بريكست يضع الدوري الإنكليزي في مرمى الفرص الضائعة

الدوري الإنكليزي أغنى بطولة لكرة القدم في العالم تعود جاذبية لقدرته على ضم المواهب من أنحاء العالم، وتقييد وصول المواهب الأوروبية الشابة سيضعف مكانته بشكل كبير.
الثلاثاء 2019/03/26
تحت تهديد فقدان حق اللعب في البريميرليغ

لندن - يقترب البريكست من تهديد مكانة الدوري الإنكليزي الممتاز كأغنى بطولة لكرة القدم في العالم، في وقت يقدّم فيه أفضل مواسمه مع بلوغ 4 فرق إنكليزية الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا.

وفي ظل عدم توصل بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق نهائي حول شروط الطلاق، يهيمن الشك على غالبية المؤسسات والشركات البريطانية بشأن ما يمكن أن يحدث بعد انفصال الطرفين.

ورغم مكانته العالمية، يجد الدوري الإنكليزي نفسه في دائرة الشكوك، خاصة أنّ جزءا كبيرا من نجاحه يستند إلى كونه يضمّ خليطا واسعا من اللاعبين والمدربين والمالكين الأجانب.

وتشتعل التكهنات حاليا بشأن الانعكاسات المتوقعة بعد الانفصال الذي كان مقررا يوم الجمعة المقبل، قبل حصول رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على تأجيل مشروط لمدة 3 أسابيع لنيل موافقة البرلمان على اتفاق أو العثور على بديل آخر.

منذ تصويت البريطانيين في يونيو 2016 لصالح الانفصال، تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني إزاء العملات الأجنبية، ورفعت فاتورة شراء اللاعبين من قبل الأندية الإنكليزية من منافسيها الأوروبيين.

ويقول مدرب فريق توتنهام الأرجنتيني ماوريسيو بوكتينو إن ضعف الإسترليني إزاء العملات الأخرى، كان أحد أسباب امتناع فريقه عن تعزيز صفوفه بلاعبين جدد في فترة الانتقالات الصيفية.

وتؤكد شركة ديلويت للتدقيق المالي، أن تراجع قيمة الجنيه كانت من العوامل التي أفقدت مانشستر يونايتد مركز الصدارة بين الأندية الغنية، ودفعته إلى التراجع خلف العملاقين الإسبانيين برشلونة وريال مدريد.

وكان الرئيس السابق لرابطة البريمير ليغ ريتشارد سكودامور قد أبدى قبل الاستفتاء دعمه لبقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، معتبرا أن مغادرة التكتل الأوروبي تتعارض مع التزام الدوري الممتاز بالانفتاح.

ويؤكد مسؤولو الدوري الإنكليزي أن جانبا كبيرا من جاذبيته حول العالم تعود لقدرته على ضم المواهب من أنحاء العالم، وأن تقييد وصول المواهب الأوروبية الشابة سيضعف مكانته بشكل كبير.

وبحسب سايمون شادويك الأكاديمي المتخصص في شؤون الرياضة في جامعة سالفورد البريطانية فإن “الدوري الإنكليزي الممتاز يضم أبرز العلامات التجارية الرياضية وأي خطوات تحد من تدفق المواهب الأجنبية إليه ستؤدي في نهاية المطاف إلى خفض مكانته والإضرار بأفضليته التنافسية”.

وسيجد العديد من اللاعبين الحاملين لجوازات سفر أوروبية، وإن كانوا يمثلون منتخبات أفريقية أو أميركية جنوبية، أنفسهم أمام قيود وشروط أقسى للحصول على إجازة عمل في بريطانيا.

ويحصل اللاعبون الذين لا يحملون جوازات من دول الاتحاد الأوروبي حاليا على إجازة عمل استنادا إلى عوامل عدة، منها عدد المباريات الدولية وبدل الانتقال والأجر المقترح.

ورغم أن تلك الشروط قد لا تؤثر كثيرا على ضم اللاعبين المعروفين، إلا أنها قد تعيق بشكل كبير استقطاب مواهب جديدة لم تحظِ بعد بفرصة البروز.

وكان يمكن لتلك الشروط أن تمنع نادي ليستر سيتي من ضم الفرنسي نغولو كانتي (تشلسي حاليا) والجزائري رياض محرز لاعب مانشستر سيتي حاليا، اللذين انتقلا قبل اكتساب شهرتهما الحالية ومكانتهما على الساحة الدولية.

قبل 3 سنوات قدرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) أن 332 لاعبا من خارج أوروبا في الدرجتين الأولى والثانية في كل من إنكلترا وأسكتلندا، لم يكونوا لينالوا إجازة عمل لأنهم لا يتمتعون بالمعايير المطلوبة.

وتواجه الأندية الإنكليزية احتمال حرمانها من التعاقد مع لاعبين أوروبيين دون عمر 18 عاما بعد خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي. ويمنع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) انتقال اللاعبين دون ذلك العمر من دولة الى أخرى باستثناء الانتقالات التي تتم بين دول الاتحاد الأوروبي. وسمح ذلك الاستثناء على سبيل المثال بانتقال الإسباني سيسك فابريغاس والفرنسي بول بوغبا الى إنكلترا وهما بعمر 16 عاما فقط.

ويرتبط نجاح الدوري الإنكليزي الممتاز بشكل كبير بالأداء الاقتصادي للمملكة المتحدة، رغم العائدات المالية الضخمة التي توفرها عقود البث التلفزيوني الخارجية.

ويخشى مسؤولو رابطة الدوري من أن عقود البث التلفزيوني على المستوى المحلي بلغت ذروتها لجهة الإيرادات المالية، والدليل على ذلك أن الشبكات التلفزيونية تدفع مبالغ أقل لنقل المباريات في الفترة الممتدة بين 2019 و2022، مما كانت الحال عليه في الأعوام الثلاثة السابقة. كما تخشى الأندية من انعكاس سلبي

للبريكست على المستهلكين البريطانيين، ما قد ينعكس سلبا على عائدات التذاكر والهدايا التذكارية.

وفي ظل هذه النقاط السلبية، قد تبرز نقطة إيجابية بالنسبة إلى كرة القدم الإنكليزية في حال فرض قيود على المواهب الأجنبية، من خلال فتح الباب أمام تنمية المواهب المحلية وتعزيز الإقبال عليها. ويشكّل الإنكليز حاليا ما نسبته 30 بالمئة تقريبا من اللاعبين الذين يعتبرون نجوما في الدوري الممتاز. لكنّ المسؤولين يحذّرون من الإفراط في التفاؤل حيال هذه النقطة وتأثيرها “الإيجابي” المفترض على المنتخب الإنكليزي. ويقولون إن الحد من قدوم المواهب الأجنبية سيؤدي إلى خوض اللاعبين الإنكليز منافسات أضعف محليّا.

وكانت رابطة الدوري قد أكدت في نوفمبر الماضي “عدم وجود دليل على أن منح حصة أكبر للإنكليز سينعكس إيجابا على المنتخب الوطني”.

20