفا فيها بالتحريض عليها والعمل على إذكائها.
وقال أحد المغرّدين على تويتر “لم تورد قناة الجريرة خبرا واحدا عما تعرض له العمال من قمع بعد مطالبتهم برواتبهم، ولم يغرد الإخوان ومرتزقة قطر دعما للعمال المساكين، ولم يقم الإعلام الغربي ودكاكين حقوق الإنسان بالوقوف معهم”، وقال آخر إنّ “قطر ذهبت أموالها للإرهاب وصناعته”.
وواجهت قطر طيلة السنوات الماضية عاصفة من الانتقادات الحادة بسبب رواج تقارير عن مواجهة العمال الوافدين والمشتغلين في إقامة منشآت كأس العالم أوضاعا صعبة. ووصل الأمر إلى وفاة أعداد منهم جراء تلك الأوضاع.
وقابلت قطر تلك الانتقادات أول الأمر بنفي اضطهاد العمال بشكل منهجي، لكنها أقرت بوجوب إدخال إصلاحات على قوانين العمل دون أن تمر عمليا إلى تنفيذ تلك الإصلاحات، خاصة أن المنظمات الدولية المعنية لم تتابع نتائج تحقيقاتها ولم تسع إلى الضغط على الدوحة بتحويل معاناة العمالة إلى قضية رأي عام ومتابعتها لدى القضاء.
وكشفت تقارير ذات مصداقية أن 964 عاملا من نيبال والهند وبنغلاديش توفوا أثناء عيشهم وعملهم في قطر، وأن الكثير من العمال أصيبوا في حوادث أثناء العمل، وبعضهم كانوا غير قادرين على مغادرة البلاد لأن جوازات سفرهم ليست بحوزتهم ولأنهم لا يتمتعون بتأمين صحي.
كما أوضحت تلك التقارير أن أعدادا ضخمة من العمالة الوافدة تكدح في الحرّ القائظ صيفا بأجور زهيدة.
وأعلنت قطر في 2017 عن اتفاقية تعاون لـ3 سنوات مع منظمة العمل الدولية بهدف إصلاح وتحسين ظروف العمّال المهاجرين بما في ذلك نظام الكفالة، وهي إجراءات ظلت حبرا على ورق، وعلى العكس فقد فتحت الأعين على سجل قطر في المراوغة والالتفاف حول الاتفاقيات.