خلافات داخلية في ألمانيا بشأن تصدير السلاح للسعودية

برلين - انتقلت الخلافات بشأن تصدير الأسلحة للمملكة العربية السعودية إلى داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا، بعد أن كان الملف ذاته قد وضع برلين في مواجهة مع أكبر شريكين أوروبيين لها؛ باريس ولندن.
واتهمت رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي في ألمانيا، أنيجريت كرامب كارنباور، الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم بتقديم مصالحه الحزبية على التعاون الأوروبي في ما يتعلق بسياسة التسليح.
وانتقدت خليفة المستشارة أنجيلا ميركل في رئاسة الحزب، الاثنين، مطلب الحزب الاشتراكي الديمقراطي بتمديد حظر تصدير أسلحة للسعودية لمدة ستة أشهر أخرى، معتبرة تحديد المدة من جانب الحزب تصرفا منفردا وسابقا لأوانه.
ووصفت كرامب كارنباور المطلب بـ”الأمر الفادح بالنسبة للروح الأوروبية”، معتبرة الأمر بمثابة “وضع للمعايير الحزبية الخاصة في المقدمة إلى أقصى مدى”.
ومن جانبه، أدلى رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري ماركوس زودر خلال مؤتمر صحافي مشترك لطرح برنامج التحالف المسيحي في انتخابات البرلمان الأوروبي بتصريحات مماثلة، موضحا أن تصرف الحزب الاشتراكي الديمقراطي في هذه المسألة مدفوع بمعركته الانتخابية أكثر من كونه اتباعا لقناعته الأساسية.
ويضمّ الائتلاف الحاكم في ألمانيا التحالف المسيحي، المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب البافاري، والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ويعتزم الائتلاف الحاكم أن يقرّر في أمد لا يتجاوز الأحد المقبل ما إذا كان سيجرى تمديد حظر تصدير أسلحة للسعودية.
وكانت الحكومة الألمانية قررت مؤخرا تمديد الحظر الذي فرضته على تصدير أسلحة إلى السعودية لمدة ثلاثة أسابيع أخرى حتى نهاية مارس الجاري. وكان من المقرر في الأساس أن تنتهي مهلة الحظر في التاسع من هذا الشهر.
وهناك انتقادات حادة لهذا القرار في باريس ولندن، حيث يضر القرار بصفقات أسلحة من إنتاج مشترك.
ونُظر إلى قرار التمديد باعتباره مظهرا عن مصاعب تواجهها برلين في إقفال الملف الذي تحوّل إلى ورطة لحكومة المستشارة ميركل الخاضعة لضغوط متقابلة من أطراف سياسية داخلية تزايد بملف حقوق الإنسان في إطار المنافسة الحزبية، ومن دول أوروبية تتهم ألمانيا بعرقلة مصالحها وتهديد مكانتها في سوق السلاح العالمي، باعتبار أن منع بيع السلاح الألماني للسعودية يشمل أسلحة مصنّعة في نطاق شراكة أوروبية، بغض النظر عن حجم المساهمة الألمانية في تصنيع تلك الأسلحة.
وكانت الحكومة الألمانية قد وافقت في نوفمبر الماضي على حظر مبيعات الأسلحة إلى الرياض مستقبلا، كما وافقت على الإيقاف المؤقت لتسليم أسلحة أبرمت صفقات بشأنها في السابق.
وأحدثت هذه القضية انقساما في صفوف الائتلاف الحاكم في ألمانيا، إذ يحرص الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي ينتمي إليه وزير الخارجية هايكو ماس، وهو الشريك الصغير لحزب المحافظين بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، على تجنب فقد المزيد من أصوات الناخبين الذين يساورهم الشك عموما في ما يتعلق بمبيعات الأسلحة والإنفاق العسكري.
وأدى قرار ألمانيا من جانب واحد وقف كل شحنات العتاد العسكري للسعودية إلى دفع خلافات قديمة بين برلين وشركائها الأوروبيين بشأن قيود الأسلحة إلى نقطة الغليان.
وأثار القرار علامة استفهام حول طلبيات عسكرية بالمليارات من بينها صفقة قيمتها عشرة مليارات جنيه إسترليني (13.13 مليار دولار) لبيع 48 مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون للرياض، ودفع بعض شركات مثل إيرباص إلى استبعاد مكونات ألمانية من بعض منتجاتها.
وفي وقت سابق عبّر مصدر حكومي فرنسي عن الغضب من التعاطي الألماني مع موضوع تصدير السلاح بالقول “إنّ مسمارا ألمانيا صغيرا في آلية يسمح برهن بيع سلاح ما”.