العطش هدية الثورة الليبية لأهالي الزنتان

مشروع ربط الزنتان بمنظومة النهر الصناعي توقف عام 2010، والمعدات لا تزال في مكانها في ظل تذمر السكان من إهمال المؤسسات العامة.
الأربعاء 2019/04/03
كانت مشروعا من النهر الصناعي

الزنتان (ليبيا) – يتنقل عبدالله الرماح بين المئات من أنابيب المياه الضخمة المعدة لمشروع ربط مدينة الزنتان في الغرب الليبي بمنظومة النهر الصناعي، داخل محطة لضخ المياه، ويتحسر على عدم تنفيذ خطة كان من شأنها أن تساهم في حل مشكلة انقطاع مزمنة للمياه.

تقع الزنتان في منطقة جبلية في جنوب غرب البلاد، وكانت من أولى المناطق التي انتفضت ضد الزعيم الليبي معمر القذافي الذي قتل أكتوبر 2011. ولم يكن في الإمكان تنفيذ مشروع إمداد المياه إليها بعد انتفاضة 2011 والفوضى التي تلتها.

ويشكو سكان المدينة الذين يتجاوز عددهم ستين ألفا، كما سكان المناطق المجاورة، اليوم، من إهمال المؤسسات العامة.

وكان يفترض أن تكون الزنتان جزءا من مشروع “النهر الصناعي” الضخم الذي كان يشكل مصدر فخر للقذافي، والقائم على إنشاء قنوات عملاقة تنقل المياه من الآبار الجوفية في الصحراء إلى المدن الساحلية. وتمّ تنفيذ المشروع في مناطق معينة، لكنه لم يصل إلى الزنتان.

ويقول الرماح، مسؤول توزيع المياه ببلدية الزنتان، وهو يقف خلف خزان مياه إسمنتي يشكل مصدر المياه الوحيد للمدينة، “مشروع ربط الزنتان بمنظومة النهر الصناعي توقف عام 2010، وهذه المعدات لا تزال في مكانها في انتظار استئناف العمل فيه”.

وقرب الخزان العمودي الذي يبلغ ارتفاعه العشرات من الأمتار، تصل شاحنات صهاريج لتعبئة المياه ثم تغادر لتوزيعها على السكان.

ويؤكد سائق أحد الصهاريج “نقوم بنقل ثمانية صهاريج يوميا، كل عائلة تحتاج شهريا لصهريجين من المياه (20 ألف لتر كل صهريج)، وثمن الصهريج الحكومي الواحد يتراوح بين 20 إلى 40 دينارا”.

ويلجأ البعض إلى خدمات صهاريج خاصة قد يصل سعر الواحد منها إلى ثمانين دينارا (حوالي 57 .50 دولارا أميركيا).

ويضيف، مشيرا إلى المشكلات التي تعاني منها المنطقة، “كل شيء غير موجود”، مؤكدا أن مستوى الخدمات متدن جدا.

غياب شبكة للصرف الصحي تزيد من نسب التلوث في الزنتان
غياب شبكة للصرف الصحي ترفع نسب التلوث في الزنتان

وتقتصر نسبة الذين يستفيدون من خزان المياه الوحيد في الزنتان على خمسين بالمئة من السكان، بينما يلجأ آخرون إلى سائقين منفردين ينقلون حمولات المياه بسعر يبلغ ضعفين أكثر.

ويقول الرماح إن “المشكلة أيضا أن الشبكة وخطوط النقل قديمة متهالكة منذ السبعينات وتحتاج إلى إعادة بناء”. ويلفت إلى غياب شبكة للصرف الصحي قائلا “يتم التخلص من مخلفات الصرف الصحي عبر حقنها في باطن الأرض، وهو ما يهدد شبكة المياه الجوفية”.

وبسبب هذا التلوث، يقول طبيب في المدينة إن هناك حالات إصابة عديدة بمرض الالتهاب الكبدي الفيروسي، خصوصا بين الأطفال.

وفي الزنتان الواقعة على بعد 170 كلم جنوب غرب طرابلس، الشوارع تكاد تكون خالية والمصارف مغلقة، فيما تصطف السيارات في طابور طويل أمام محطات الوقود للتزود بالمحروقات.

ويقول عميد بلدية الزنتان مصطفى الباروني “نتيجة إهمال استمر طيلة 60 عاما، تعاني منطقة الجبل من صعوبات كبيرة جدا بينها شح المياه وغياب الاتصالات الجيدة والخدمات العامة، الأمر الذي تسبب في هجرة العنصر البشري”.

ويقول إن مدينته لا تصلها إلا مبالغ محدودة من المخصصات الحكومية “ولا يتم التوزيع بشكل عادل بين المدن، ما يضطرها إلى الاستدانة من القطاع الخاص لتلبية احتياجاتها”.

ويرى أن “وضع الدولة المالي السيء سببه أن حلقات الفساد وإهدار المال العام متواصلة، في ظل وجود مؤسسات حكومية لا تعمل”. ويتابع عميد بلدية الزنتان “سقف طموحات الليبيين بعد ثورة 17 فبراير كان كبيرا”، مشيرا إلى أن استمرار “التهميش سيدفع بالشباب إلى الانفجار قريبا، الزنتان مازالت مظلومة في حقها من الثروة”.

ويطالب المواطن محمد القرج الحكومة والمنظمات الدولية بتقديم المساعدة. ويقول “مشكلاتنا عامة نقص المياه وغلاء الأسعار”، مضيفا “المياه تمثل حياة يومية ويمكن العيش لأسابيع دون طعام، لكن لا نستطيع الصبر على عدم شرب الماء ليوم واحد”.

ويتطلع سكان المنطقة إلى المؤتمر الوطني الجامع الذي دعت إليه الأمم المتحدة في منتصف أبريل لمحاولة وضع خارطة طريق تخرج ليبيا من أزماتها.

وعلق عميد بلدية الزنتان بهذا الشأن قائلا “الوضع محتقن جدا، وهو أمر دفع جميع الأطراف إلى الاقتناع بضرورة الوصول إلى حل ينهي الأزمة ويحسن الخدمات في المدن”.

20