السياسة الخارجية سلاح بايدن لمنافسة ترامب

إثارة قضايا التحرش لم تعد تؤثر في توجهات الناخبين الأميركيين. 
الأربعاء 2019/04/03
حظوظ وافرة

واشنطن – تواصل شريحة واسعة من الأميركيين وخاصة منهم المنتمون إلى الحزب الديمقراطي، المراهنة على جو بايدن نائب الرئيس الأميركي السابق في عهد باراك أوباما الذي يدخل بحظوظ وافرة للمنافسة في الانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2020.

وتلهم سياسات بايدن العديد من المهتمين بقضايا السياسة الخارجية الأميركية التي تتعرّض لانتقاد واسع في عهد الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب خاصة في منطقة الشرق الأوسط عقب إعلانه عزم سحب قوات بلاده من سوريا وأفغانستان أو إقدامه على التفاوض مع حركة طالبان.

وبرز طموح جو بايدن إلى العلن بشأن منافسة ترامب في انتخابات 2020، حين بدا عازما على خوض هذه التجربة بعد تصريحات له أثناء اجتماع مع عدد من أعضاء وقيادات الحزب الديمقراطي.

وجاء ما بدا وكأنه زلة لسان حول نيته الترشح للرئاسة أثناء خطاب ألقاه بايدن أمام حوالي ألف من أعضاء الحزب الديمقراطي في مسقط رأسه في ولاية ديلاوير الأميركية.

ويُعد بايدن، وفق المراقبين للسياسة الأميركية، أحد أهم المرشحين للسباق نحو البيت الأبيض الذين تبنوا فلسفة سياسية خارجية أثبتت جدواها.

لكن بايدن، ومثل ترامب، يقع الآن في ورطة تلاحقه وهي الاتهامات المتكررة له بالضلوع في عمليات تحرش قد تفقده شعبيته ومصداقيته، فبعد أن اتهمته امرأة بالاتصال الجسدي غير المستحب، أطلّت امرأة أخرى من ولاية كونيتيكت لتقول إن جو بايدن لمسها بشكل غير لائق ومسح أنفه في أنفها خلال حملة سياسية لجمع التبرعات عام 2009.

ووفق تقرير لـمجلة “فورين بوليسي” الأميركية، فإن بايدن أقر بأن اتهامات المرأة الأولى توقعه في ورطة، خصوصا أن ذلك يتزامن مع حملة “أنا أيضا” المناهضة لهذه السلوكات والتي أطاحت بمستقبل العديد من السياسيين الأميركيين مثل السيناتور الديمقراطي السابق آل فرانكين، منذ إطلاقها سنة 2017.

Thumbnail

في هذا الصدد، بات من المستبعد أن تعرقل مثل هذه القضايا المثارة ضد جو بايدن طريق وصوله إلى البيت الأبيض بالنظر إلى التاريخ الحافل للرئيس ترامب الذي أثيرت ضده هو الآخر عدة قضايا تحرش قبل الوصول إلى الحكم لكنه نجح في المعركة الانتخابية.

لكن الصعوبة التي قد تعترض نائب الرئيس الأميركي السابق تكمن في كثرة المرشحين لمنافسة ترامب من الحزب الديمقراطي وخاصة أهمية مكانتهم في المشهد السياسي داخل العائلة الديمقراطية.

ويكشف تقرير “فورين بوليسي” أن عددا من الديمقراطيين أكدوا رغبتهم في منافسة ترامب عام 2020، ومنهم كامالا هاريس، وهي أول امرأة سمراء البشرة تعلن ترشحها للرئاسة، عرفت بحزمها الشديد في قضايا تهريب المخدرات والعنف الجنسي، علاوة على الديمقراطي بيتو أوروك.

كما أن المدعية العامة السابقة وعضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية مينيسوتا، إيمي كلوبوشار، أعلنت رغبتها في الترشح للانتخابات. يضاف إلى كل هذه الأسماء السناتور من نيوجيرسي كوري بوكر. كما أعلن كل من كيرستن غيليبراند وإليزابيث وارن والليبرالي بيرني ساندرز.

لكن ما يرجح كفة بايدن داخل المعسكر الديمقراطي هو إتقانه إنتاج مضامين السياسات الخارجية وذلك على عكس بقية المرشحين الذين لم يركزوا خطاباتهم على مستقبل السياسة الخارجية الأميركية.

بايدن يرى أن حركة طالبان ليست عدوا لواشنطن، ويمكن التعايش مع أفغانستان تحكمها طالبان، إلا إذا سمحت للقاعدة بشن هجمات على الولايات المتحدة

ويمكن تحليل سياسة جو بايدن بفضل مسيرته السياسية، فقد نشرت مجلة نيويورك تايمز ملفا عنه قبل 10 سنوات، عندما كان نائبا لأوباما، بدا فيه أنه يفهم هذا التوتر جيدا ويجمع بين تقييم واقعي للعالم كما هو والالتزام بالمبدأ. وتضعه سياساته ضمن المرشحين الذين يجمعون بين المثالية والواقعية، وهي من الخصال النادرة في ساحة الولايات المتحدة السياسية اليوم.

ويمارس بايدن البالغ من العمر 76 عاما السياسة الخارجية منذ فوزه بمقعد في مجلس الشيوخ سنة 1972 ليصبح سادس أصغر سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة.

ومن أهم مواقفه أنه عارض حرب فيتنام لأنه اعتقد أنها لن تنجح. لكن، وبعد عشرين عاما، كان من أوائل المتحمسين للتدخل العسكري في البوسنة.

ومن أهم الشعارات التي يرفعها تقوم على قوله “إما أن تشجب السلوك وتقطع العلاقات وإما أن تتجاهل السلوك وتعزز علاقاتك، ولكن لا تتوقع منا أن نظل صامتين”.

Thumbnail

وفي الوقت الذي كان فيه كبار المسؤولين الأميركيين يستعدون للتفاوض على صفقة سلام مع طالبان، صرح بايدن بأن حركة طالبان ليست عدوا لواشنطن، إلا إذا سمحت لتنظيم القاعدة بشن هجمات على الولايات المتحدة. وأكد أنهم قادرون على التعايش مع أفغانستان تحكمها طالبان. وتحاول إدارة ترامب العمل مع طالبان لإبعاد تنظيم القاعدة ثم الانسحاب.

ويؤكد المراقبون أن بايدن كان محقا بشأن عدم جدوى مكافحة التمرد. ملمح آخر يؤكد وفق العديد من المتابعين خبرة بايدن في صياغة تصورات للسياسة الخارجية، فعندما كان عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير، اقترح تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق للشيعة والسنة والأكراد، وحذر من أن العراق سيدخل في صراع طائفي سيزعزع استقرار المنطقة، إذا لم ينفّذ المخطط التقسيمي. وتجاهل آنذاك الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش خطة بايدن، ثم تحقق ما حذر منه، فقد واجه العراق استيلاء متشددين على عدد من مدنه.

لكن ما يعترض بايدن، الذي ينحدر من الحقبة التي اعتقد فيها الأميركيون أن بإمكانهم رؤية الآفاق الأبعد لأنهم كانوا في أعلى الهرم، من صعوبات أن الولايات المتحدة لم تعد القوة الوحيدة في العالم، بل أصبحت بدورها تحارب للحفاظ على موقعها كما هو. وسيتعين على الرئيس الأميركي القادم مواجهة خليط من مشاكل القرن الحادي والعشرين مثل تغير المناخ والهجرة، ومشاكل التنافس بين القوى العظمى الممتدة من القرن العشرين والقرن التاسع عشر، ومن المتوقع أن تبرز اختلافات بين الرؤساء الأميركيين الذين سيحاولون مواصلة الدفاع عن المؤسسات الدولية  التي تطورت عبر الولايات السابقة.

6